خُراجات البطن

وتنطوي الأَسبَاب الأكثر شيوعًا لخراجات البطن على انتشار العدوى أو الالتهاب النَّاجم عن حالاتٍ مثل التهاب الزائدة أو التِهابُ الرَّتج أو داء كرون أو التهاب البنكرياس أو الدَّاء الالتهابي الحوضي.

تُؤدِّي خُراجات البطن النَّاجمة عن انثقاب الأمعاء في بعض الأحيان إلى حدوث السرطان أو القرحة أو إصابة، أو تنجم أحيانًا عن خراجات تتشكل بعد إصابة البطن أو بعد جراحة في البطن.

تختلف الأعراض النَّوعيَّة لخُراجات البطن باختلاف موضع الخُراج، إلَّا أنَّ معظم الأشخاص يُعانون من الانِزعَاج أو الألم المستمر ومن الشُّعور العام بالمرض (التَّوعُّك) ومن الحمَّى على الأغلب.وتشتمل الأَعرَاض الأخرى على الغثيان ونَقص الشَّهية ونَقص الوَزن.

قد يتشكَّل خُراجٌ تحت الحجاب الحاجز عند انتقال السَّائِل المصاب بالعدوى، مثل انتقال السَّائِل النَّاجم عن تمزُّق الزَّائدة الدودية نحو الأعلى نتيجة ضغط أعضاء البطن والشفط المُتشكِّل عن حركة الحجاب الحاجز في أثناء التنفُّس.يمكن أن تنطوي الأَعرَاض على السعال وألم الصَّدر والتنفُُّّس المؤلم والشعور بالألم في أحد الكتفين.في هذه الحالة، يكون الألم الذي يُشعَر به في أحد الكتفين مثالًا على الألم الرَّجيع (ألمٌ يُشعَر به في أحد أجزاء الجسم لا يُحدِّدُ بدقة موضع المشكلة).يحدث الألم الرَّجيع نتيجة اشتراك الكتف والحجاب الحاجز بنفس الأعصاب، وبالتالي فإنَّ الدماغ يُفسِّر بشكلٍ غير صحيح مصدر الألم (انظر الشكل ما هو الألم الرجيع؟).

وقد تتشكَّل خراجات في منتصف البطن نتيجة تمزُّق الزائدة الدودية أو الأمعاء أو الإصابة بالدَّاء المِعوي الالتهابي أو بداء رتجي أو حدوث جرحٍ في البطن.يكون البطن مؤلمًا في منطقة الخُراج عادةً.

قد يمتدُّ الخراج الموجود في أسفل البطن إلى الأسفل نحو الفخذ أو المنطقة المحيطة بالمستقيم (تُسمَّى الحفرة المحيطة بالمستقيم).

يمكن أن تتشكَّل خراجات الحوض نتيجةً لنفس الاضطرابات التي تُسبِّب الخراجات في منتصف البطن أو بسبب إصابة الجهاز التناسلي عند المرأة بالعدوى.ويمكن أن تشتملُ الأَعرَاض على الشعور بألمٍ في البطن وحدوث إسهال نتيجة تهيُّج الأمعاء والحاجة المُلِحَّة أو المتكررة للتبوُّل النَّاجمة عن تهيُّج المثانة.

وتتوضَّع الخراجات وراء تجويف البطن (تسمى الخراجات خلف الصفاق) خلف الصِّفاق، وهو الغشاء الذي يُبطِّنُ تجويف البطن والأعضاء.وتشتمل الأَسبَاب التي تشبه أسباب تشكُّل الخراجات في البطن على التهاب وعدوى الزائدة (التهاب الزائدة الدودية)، والبنكرياس (التهاب البنكرياس)، والكلى (تتوضع الكلى إلى الخلف من التجويف البطني).يتفاقم الألم في أسفل الظهر عادةً عند قيام الشخص بتحريك ساقه في منطقة الورك.

تتشكَّل خراجات البنكرياس وإن كانت نادرة، بعد حدوث هجمةٍ لالتهاب البنكرياس الحاد عادةً.حيث تظهر أعراضٌ مثل الحُمَّى وألَم البَطن والغثيان والقيء بعد انقضاء أسبوعٍ أو أكثر من تعافي الشخص من التهاب البنكرياس.

قد تكون خراجات الكبد ناجمةً عن بكتيريا أو عن طفيليَّات (الطفيليَّات المجهرية ذات الخليَّة الواحدة).يمكن للجراثيم أن تصلَ إلى الكبد من المرارة المصابة بالعدوى أو من الجرح النَّافذ أو الكليل أو من عدوى في البطن (مثل الخراج القريب) أو من عدوى ينقلها مجرى الدَّم من مكانٍ آخر في الجسم.تصلُ الطُّفيليَّات قادمةً من حالة عدوى معويَّة إلى الكبد عبرَ الأوعية الدَّمويَّة.وتتضمَّن أعراض خُراجات الكبد على نَقص الشَّهية والغثيان والحُمَّى.وليس من الضَّروري أن يُعاني الشخص من ألمٍ في البطن.

