أكد مسئول في “الجمعية الشرعية” في مصر، تدهور الأسعار والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد ؛ ودفعت بعض من كان غير معقول منذ سنوات إلى طلب مساعدة مالية أو مساعدة شهرية أو كرتونة رمضانية لطلبها سرًا، مشيرًا بدوره إلى تراجع تبرعات الأغنياء والخيريين عن الأعوام السابقة.

وأوضح مسئول أحد أفرع الجمعية التابعة لوزارة التضامن بمحافظة الشرقية (شمال شرق القاهرة) في حديثه لـ “عربي 21” أنه لكل منطقة في المدن وكل قرية قوائم بالأرامل، أسماء الفقراء والمحتاجين معتمدة ومعروفة منذ سنوات، بالإضافة إلى من هم في نفس الحالة. فقط أولئك الذين ماتوا يتم إزالتهم منه.

“عودة الأوساخ”

وتابع: “لكن هذا العام، وقبل حوالي أسبوعين من حلول شهر رمضان، فوجئت بالكثير من الأشخاص الذين تم إخفاؤهم أمام الناس، وطلبوا إدراج أسمائهم في الدعم الشهري (حوالي 200 جنيه)” (الدولار نحو 18.50 جنيهاً)، وفي أكياس رمضان “نقلاً عنهم قولهم: نفضوا الأوساخ”، في إشارة إلى أوضاعهم المالية الصعبة.

وعن شخصيات من طالبوا بأكياس رمضانية وصفهم بـ “المخفية”، أوضح أن “بعضهم كانوا موظفين وهم الآن في المعاش، إلى جانب نساء من عائلات معروفين بتغطيتهن، ولكنهن مالياً. وقد تدهور الوضع ”، مشيرة إلى أن“ بعض المهندسين المعماريين طلبن مساعدات وأكياس رمضانية بعد تراجع عمل أزواجهن ”.

المسؤول الذي رفض تصوير الحقائب الرمضانية التي يتم تحضيرها، أو حتى ذكر اسمه، رسم جانبا آخر من جوانب الأزمة، مشيرا إلى أنه “قبل رمضان كانت تبرعات فاعلي الخير تصل إليه بمبالغ كبيرة، لكن هذا العام رفضوا بشكل ملحوظ “، وعلق:” الكل يعاني “. الآن، الغني يأتي قبل الفقير، والغني يشتكي مثل الفقير “.

وقال إنهم في فرع الجمعية بحثوا عن “مصادر أخرى لتمويل الحقائب الرمضانية”، وأنه تواصل مع كل من يدفع أموالا لإعداد كرتونة رمضان، موضحا أن “بعضهم قدم اعتذارا، والآخر طلب ذلك”. موعد نهائي لترتيب مبلغ يختلف عما كان عليه الحال في السنوات السابقة “.

وأشار إلى أنه “من أجل تلبية احتياجات الكثيرين” قرر هو وبعض المحسنين “التوجه بشكل غير رسمي لجمع التبرعات من بعض الأثرياء وأعضاء البرلمان وأصحاب المصانع لتعويض النقص في التبرعات”.

وعن جودة أكياس رمضان وتكلفتها هذا العام، أكد أنها “تحتوي على علبة أملا صناعية، وكيسين سكر، وفاصوليا مجففة، و 4 أكياس فول و لوبيا، وكيس أرز بوزن 5 كيلو، وأخرى من التمر، وسعر محتوياته لايقل عن 250 جنيها “.

“لا تتبرع”

وفي هذا السياق، أكد مسؤول في حزب “مستقبل وطن” بإحدى المدن الجديدة، أن “هناك أزمة تواجه فرع الحزب بشأن تبرعات الحقيبة الرمضانية”، مبيناً أن “لديهم طلبات بأسماء. من المحتاجين أكثر بكثير مما تلقوه “.

وأوضح لـ “عربي 21” (رفض الكشف عن اسمه) أن “التبرعات قليلة جدا، مع انسحاب بعض الذين كانوا يتسابقون لتقديمها في السنوات الماضية”، مشيرا إلى أن “التبرعات ربما تكون قد انخفضت بمقدار اكثر من النصف.”

في الوقت الذي ربط فيه قلة التبرعات بعدم إجراء أي انتخابات مقبلة، لكنه أوضح أن “البعض لديهم حسابات خاصة ويفضلون الاحتفاظ بأموالهم”.

“التصنيف والفقر”

أحد الأخصائيين الاجتماعيين السابقين، أرجع قلة التبرعات مقابل طلب المحتاجين لأكياس رمضان إلى سببين: الأول: مخاوف الأغنياء من وضعهم تحت التصنيف الإرهابي من خلال التبرع للجمعيات الخيرية، التهمة التي يحاكم عليها العديد من رجال الأعمال “.

وأشار في مقابلته مع عربي 21 إلى أن “السبب الثاني هو الخوف من كثير من القرارات المقبلة التي قد تؤثر عليهم بسبب قرارات النظام اللامتناهية التي تؤثر على عملهم ومستوى حياتهم”.

اقرأ أيضا:

“تدهور النظام”

وفي تعليقه، قال السكرتير السابق للجنة الإغاثة الإنسانية بنقابة الأطباء الدكتور أشرف عبد الغفار: “لا يخفى على أحد أن الأحوال المعيشية في مصر تزداد سوءًا، وأن الطبقة الوسطى الأكبر تمثل الطبقة الوسطى”. اختفى المصريون ولا يوجد سوى عدد قليل (مقارنة بعموم السكان) من الأغنياء “.

