لقد قيل الكثير عن الأمهات، كالأقوال والأشعار الأدبية للشعراء، لكن أجمل ما قيل عن الأم في الإسلام يظل هو الأعلى والأولى. ودفنه قذارة بمجرد ولادتها، وسنقدم الدليل على ذلك من خلال الإشارة إلى كل ما قيل عن الأمهات في الإسلام ومكانتهن.

أجمل ما قيل عن الأم في الإسلام

لقد أولى الإسلام أهمية كبيرة واهتماماً كبيراً للوالدين، وجعل إرضاء الأب والأم شكلاً من أشكال إرضاء الله تعالى، ولا سيما الأم التي لها مكانة عظيمة في الدين. كل إنسان في الدنيا يصل إليه إلا ببر والدته وطاعتها ورحمتها.

والمراد بأجمل جملة مما قيل عن الأم في الإسلام ما ذكره الله تعالى من آيات قرآنية عن الأم في كتابه العزيز، وما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم. أحاديث شريفة عن الأم وفضلها ومكانتها. من عند الله وليس من تلقاء نفسه، فإن ما ينطق به عن أهوائه ليس إلا إعلانًا تكون معرفته قوية جدًا.

هناك آيات كثيرة كثيرة تنص على أمر مباشر من الله للمسلمين أن يكونوا لطفاء مع أمهاتهم، وطاعتهم، ولطفهم، ومن هذه الآيات

(وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)

[سورة لقمان، الآيات رقم 14، 15]

(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)

[سورة الأحقاف، الآية رقم 15]

وتعتبر هذه الآيات الشريفة من أجمل ما قيل عن الأم في الإسلام، فلا قول أجمل وأعظم من كلام الله وشهادته. تقريبًا أخرى، ولم تكن قوية في أي من الديانات التوحيدية قبل الإسلام.

أفضل الأمهات في القرآن الكريم

استمرار الحديث عن أجمل ما قيل عن الأم في الإسلام، وتجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من النماذج النسائية للأمهات المذكورة في القرآن الكريم، ومنهن النساء الصالحات والمتقيات، ومنهن من أمهات الأنبياء وزوجاتهم، وكان لهم فضل عظيم ودور عظيم.

ومن بينهن نساء اختاره الله على غير نساء العالمين للقيام بمهمة عظيمة، مثل العذراء مريم عليها السلام التي كرمها الله أن تحمل في بطنها كلمة منه وعن روحه، وهو المسيح صلى الله عليه وسلم، وقد خص بإسمها سورة كاملة في صفحات القرآن الكريم.

(قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ)

[سورة مريم، الآيات 30: 34]

(إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ لقد أصابك الحزن والفتن، فأقمت سنين بين أهل ماديان، ثم أتيت إلى مصير موسى). [سورة طه، الآيات 38: 40]

لولا علم الله تعالى بقيمة المرأة واهتمامه بمشاعرها لما عاد سيدنا موسى عليه السلام إلى أمه التي أوحى الله إياها أن ترميه في البحر ورغم ذلك. قسوة وصعوبة الأمر الإلهي، لكنها أطاعت ربها وامتثلت لأمره، فيكافأها بإعادة ولدها إليها مرة أخرى.

(إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)

[سورة آل عمران، الآيات رقم 35، 36]

أحاديث الرسول عن الأم

مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتيمًا للأم منذ صغره، إلا أن ذلك لم يجعله ينكر مكانتها العظيمة، وأوصى لها بالخير وجعلها حدًا لا يجوز له. على المسلم أن يتعدى عليه أو يتجاوزه، حتى لا يسيء إلى أمه، ولا يرفع صوته أمامها. وقد كرم الأم وأكرمها في كثير من أحاديثه الشريفة، مؤكداً أن طاعة الأم جزء لا يتجزأ من طاعة الله، وهذا من أجمل ما قيل عن الأم في الإسلام.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال من أحق صحبيتي قال أمك. قال ثم من قال ثم أمك. قال ثم من قال ثم أمك. قال ثم من قال ثم أباك. في حديث قتيبة من أحق رحمتي الحسنة من عدم ذكر الناس

رواه أبو هريرة، رواه مسلم، المصدر صحيح مسلم، حديث الحكم صحيح الإسناد.

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال يا نبي الله أي الأعمال أقرب إلى الجنة قال الصلاة في أوقاتها قلت ما يا نبي الله قال الإحسان إلى الوالدين. قلت وماذا يا نبي الله قال الجهاد في الله “.

رواه عبد الله بن مسعود، رواه مسلم، مصدر صحيح مسلم، حديث الحكم صحيح الإسناد.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أنف، ثم أنف، ثم أنف”. قيل مَنْ قال يا رسول الله من أدرك والديه شيخا أحدهما أو كليهما ولم يدخل الجنة.

رواه أبو هريرة، رواه مسلم، المصدر صحيح مسلم، حديث الحكم صحيح الإسناد.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن رضى الله في رضا الوالدين، و إن غضب الله في سخط الوالدين “.

رواه عبد الله بن عمر، ورواه بن حبان، مصدر بلغ المرام، حكم الحديث إسناد صحيح.

وصايا الرسول عن الأم

تضمنت وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم أجمل ما قيل عن الأم في الإسلام، أجمل ما قيل عن الأم في الإسلام. صلى الله عليه وسلم بين صلاحها وطاعتها والوقوف على راحتها، وبين الخروج للجهاد في سبيل الله.

“يا رسولَ اللَّهِ إنِّي كنتُ أردتُ الجِهادَ معَكَ أبتغي بذلِكَ وجْهَ اللَّهِ والدَّارَ الآخرةَ قالَ ويحَكَ أحيَّةٌ أمُّكَ قُلتُ نعَم قالَ ارجَع فبِرَّها ثمَّ أتيتُهُ منَ الجانبِ الآخَرِ فقلتُ يا رسولَ اللَّهِ إنِّي كنتُ أردتُ الجِهادَ معَكَ أبتغي بذلِكَ وجهَ اللَّهِ والدَّارَ الآخرَةَ قالَ وَيحَكَ أحيَّةٌ أمُّكَ قلتُ نعَم قال يا رسول الله ارجع إليها وادع لها. ثم أتيت إليه من أمامه وقلت يا رسول الله إني أردت أن أجاهد معك وجه الله ودار الآخرة.

رواه معاوية بن جحمه السلمي، ورواه الألباني المصدر صحيح بن ماجه، في الحديث صحيح الإسناد.

عن مقدام بن معدي كرب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

“الله يأمركم أن تكونوا أمهاتكم ثلاث مرات، والله تعالى يأمر آبائكم مرتين، والله تعالى يأمركم بأن تكونوا الأقرب ثم الأقرب”.

رواه المقدام بن معدي كرب، ورواه الألباني.

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله إني قد ارتكبت معصية عظيمة أتوب قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لك أبوين قال لا. قال عندك خالة قال نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله صلى الله عليه وسلم

رواه عبد الله بن عمر، ورواه أحمد شاكر، المصدر تخريج المسند شاكر، حكم الحديث صحيح الإسناد.

لا توجد كلمة في العالم وعلى مر العصور عن أي مثال من أجمل ما قيل عن الأم في الإسلام. هذا الدين الحق هو وحده من كرم كل الأمهات أيا كان دينهن، والشكر لهن على التضحيات التي يقمن بها من أجل بناء المجتمع.