حديث الشيخ

التوحيد يكفر الذنوب مهما عظمت

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال الشيخ: ذكرنا أن من ثمار التوحيد أن استقر في القلب الذي نطمح إلى إن يكون قلبا سليما نافعا يوم القيامة، إنه بإذن الله وكرمه منج لما ورد عن فضله في أحاديث كثيرة، وإنه سبب لتكفير الذنوب مهما عظمت سيما إن رافقه توبة نصوح واستغفار دائم، وإنه سبب لشرح الصدر وتفريج الهم والكرب، ذلك ان من رأى الحق سبحانه وتعالى في تصاريف الأقدار وعلم انه الأحكم والأرحم والأعدل، وان لطفه وحكمته لا ينفكان عن قدر من أقداره لم يشغله شاغل من قلق أو خوف أو حزن أو كآبة.

ومن ثمار التوحيد توحيد الهموم في هم واحد هو مرضاة الله سبحانه وتعالى، وتوحيد المخاوف في خوف واحد هو الخوف من الله تعالى، وتوحيد الآمال في متأمل فيه واحد هو الله تعالى، وهذا من شأنه أن يكسب الموحد قوة وصلابة وقدرة على المواجهات مادام مع الله ولله وبالله.

ومن ثمار التوحيد انه يمنع الخلود في النار، حيث لا يخلد فيها من كان في قلبه مثقال ذرة من توحيد، ويا لها من بشرى أكرمنا بها المولى عز وجل، وإن كنا نطمع بمغفرة تامة عامة ولا بد أن نعمل لها، قواني الله وإياكم.

ومن ثمار التوحيد الهدى والأمن في الحياة الدنيا قبل الآخرة لقوله تعالى: «الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون».

قال الالوسي رحمه الله: بظلم أي بشرك، وهو قول ابن عباس وابن المسيب وقتادة ومجاهد، وقد روى ابن مسعود انه لما نزلت هذه الآية شق ذلك على الصحابة الكرام وقالوا أينا لم يظلم نفسه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ليس ما تظنون إنما هو ما قال لقمان عليه السلام لابنه «يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم».

ومع ذلك فإن المشاهدات تبين أن الأمن لا يكتمل ويستقر في القلب إلا مع البعد عن مطلق المعاصي صغيرها وكبيرها، اذ كثيرا ما يجلب العصيان الهم والخوف والقلق، من هنا كان الاستغفار الصادق دواء للهموم ومن اسباب استقرار الامن في الدنيا والاخرة

ومن ثمار التوحيد انه سبب لاستحقاق شفاعة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، وانه شرط قبول كل الأعمال الظاهرة والباطنة فلا يقبل عمل من مشرك مهما كبر ويحبط الحق سبحانه وتعالى الأعمال كلها إلا أعمال الموحدين.

ومن ثمار التوحيد انه ينمي عند الموحد ذائقة روحية فيميل إلى الخير والطيبات وينفر من الشرور والخبائث ولا يرضى بالظلم لنفسه أو لغيره فيحيا حياة طيبة مباركة ويفوز بالدار الآخرة بإذن الله تعالي ومن ثماره أيضا انه ينمي فضيلة الصبر على الشدائد ويجعل المرء أكثر قدرة على تحمل المكاره محتسبا اجر صبره عند الله متأملا الفرج منه سبحانه وتعالى وقد رأينا في حياتنا كثيرا ممن استقر التوحيد في قلوبهم يواجهون المصائب بقلب منشرح ثابت

ومن ثماره أيضا انه يحرر العبد من رق المخلوقين والطمع بما لديهم عندما يعلم ان المعطي والمانع هو الله، وأن المعز والمذل هو الله فلا يسال أحدا إلا الله، ولا يرغب في احد إلا في الله ولا يخاف أحدا إلا الله.

ومن ثماره أيضا أنه إن استقر في القلب طابت لصاحبه أعمال التقرب من عبادات ومجاهدات، ولم ير منها شيئا ثقيلا على قلبه او صعبا على نفسه أو مرهقا لبدنه، مما يكون سببا في كثير عمل مقبول بإذن الله تعالى وفي هذا رفع درجات يوم القيامة في الجنة. ثم إن الحق سبحانه وتعالى تكفل للموحدين المخلصين بالعزة والنصر والعاقبة الحسنى، كما انه عز وجل يدفع عنهم شرور الدارين، فالحمد لله على نعمة الإسلام.

ماهر سقا أميني

Email