منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط، لم يتوقف الحديث عن تجنيد سوريين للقتال هناك.

وبحسب مصادر متقاطعة، فقد جندت روسيا حتى الآن مئات المقاتلين من مناطق سيطرة النظام السوري لإرسالهم إلى أوكرانيا، وتحديدا في منطقة “محردة” بريف حماة، حيث تشرف ميليشيات “مسيحية” مدعومة من موسكو على عمليات التجنيد. بالتنسيق مع مجموعة “فاغنر” الروسية.

ويبدو أن روسيا تريد التستر على عمليات التجنيد هذه وتعطيلها، من خلال إثارة أنباء وصول مقاتلي المعارضة إلى أوكرانيا، وهو ما تنفيه مصادر المعارضة بشكل قاطع.

زعمت وكالة أنباء نوفوستي الروسية، الخميس، أن تركيا أرسلت أكثر من 2000 مقاتل سوري معارض إلى أوكرانيا، مدعية أنهم انضموا إلى “الفيلق الدولي” الذي شكلته أوكرانيا.

ورداً على ذلك اعتبر المتحدث الرسمي باسم “الجيش الوطني السوري” الرائد يوسف حمود في حديث خاص لـ “عربي 21” أن ما ذكرته الوكالة الروسية غير صحيح على الإطلاق، مؤكداً أن “المعارضة لم ترسل أي شيء. عنصر للقتال خارج أراضيها “.

لماذا يشارك السوريون في القتال خارج الحدود؟

مقاتل سوري شارك في معارك خارج سوريا قال لـ Arabi21، الذي طلب عدم ذكر اسمه ؛ ما دفعه لقبول القتال خارج سوريا هو الفقر ونقص فرص العمل.

وأكد أنه يعيل أسرة مكونة من 4 أفراد، وبسبب شدة الفقر لم يتمكن من إعالته، مما دفعه إلى قبول فكرة القتال خارج سوريا.

الكثير من الأسباب

من جهتها، عزت مديرة الوحدة المجتمعية في مركز “الحوار السوري” الباحثة كندة حواسلي قبول شريحة محدودة من الشباب السوري للقتال في عمليات عسكرية خارج الحدود لأسباب عديدة نتجت عن الحرب السورية. التي دخلت عقدها الثاني.

وأوضح الباحث في حديث لـ “عربي 21” أن من أهم الأسباب الفقر والعامل الاقتصادي، حيث تعرضت سوريا لدمار واسع لا سيما في البنية التحتية والمنشآت الإنتاجية والصناعية، وهذا يتزامن مع ارتفاع مستوى معدلات الفساد إلى حد كبير، في وقت لا توجد فيه بوادر لإعادة عجلة الاقتصاد.

ومن الأسباب الأخرى انهيار نظام التعليم، وانتشار الظواهر السلبية، ومنها المخدرات، وهي بيئة تعتبر مدمرة لعقول وطاقات المجتمع، مما يؤدي بطبيعة الحال إلى فقدان الشباب بعد فقدان الأمل.

وأشار حواسلي إلى أن القتال خارج الحدود قد يشكل فرصة لبعض الشباب للهروب من الواقع الاقتصادي المتدهور في سوريا، حيث قد يشكل القتال خارج الحدود فرصة للبعض للهجرة بعيدًا عن سوريا.

وأشار الباحث إلى ارتفاع معدلات الهجرة من سوريا خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، ويقول: “يسود وضع مظلم في سوريا، خاصة وأن تكوين أسرة بات حلما بعيد المنال”.

الحسابات السياسية

هناك حسابات سياسية تدفع البعض للقتال خارج الحدود، بحسب حواصلي، الذي أشار إلى أن “السوريين يعانون من انقسام واضح بشأن تدخل أطراف دولية وإقليمية في الشأن الروسي، إذ يقبل بعضهم القتال خارج سوريا من أجل الحرب”. من اجل دعم هذه الاحزاب “.

وأشارت إلى أن البعض يعتقد أن الوقوف إلى جانب روسيا في حرب أوكرانيا، على سبيل المثال، جزء من دعم موسكو للنظام السوري. من ناحية أخرى، قد تعرض مجموعة أخرى التوجه إلى أوكرانيا انتقاما من روسيا وأسلحتها التي قتلت مئات الآلاف من السوريين.

قالت إن تحويل سوريا إلى ساحة صراعات دولية جعل فكرة “الارتزاق” غير مستهجنة لمجموعة من السوريين، لا سيما مع ضعف الانتماء الوطني، حيث التحق كثير من الشباب السوري بتشكيلات (ميليشيات) غير سورية ويخدمون. أجندات أجنبية.

وبعد مراجعة الأسباب، يقول حواسلي: “من المؤسف أن يعتقد الشباب أن القتال خارج سوريا يشكل هروبًا لهم من داخل سوريا، لكنهم يقعون دون وعي في هاوية أخرى، وهي بالتأكيد أكثر صعوبة”.