وأشار في حديثه لـ “عربي 21” إلى أن “قراءة المشهد المصري تؤكد أن الطبقة الوسطى قد انحلت تماما وانضمت إلى طبقة الفقراء، وبالتالي فليس من المستغرب أن يكون من لا يبدو محتاجا هم في الواقع فقراء وهم غير قادر على مواجهة صعوبات الحياة وأدنى متطلباتها وهو الغذاء “.

وسأل: “كيف يمكن أن يواجه زيادة كبيرة في الأسعار دون زيادة حقيقية في الدخل؟ هل هناك إذلال أكثر مما هو عليه المصري الآن؟ كيف ينفق على منزله أو كيف يغطي أسرته؟”، مضيفًا: ” اليوم ذهب ليطلب الجمعيات الخيرية سرا وعلانية “.

وعن غياب الحاضنة الشعبية للفقراء، تساءل عبد الغفار: “وأين تجد المتبرعين؟ هم إما من الطبقة الجديدة في نظام السيسي التي لا تهتم بالناس وقد تتغاضى عنهم، أو لديهم أموال حلال ويخافون من أن يستولي عليها النظام، وما هي قصة سطو النظام؟ شركة جهينة والسجن؟ مؤسسها صفوان ثابت بعيد.

وبخصوص نظام العمل الاجتماعي الذي كان قائما منذ عقود وقائم على توفير احتياجات الفقراء وسد عجز الدولة، شددت المدافعة عن حقوق الإنسان المصرية على أنه “اختفى تماما أمام وحشية السلطة وجيشها وشرطتها”.، مشيرة إلى أنه “لم تعد هناك مؤسسات خيرية أو منظمات أهلية فاعلة”.

وختم: “لم تعد هناك قدرة على أداء واجب التكافل الاجتماعي بين الناس، نظرا لحاجة الجميع، فكيف يمد الفقراء يده إلى أخيه المسكين”.

“المواقف الصعبة”

رغم ما تشهده مصر طوال عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي بدأ منتصف عام 2014، فإن أسعار السلع والخدمات وقطاعات الكهرباء والغاز والمياه والأوراق الرسمية والضرائب، مقابل تخفيض الدعم، باتت تتراجع. ارتفاعًا حادًا، مؤخرًا، وفقًا للشكاوى المصرية لـ “عربي 21”.

كان للحرب الروسية الأوكرانية، التي اندلعت في 24 فبراير، أثر سلبي على الأسواق المصرية التي تستورد القمح والزيوت من البلدين، مما أدى إلى تفاقم أسعار جميع المواد الغذائية، بما في ذلك الخبز غير المدعوم والمخبوزات والدواجن واللحوم والأرز، المعكرونة والزيوت والخضروات.

حالة تفاقم الأسعار هذه، تفاقم أثرها بقرار البنك المركزي المصري، بعد اجتماع غير عادي يوم الاثنين الماضي، برفع سعر الفائدة بنسبة 1 في المائة، إلى 9.25 في المائة على الودائع، و 10.25 في المائة على الإقراض.

وفي قرار ثان كان له أكبر الأثر على المصريين، قرر البنك المركزي خفض قيمة الجنيه أمام الدولار بنسبة 17 في المائة، مما رفع سعر الدولار إلى نحو 18.5 جنيه من نحو 15.6 جنيه.

وفي يوم الجمعة الماضي رفعت الحكومة أسعار اسطوانات الغاز للاستخدام المنزلي والتجاري للمرة الثانية في 3 أشهر بنسبة 15.3 بالمئة.

ونتيجة لذلك، ازدادت الأعباء على أكثر من 100 مليون مصري، 60٪ منهم يقعون تحت خط الفقر، وفقًا لتقرير البنك الدولي الصادر في مايو 2019.

ارتفعت أسعار اللحوم والدواجن بنسبة تتراوح بين 10 و 50 بالمائة، بحسب تقارير شعبة الجزارين بالغرفة التجارية بالقاهرة، وانتقل سعر الدواجن من 28 جنيها للكيلو إلى متوسط ​​40 جنيها ومن 120 جنيها للكيلو. بنحو 150 و 180 جنيها وصل سعر الكيلو من اللحوم البلدية.

وارتفعت أسعار الأرز بين 15 و 20 بالمئة، حيث ارتفع سعر طن الأرز من 8 آلاف جنيه إلى 11 ألف جنيه، بحسب شعبة الحاصلات الزراعية بالقاهرة، فيما ارتفع سعر طن المكرونة إلى 10 آلاف جنيه، مقابل 8 آلاف جنيه.

كما ارتفع سعر رغيف الخبز غير المدعوم بنسبة 50 في المائة، حيث ارتفع من 1.25 جنيه إلى 1.5 جنيه للرغيف، فيما ارتفعت أسعار المخبوزات بين 20 و 30 في المائة، مع ارتفاع سعر طن الدقيق. من 9 آلاف جنيه إلي 12 ألف جنيه.

ارتفعت أسعار الأسمنت من ألف جنيه للطن إلى 1500 ثم إلى 1800، وارتفع سعر طن الحديد من 15 ألف جنيه إلى 20 ألفًا ثم إلى نحو 22 ألف جنيه مما تسبب في تراجع أعمال البناء والتشييد و فاقمت حالة البطالة بين العاملين في هذا القطاع.