أسدل الستار مساء الأحد على المشاورات الوطنية الإلكترونية التي أطلقها الرئيس التونسي قيس سعيد لاستفتاء التونسيين على مصالحهم، فيما أثار هذا التوجه جدلا واسعا حول جدوى الاستفتاء.

في منتصف الشهر الجاري، أطلق سعيد المشاورات الوطنية عبر الإنترنت، والتي ستستمر حتى 20 مارس، موعد استقلال تونس عن فرنسا، وسيتم تجميع المقترحات وتقديمها للاستفتاء في 25 يوليو.

وبلغ عدد المشاركين في الاستشارة 534915 شخصا بنسبة 7 في المائة من عدد التونسيين المشاركين في التصويت في الانتخابات.

وتوزع عدد المشاركين في الاستفتاء على 36210 ذكور و 168.705 اناث. وتتراوح أكثر الفئات العمرية مشاركة بين 30 و 39 سنة بنسبة 25.7٪. أما الدول الأكثر مشاركة فهي تونس الكبرى (تونس وأريانة بن عروس ومنوبة). تليها ولاية صفاقس، والدول الأقل مشاركة في المشاورات هي تطاوين وتوزر وقبيلي.

كما عرفت المشاورة عزوف التونسيين عن المشاركة في الخارج حيث كانت نسبة المشاركة أقل من 2٪ من إجمالي المشاركين.

تضمنت الاستشارات الوطنية 6 ملفات: الشؤون السياسية والانتخابية، الشؤون الاقتصادية والمالية، الصحة وجودة الحياة، الشؤون الاجتماعية، التنمية والانتقال الرقمي، الشؤون التربوية والثقافية، فيما كان للتونسيين 5 اختيارات في كل ملف، تاركا المجال مجانا. التعبير.

وأعلن سعيد، في وقت متأخر من مساء الأحد، انتهاء المشاورات، قائلا إن “أكثر من نصف مليون شاركوا في الاستشارة الإلكترونية، رغم حملات الازدراء والتشويه والعقبات حتى مساء اليوم من قبل الأطراف، وانقطعت المشاركة في هذه العملية الفريدة. من قبل أولئك الذين لم يريدوا أن يعبر الناس عن إرادتهم “.

وأضاف: “لم يجدوا (لم يسمهم) حجة ولا دليل، فكيف يحتقرون ويحتقرون هذا الجهد التاريخي غير المسبوق (في إشارة إلى الاستشارة الإلكترونية)”.

وتابع: “نحن نسعى لتونس جديدة وجمهورية جديدة، ولا شك أن الشعب التونسي بدأ يشق طريقه بثبات نحوها”.

“مشاركة شعبية”

في تعليق، اعتبر المحامي والناشط السياسي فوزي جاب الله أن “العملية المسماة بالمشاورة الوطنية هي عملية احتيال وتشير إلى تشويه معنى المشاركة الشعبية في الخيارات السياسية الوطنية من مشاركة حقيقية وشفافة ومع ضوابط معترف بها دوليا من حيث الرقابة والرقابة.، موضوع إثارة القضايا وإمكانية كل ذلك “. للحصول على معلومات تفصيلية من الجميع … لعملية يشرف عليها جهة غير معروفة، يتم تحديد المحاور والأسئلة من قبل جهة غير معلومة، والإجابات ترد من جهة غير معروفة، والنتائج يعلنها جهة غير معروفة. “

وقال جاب الله لـ “عربي 21”: “في العمق يعبر عن ازدراء واحتقار للمواطن التونسي من خلال اختزال دوره في كونه محلل لما يقرره الحاكم بأمر، على أن يتم التعامل مع المواطن عن بعد بما يمنعه. من تحديد مصالحه بنفسه وتقديم المناهج بنفسه والدفاع عنها بنفسه، فهذا المواطن تحول إلى مجرد رقم مجهول وممنوع من إظهار وجهه أو صوته “.

