حكم اكل الأطعمه المشتبهه بالحرام

حكم اكل الأطعمه المشتبهه بالحرام، من الأحكام التي تهم جميع المسلمين والتي تتعلّق بالأمور اليوميّة، فالدّين الإسلامي لم يترك أمرًا في الحياة إلّا ووضع له ضوابط ونظّمه بما يُفيد المسلمين، فقد نظّم الإسلام حياة المسلم من كلّ جوانبها منذ نعمة أظفاره وحتّى مماته، حتّى تكون حياته مستقيمة ومتوازنة كما أرادها الله -عزّ وجل- فلا تشوبها الفوضى ويسودها الجهل، وفي هذا المقال يبيّن موقع المرجع واحدًا من الأحكام التي نظّمت اتّجاهًا معيّنًا وهو الطّعام في حياة المسلم.

حكم اكل الأطعمه المشتبهه بالحرام

إنّ حكم اكل الأطعمه المشتبهه بالحرام لا يجوز أكلها وهي محرّمةٌ قطعًا، والأطعمة المتشبهه بالحرام هي الأطعمة التي تكون في أصلها حلالًا ثم تنقلب لتكون جرامًا لعدّة أسباب، كمخالطتها للطّعام المحرّم على المسلم، فتصبح محرّمة، أو لو اشتبه الحلال بالحرام مع العجز عن تمييز الحلال منهما فيحرم الجميع، فالأصل للمسلم أن يترك الشّكوك ويتّجه نحو المعروف أنّه حلالٌ في الإسلام، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}. [1] فالأصل والله أعلم أن لا يأكل المسلم من الأطعمة المشتبهه بالحرام. [2]

شاهد أيضًا: كل طعام، أو شراب نجس؛ فهو محرم، ومن أمثلته ما يلي

هل يحل أكل الأطعمة المشتبهة بالحرام والأطعمة الحرام

حكم اكل الأطعمة المشتبهه بالحرام لا يجوز لكن يحلّ للمسلم أن يأكل الأطعمة المحرّمة ضمن شروط معيّنة، فيجوز له أكلها عندما يكون مضطّرًّا لذلك، في حالات الخوف والجوع الشديد المؤدّي إلى الهلام وغير ذلك، ورد في كتاب الله قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. [3] فالمضطّر هو من دفعت به الضّرورة لأكل ما حرّم الله، فيبيح له الإسلام أن يأكل ممّا تمذ تحريمه بقدر الحاجة فقط وبقدر ما يسدّ الرّمق ويمنعه من الموت، ولكن ما يُسبب التسمّم والموت فهو لا يجوز أكله حتى للمضطّر والله أعلم. [4]

شاهد أيضًا: هل يجوز اكل الكنغر ، هل اكل الكنغر حلال أم حرام

أصناف من الأطعمة المشتبهه بالحرام

إنّ الطّعام يُقسم في الإسلام لثلاث أقسام رئيسة، طعامٌ مباح وطعام مُحرّم تحريمًا كاملًا، وطعامٌ مُختلط وهو المشتبهه بالحرام، فلو اختلطت الأطعمة المباحة بأيّ شيءٍّ محرّم صارت أطعمة مختلطة، ولها عدّة أصنافٍ وأنواع، نذكر منها: [4]

  • الدّهن والزّيت: ومنها ما يُستخرج من النّبات أو ثماره فلو كان ما يُستخرج منه الزّيت سامًّا حُرّم الزّيت، والدّهن يكون مُباحًا لو أنّه كان دهن حيوانٍ حلالٌ أكله، ولو لم يذكى الحيوان ذكاةً شرعيّة حُرّم دهنه، ودهون الحيوان  المحرّم أكله محرّمة بطبيعة الحال.
  • الأجبان: ويختلف حكمها باختلاف المصدر التي أتت منه، أو اختلاف مادّة صنعه، فيكون الجبن مباحًا لو صُنع من حليب حيوانٍ مباحٌ أكله وكان مذكى ذكاة شرعية ولم يخالطه أيّ نجس، ولو كان مصدره حيوانٌ مُحرّم فهو محرّم، ولو دخل في صنعه ما حُرِّم صار محرّمًا أكله.
  • الأغذية السّائلة: وهو كلّ غذاءٍ صنع من مجموعة أطعمة مختلفة، وتكون متعدّدة المصادى، ويرجع حكمها لحكم ما استُخلصت منه، فلو كان جميعها حلال  فهي حلال، ولو دخل فيها الحرام فهي محرّمة.
  • الطعام المجمد: وهو كلّ طعامٍ جُفف ويتركب من مواد حيوانية ونباتية، وكذلك يرجع حكمه فإن كانت تراكيبه من مصادر مُحللة فهو حلال وإن دخل فيه مصدرٌ من حرام فهو مُحرّم.

ما هي حالات أكل المسلم من الطعام المحرم

أجمع أهل العلم أنّ حكم اكل الأطعمه المتشبهه بالحرام محرّمةٌ لا يجوز أكلها، لكنّهم أباحوا أكلها في حالاتٍ معيّنة، فالمضطّر ممّن أباح  له الإسلام أن يأكل مما حرّم الله -سبحانه وتعالى- على المسلمين، ويكون ذلك ببلوغه الجوع والعطش إلى حدٍّ سيهلك فيه لو لم يأكل، ولهذا الأمر حالتان:

  • أن تكون المجاعة دائمةً على العموم ومستمرّة: وللمضطر في هذه الحال أن يأكل ما يشاء بقدر ما يشاء حتّى يبلغ الشّبع، ومهما كان ما يأكله، لأنّه في هذه الحالة لا يرجو زوال المجاعة، والأمر الوحيد الذي لا يحلّ له هو تناول السم لأنّ فيه مهلكة.
  • المجاعة خاصّةٌ بالإنسان تمرّ به وحده وتكون مؤقّتة وليست دائمة:  في هذه الحالة يأكل المضطّرّ بقدرٍ يفع عنه الهلاك فقط، حتّى يحفظ الرّوح والنّفس من الموت حتّى يوجد الطّعام المباح المحلل أكله.