تحدث الخراجات في الطحال نتيجة انتقال العدوى عبر مجرى الدَّم إلى الطحال أو بسبب حدوث إصابةٍ في الطحال أو من خلال انتقال عدوى من خراج قريب، كأن تنتقل من خراجٍ تحت الحجاب الحاجز.حيث يمكن أن يشعر الشخص بالألم في الجانب الأيسر من البطن أو في الظهر أو في الكتف الأيسر.

• اختبارات التصوير

• الشَّفط بالإبرة

يمكن أن يُخطئ الأطباء بسهولة عند تشخيص الخُراج وذلك لأنَّ الأعراض الأولى التي يُسبِّبها تكون غامضةً وخفيفة عادةً ويمكن أن تُعزى بالخطأ إلى مشاكل أقلَّ خطورةً وأكثرَ شيوعًا.

يقوم الأطباء عند اشتباههم بوجود خراجٍ عند الشخص عادةً بإجراء التَّصوير المقطعي المُحوسَب للبطن والحوض أو في بعض الأحيان المسح بتخطيط الصَّدى أو بالأشعَّة السِّينيَّة للبطن والصَّدر أو بالتصوير بالرنين المغناطيسي.يمكن لهذه الاختبارات أن تساعدَ على تمييز الخُراج عن المشاكل الأخرى، بالإضافة إلى تحديد مصدر وحجم وموضع الخُراج.

ولوضع التشخيص النهائي وعلاج الخُراج، يقوم الأطباء في بعض الأحيان بإدخال إبرةٍ عبر الجلد لسحب عَيِّنَة من القيح من الخراج (إبرة الشفط) ووضع مَنزَح (مُفجِّر).ولتوجيه موضع الإبرة، يستعملُ الأطبَّاء المسح بالتصوير المقطعي المحوسَب أو بتخطيط الصدى.ثمَّ تُفحَص عيِّنة السَّائل في المختبر لتحديد الكائن المُسبِّبِ للعدوى بحيث يمكن اختيار المضاد الحيوي الأشدُّ فعاليَّة.

يُجرىمسحٌ بالنوكليدات المشعَّة للمساعدة على تحديد الخُراجات في بعض الأحيان.بالنسبة للمسح، يَجرِي استخدامُ النوكليدات المُشِعَّة لوسم مادَّة تتجمَّع في جزء معيَّن من الجسم.وتُستَعمل موادٌ مختلفة وفقًا لجزء الجسم الذي يَجرِي تقييمُه.

• تصريف القيح

• المضادَّات الحيوية

تحتاج جميع خراجات البطن تقريبًا إلى تصريف القيح، وذلك إمَّا من خلال الجراحة أو بواسطة إبرةٍ وأنبوبٍ مرنٍ صغير (قثطار).ولتوجيه موضع الإبرة والقثطار، يستعملُ الطبيب المسح بالتصوير المقطعي المحوسَب أو بتخطيط الصدى.وبمجرَّد تأكُّد الطبيب من وصول الإبرة والقثطار إلى الخُراج، يَجرِي سحب الإبرة مع بقاء القثطار في مكانه.حيث يجري تصريف القيح من خلال القثطار، والذي يستمرُّ لعدَّة أيَّامٍ أو أسابيع عادةً.

تُستَعملُ المضادَّات الحيوية بالإضافة إلى تصريف القيح عادةً لمنع انتشار العَدوَى والمساعدة على القضاء عليها بشكلٍ كامل.يُحدِّدُ التحليل المعمليُّ للقيح الكائنَ الحيَّ المُسبِّب للعدوى بحيث يمكن اختيار المضادَّ الحيويَّ الأشدَّ فعاليَّة.فمن غير الشائع استعمال المضادَّات الحيويَّة في معالجة الخُراج دون القيام بتصريف القيح.

وقد يكون اللجوء إلى العلاج الجراحي ضروريًّا عند تعذُُّّر الوصول الآمن إلى الخراج من خلال الإبرة والقثطار.كما تجري معالجة مصدر العدوى جراحيًا بمجرَّد تصريف الخُراج.فمثلًا، إذا كان الخراج ناجمًا عن ثقبٍ (فتحة) في القولون، يقوم الأطباء عادةً باستئصال ذلك الجزء من القولون.

ويُعدُّ الحفاظ على التغذية السليمة من الأمور الضَّروريَّة.ويمكن للأشخاص غير القادرين على تناول الطعام بسبب وجود الخُراج أو نتيجة وجود العامل المُسبِّب للخُراج؛ الحصول على تغذيتهم من خلال أنبوب (يُسمَّى تغذية أنبوبيَّة معويَّة) أو الوريد (تسمى التغذية بالحقن).

يمكن أن تؤدِّي الخُراجات البطنيَّة إلى حدوث الوفاة عند نَحو 10-40٪ من الأشخاص.يُؤثِّرُ سببُ الخُراج والحالة الصِّحيَّة العامة للشخص في المآل بشكلٍ أكبر من تأثير طبيعة وموضع الخُراج المحدَّدين.ويكون مآل الأشخاص الذين يُصابون بالإنتان سيئًا.