وتابع: “لا شك أن الدافع الوحيد لهذه العملية يكمن في تقديم مبررات رسمية للغرباء الذين توافدوا للتفاوض بعد الانقلاب بكثرة، ليقبلوا التعامل مع الانقلاب على الرغم من أن العملية تثير ذلك. السخرية حتى الآن “.

“نتائج سيئة”

اعتبر الحزب الجمهوري التونسي، الأحد، أن الاستشارة الشعبية الإلكترونية التي دعا إليها الرئيس قيس سعيد “أسفرت عن نتائج سيئة”.

وقال الحزب في بيان إن “ما يسمى بالمشاورات الوطنية التي تنتهي اليوم، أظهر اتساع الفجوة بين النظام والمجتمع في ظل النتائج السيئة التي نجمت عن ذلك، رغم استغلال قدرات الدولة وتعبئة أجهزتها الإدارية. وأجهزة إعلامية لخدمة هذا المشروع الشخصي الفاشل “.

واضاف ان “الاستشارة تأتي في ظل غياب كل الفكر عن حلول عاجلة لمواجهة الازمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي تهدد بانهيار قيمة الدينار وتفاقم عجز الموازنة وخنق الاستثمار الداخلي والخارجي، وتآكل الميزان المالي والتجاري “.

وتابع: تونس تعيش في ظروف مختلفةوشدد على أنه بعد تعليق الدستور، هيمنة الحكم الفردي، وتفاقم الاعتداء على الحريات العامة والفردية، وتقويض استقلال القضاء، داعيا إلى “إنهاء الوضع الاستثنائي”.

وبحسب سعيد، ستقوم لجنة من خبراء القانون الدستوري في وقت لاحق بترجمة المقترحات إلى مشاريع قوانين، سيتم التصويت عليها في استفتاء شعبي في 25 يوليو.

من خلال هذا الاستفتاء، يعتزم رئيس البلاد تغيير النظامين السياسي والانتخابي، مع تلميحاته السابقة إلى أن “دستور 2014 لم يعد صالحًا، ولا يمكن الاستمرار في تنفيذه لأنه لا يتمتع بالشرعية”، شريطة أن الانتخابات التشريعية المبكرة سوف 17 كانون الأول (ديسمبر) 2022، بناءً على نظام سياسي جديد وقانون انتخابي.

وسبق أن اتهمت الرئاسة جهات لم تسمها بمحاولة إجهاض الاستشارة الإلكترونية، خاصة وأن عدد المشاركين فيها لم يتجاوز (في ذلك الوقت) 244 ألف مشارك.

واعتبر النائب ماهر مذيب أن الاستشارة التي أطلقها الرئيس سعيد هي إهدار للمال العام ولا تفيد التونسيين، مؤكدا أن ذلك يعد خرقا جسيما للقانون.

وقال لـ “عربي 21”: “لا أحد يعلم أو يخبرنا من قام بتحريره أو كتبه. وقد اتهمت أجهزة الدولة بالإنفاق عليه ونشره، وهذا خرق جسيم للقانون، وعلى كل موظف بغض النظر. من منصبه، يتحمل عبء إهدار المال العام في أشياء لا تفيد الناس وإنفاق أموال الدولة في أشياء غير ذلك، وهو ما ينص عليه أي بند من بنود الموازنة العامة للدولة التي تعلنها حكومة الأمر الواقع “.

وأوضح أن “الاستشارة أصبحت، بكل المقاييس، للسيد قيس سعيد، حيث بلغ عدد الذين شاركوا فيها 500 ألف من إجمالي 8.5 مليون تونسي يحق لهم التصويت”.

وتابع: “ربما يستيقظ سعيد من الأوهام التي تدفع ببلدنا لا سمح الله إلى الهاوية وسقوط الدولة”.
واختتم حديثه بالقول: “هذه استشارة تشير وهي جزء من الأجندة الشخصية للسيد قيس سعيد من أجل اكتساب كل قدرات الشعب التونسي”.