شاهد أيضًا: أحاديث متعلقة بآداب الطعام والشراب

تصنيف الطعام المحرم في الأكل عند الضرورة

إن حكم اكل الأطعمه المحرّمة مباحةٌ عند الضّرورة، وهذا حكمٌ خاصٌّ بالمضطّر، فالمضطّرّ يجوز له أكل ما لا يحلّ للمسلمين لدفع الهلاك والمجاعة، ولكنّه لا بدّ له إن توافرت أصنافٌ من الطّعام المحرّم أن يقدّم الطّعام الأقلّ حرمةً فالأكثر فالأكثر وهذا هو الواجب في الأمر، فإن وجد طعامًا لغيره أكل منه على أن يعوّضه بثمنه، فإن لم يجد ما عند غيره فيصيد من البر، فإن لم يجد في البر ما يصيده أكل من لحم الميتة باضطّراره، فإن لم يجد صيدةً ميتة يأكل من لحم الخنزير، فإن لم يجد فيشرب الخمر، وهذا التقريب ليكون الأمر من الأخفّ ضررًا فالأكثر، لأنّ الإسلام في ضوابطه يكون لحفظ النّفس وسلامتها من الأذى.[4]

شاهد أيضًا: هل جوزة الطيب حرام

ما هو حكم أكل طعام الكفار

بعد معرفة حكم اكل الأطعمه المشتبهه بالحرام، ما هو حكم أكل طعام الكفار، إنّ الشريعة الإسلاميّة أباحت أكل الطّعام من الكفار بشروط وضوابط، فيجوز أن يأكل المسلم الذّبيحة من اليهودي والنصراني بشرط أن يذبحها كما يذبح المسلم، وأن يذكر اسم الله على الذبيحة، لكن لو لم يعرف المسلم كيف تمّ ذبحها وهل ذكر عليها اسم الله أم لا فإنّ أكلها مباح ولا يشترط أن يسأل عن كيفية الذبح، فقد روي عن السّيدة عائشة أمّ المؤمنين أنها قالت: “إنَّ قَومًا حَديثي عهدٍ بجاهليَّةٍ قالوا للنَّبيِّ : إنَّ قَومًا يَأتوننا باللُّحمانِ ، لا نَدري أذَكَروا اسمَ اللَّهِ علَيها أم لَم يَذكُروا ؟ أنأكُلُ مِنها أم لا ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ اذكُروا اسمَ اللَّهِ وَكُلوا”.[5] أمّا الخضار والسّمك فلا حرج عليها مطلقًا إلا لو عُلم أنّهم يخلطونها بشيءٍ حرام والله أعلم. [6]

شاهد أيضًا: ما الطعام الذي يجوز اكله ولا يجوز بيعه

حكم الأكل من صاحب المال الحرام

أُمر الإنسان أن يتحرّى الطّيب المبارك الحلال، فيكون ذلك حتّى في الطعام والشّراب، وقد ورد عن أهل العلم أنّ من كان كلّ ماله حرام فقد حُرّم الأكل من طعامه، ويحرم أخذ شيءٍ منه، وكذلك إذا علم الإنسان أن هذا الرّجل اشترى الطّعام بعين الحرام حُرّم طعامه، وهذا قول المالكيّة والحنابلة، أمّا لو كان ماله مخلوطًا بالحرام فقد اختلف أهل العلم في حكم الأكل من طعامه، فالشّافعيّة والمالكية يرون كراهة أكل طعامه، أمّا الحنابلة فحرّموه، والغالب في الأمر أنّه مباح لأنّ النّبي -صلى الله عليه وسلّم-  تعامل مع اليهود واشترى منهم وأكل طعامهم بالرّغم من أنّ أموالهم مخلوطة بالرّبا والعقود الباطلة وغيرها. [7]

شاهد أيضًا: حكم الاسراف في الطعام والشراب

بهذا نصل لنهاية مقال حكم اكل الأطعمه المشتبهه بالحرام، حيث وضّح المقال هل يحل أكل الأطعمة المشتبهه بالحرام، وذكر حالات أكل المسلم للطعام المحرم، كما رتّب الأكل المحرّم أكله بحسب اولويّة إباحته، وبيّن حكم أكل طعام الكفّار وأكل طعام من ماله حرام.

المراجع

  1. سورة البقرة , الآية 168.
  2. binbaz.org.sa , حكم من تشك في حرمة الطعام الذي يقدم لها , 2/10/2021
  3. سورة البقرة , الآية 173.
  4. al-eman.com , أقسام الأطعمة المختلطة بمحرم , 2/10/2021
  5. غاية المرام , الألباني،عائشة أم المؤمنين، 37، صحيح.
  6. islamqa.info , حكم قبول الطعام والحلوى من الكافر , 2/10/2021
  7. islamqa.info , حكم أكل طعام من اشتمل ماله على الحرام , 2/10/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *