هل يأثم الرجل إذا هجر زوجته في الفراش

هل يأثم الرجل إذا هجر زوجته في الفراش؟ وهل يوجد أسباب تبرر هجر الرجل لزوجته؟ إن هجر الرجل لزوجته بات أمرًا شائعًا، وباتت هذه الأسئلة تظهر على السطح تِباعًا نتيجة لذلك، فتكون الزوجة في حيرة من أمرها تبحث عن إجابة للتساؤلات التي تختلق بخواطرها، وسوف نجيب اليوم على موقع زيادة على سؤال هل يأثم الرجل إذا هجر زوجته في الفراش.

هل يأثم الرجل إذا هجر زوجته في الفراش

هل يأثم الرجل إذا هجر زوجته في الفراش

لا يوجد إجابة واحدة على هذا السؤال، بل لكل حالة يحدث فيها الهجر إجابة خاصة لها.

الإجابة الأولى لهذا السؤال هي نعم، فالزوج يأثم على هجر زوجته في الفراش إذا كان هذا الهجر غير مبرر وبلا سبب حقيقي، فيكون هذا الهجر في ذلك الوقت ظلم للزوجة.

يضع الهجر غير المبرر عبء نفسي ومعنوي كبير، فتبدأ بالشعور بالذنب وتسأل فيما أخطأت حتى يتم هجرها.

أما إذا كان الهجر في الحديث، فاتفق أكثر العلماء أن الرجل يمكنه التوقف عن التحدث مع زوجته فقط لمدة ثلاث أيام، لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم

لا يحِلُّ لِمُسلِمٍ أنْ يهجُرَ أخاه فوقَ ثلاثةِ أيَّامٍصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

اقرأ أيضًا: حكم هجر الزوجة لزوجها

متى يكون هجر الرجل لزوجته مباحًا

بعد أن أجبنا عن سؤال هل يأثم الرجل إذا هجر زوجته في الفراش، ننتقل الآن إلى سؤال آخر، وهو متى يكون الهجر مباحًا…

السبب الذي أباح الله في الهجر هو لتأديب المرأة الناشز، ولا يجوز الهجر في المضجع مع المرأة الجيدة لزوجها والحافظة لحقوقه وحقوق بيته، فيكون الهجر في المضجع مباحًا إذا كانت الزوجة ناشزًا فقط، ولكن من هي؟

المرأة الناشز

النشوز في اللغة العربية يعني الارتفاع والتكبر والترفع والاستعلاء على الزوج، فللرجل في الإسلام حق على زوجته، ويعني هذا أن تترفع عن حقوقه ولا تجيبه إذا تحدث لها وتتعمد مضايقته وهجره وتمنع نفسها عنه.

في هذه الحالة يباح للرجل تأديب زوجته بعدة خطوات أباحها الإسلام كي تعدل المرأة عن هذا السلوك.

حق الزوجة على الزوج في الإسلام

كرَم الله سبحانه وتعالى المرأة المسلمة، وأعطاها الكثير من الحقوق، وجعلها ملزومة من الرجل في الكثير من الأمور، ومن حقوق المرأة في الإسلام أن تُكرم ولا تهان أو يُقلل من قدرها…

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق النساء على الرجال وحق الرجال على النساء

ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هن عوانٌ عندكم، ليس تملكون منهن شيئًا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشةٍ مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجعِ واضربوهن ضربًا غير مبرِّحٍ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا

“…ألا إنَّ لكم على نسائكم حقًّا، ولنسائكم عليكم حقًّا، فأما حقُّكم على نسائكم فلا يوطئنَ فرُشَكم من تكرهون ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقُّهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهنصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

كذلك من حقوق المرأة على الرجل أن يختص بتكاليف كسوتها وطعامها، فلا تحتاج لشيء في وسع الرجل تنفيذه إلا وعليه تلبيته لها، ويهيئ لها المسكن الجيد ويهيئه بما يحتاج إليه المسكن لتسكن فيه، وعليه أن يعاملها بالمعاملة الحسنة والقول المعروف.

كما يجب على الرجل أن يدفع مهرًا يُرضيها ويُرضي ذويها، وعليه أن يتكفل بحمايتها وحفظها من كل سوء يضرها، فإن المرأة في الإسلام ملكة متوجة بأكاليل طيب المعشر وحسن الخلق.

يروى أن امرأة ذهبت للرسول صلى الله عليه وسلم تشكي له شُح زوجها عليها وعلى أبنها وأنه لا يعطيها ما يكفيهم من مال، وأنها تأخذ من ماله بغير علمه حتى تستطيع أن تعيش هي وابنها فهل من جُناح عليها إن فعلت ذلك؟ فأجاب الرسول صلى الله عليه وسلم، فأخبرها الرسول صلى الله عليه وسلم أن تأخذ بالمعروف منه ما يكفيها ويكفي أبنها.

اقرأ أيضًا: ما هي الحقوق المشتركة بين الزوجين؟

خطوات تأديب الرجل لزوجته في الإسلام

نستهل هذا الحديث بذكر قول الله سبحانه وتعالى

وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)” صدق الله العظيم

توضح هذه الآية الكريمة حكمة الله عز وجل في الإصلاح بين الزوجين، وضع أكثر من حل وأكثر من طريقة للإصلاح بين الزوجين حتى لا يًدمر هذا الزواج.

فإذا كان الزوج يوفي حقوق المرأة التي أمر بها الإسلام ويحسن إليها ويصونها ويعطيها ما تحتاجه لتعيش حياة كريمة، لكن في المقابل تأخذ المرأة هذه المعاملة بالكبر والتمرد على الزوج ولا تتقي الله فيه ولا تراعي حدود الله في زوجها فإن على الزوج أن يقوم بتأديب زوجته حتى تتراجع عن ذلك السلوك الذي سيؤدي بالأسرة إلى الدمار والوقوع في براثن الفتنة والتشتت.

يعتبر تأديب الزوج لزوجته دلالة على حبه لها وتمسكه بها وأنه لا يريد أن يقوم بالطلاق، بل يريد الحفاظ على زمام هذه المنظومة والتي هي الأسرة.

فيكون للتأديب خطوات يجب أن يسلكها الرجل أولها أن يقوم بالنصيحة، والنصيحة هنا أن يخبرها بالقول الحسن بأن ما تفعله لا يرضيه وأنه يريدها أن تتورع عن هذه الأفعال كما ورد في الآية الكريمة على سبيل العظة.

فإن لم تتعظ المرأة بعد النصح والقول الحسن فيقوم الرجل بهجرها في المضجع، ويعني هذا ألا يجامعها ولا يشترط الا ينام معها في نفس الفراش، فإن هجرها في المضجع ولم تتعظ فيمكنه اللجوء للحل الأخير وهو حل الضرب.

شروط الضرب في الإسلام

الضرب في الإسلام لا يكون هدفه التوجيع والأذى الجسدي، بل إنها طريقة لإظهار الاعتراض على الوضع الحالي الذي وصلت إليه زوجته في نشوزها وتمردها.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

اتَّقوا اللهَ في النساءِ؛ فإنَّكم أخذتُموهنَّ بأمانةِ الله، واستحلَلْتُم فروجَهنَّ بكلمةِ الله، وإنَّ لكم عليهنَّ ألَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أحًدا تكرهونَه، فإنْ فعَلْنَ ذلك فاضرِبوهنَّ ضربًا غيرَ مُبَرِّحٍ، ولهنَّ عليكم رِزقُهنَّ وكِسوتُهنَّ بالمعروفِصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

لا يجب أن يكون الضرب مؤذيا أو موجعًا، ولا يكون الضرب مدمٍ ولا يهين ولا يكسر عظمًا ولا يصفع على الوجه.

نسترشد في هذه المعاملة بالرسول صلى الله عليه وسلم، فلم يكن الرسول يضرب الا بالسواك ليبين أنه غاضب من فعل معين، يكون الضرب هنا رمزيًا يُهتم بالجانب النفسي فيه دون الجانب الجسدي.

مدة الهجر في المضجع

قال العلماء أن الهجر في المضجع يجب ألا يزيد عن أربعة أشهر، وقد يبدأ من ثلاثة أيام.

الهجر في المضجع كذلك لا يعد طلاقًا مادام الزوج لم يتلفظ بلفظة الطلاق، لكن العلماء رجحوا أنه إن طالت مدة الهجر عن أربعة أشهر فيجب أن يتم الطلاق والتسريح بإحسان حيث تكون انتهت كل فرص وسبل المحاولات للوصول لحل يصلح الأمور بين الطرفين.

اقرأ أيضًا: ما حكم الزوج الذي لا ينام بجانب زوجته بدون سبب

صفات الزوجة الصالحة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

قيل يا رسولَ اللهِ أيُّ النساء خيرٌ؟ قال: التي تسرُّهُ إذا نَظَرَ وتُطيعهُ إذا أمر ولا تُخالفه في نفسِها ولا في مالهِ بما يكرهُصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

فيوضح الرسول صلى الله عليه وسلم خير النساء في هذا الحديث بأنها التي إذا نظر لها زوجها، أسرَّتُه والمعنى هنا ان تدخل الفرح والسرور على قلبه إذا نظر لها، فتتزين له وتبتسم له والتي يبش إذا رآها.

وإن أمرها أمرًا ليس فيه معصية لله عز وجل فعليها أن تطيعه، فطاعة الزوج تؤجر المرأة عليها أجرا كبيرًا من الله عز وجل، كما أنها تؤجر على التزين له والقول الطيب والفعل الصالح معه.

من صفات الزوجة المسلمة الصالحة كذلك أن تحفظ لزوجها ماله وعرضه وبيته، وأن تكون له نِعم الرفيق وخير الحبيب.

بهذا نكون قد بينا إجابة سؤال هل يأثم الرجل إذا هجر زوجته في الفراش، وأوضحنا أن الإثم يقع على الرجل إن كان هذا الهجر بدون سبب وإن كانت الزوجة صالحة غير مفسدة، كما يباح الهجر في المضجع إذا كانت الزوجة ناشزًا على الزوج، ونتمنى أن نكون قد أفدناكم.

قد يعجبك أيضًا