النزلة المعوية.. عدو الصغار

02:00 صباحا
قراءة 5 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

تزداد الإصابة بالنزلات المعوية لدى الرضع والصغار خلال فصل الصيف، وهى تعتبر من الأمراض الشائعة التي يتعرض لها الكثير من الأطفال بسبب عدوى بكتيرية أو فيروسية، نتيجة ضعف مناعتهم، أو تناول طعام أو شراب ملوث، عدم الاهتمام بالنظافة وغسل اليد بعد الانتهاء من الأكل، أو مشاركة الأدوات الشخصية في المدارس والحضانات، ويعد ارتفاع درجة الحرارة والإسهال والقيء أبرز أعراض الإصابة، وفى السطور القادمة يخبرنا الخبراء والاختصاصيون عن هذا المرض تفصيلاً.

يقول الدكتور سامح عبد العظيم مختص طب الأطفال إن النزلة المعوية هي مرض معدٍ يمكن أن ينتقل من شخص لآخر عن طريق الفم، أو بملامسة اليد، أو المشاركة في أدوات الطعام التي تكون ناقلة للعدوى بشكل غير مباشر، وفي أغلب الأحيان تنتشر بين أفراد الأسرة الواحدة، حيث يعاني جميعهم نفس الأعراض المرضية، ولكنها تستهدف الصغار أكثر من الكبار، وذلك لهشاشة الجهاز الهضمي، وخاصة في مرحلة اختبار الأطعمة الجديدة، وتظهر أعراض المرض على شكل ارتفاع في درجة حرارة الجسم، إسهال وقيء متكرر، آلام في البطن، وربما يعقب هذه العلامات حدوث جفاف شديد، وتعتبر الفيروسات من أهم أسباب الإصابة، بالإضافة لبعض الطفيليات الأخرى كالبكتيريا والأميبا، وكذلك الأطعمة الملوثة أو الفاسدة.

مضاعفات ومخاطر

يوضح د.سامح أن النزلة المعوية تعتبر من الأمراض الخطيرة التي تستهدف الصغار، حيث تتسبب في فقدان الطفل لكميات كبيرة من السوائل سواء عن طريق القيء أو الأسهال، ما يتسبب في حدوث حالة من الجفاف الشديد، ما ينجم عنه في بعض الحالات التي يتم إهمالها الإصابة بفشل كلوي واضطراب في أملاح الدم، وربما يؤدى في النهاية إلى الوفاة، ويمكن تجنب كل تلك المضاعفات بتعويض الطفل بالسوائل اللازمة إما عن طريق الفم في الحالات البسيطة أو عن طريق الوريد، ويتم تشخيص سبب النزلة المعوية بالخضوع لبعض الفحوص الطبية، وعلى أساسها يحدد الطبيب المعالج أسلوب العلاج للطفل.

طرق علاجية

يؤكد د. سامح أن اتباع العادات الصحية السليمة يؤدي إلى عدم الإصابة النزلات المعوية أو انتشارها، والتي تتمثل في غسل الأيدي باستمرار قبل وبعد تناول الطعام، غسل الخضراوات والفواكه جيداً، تجنب الاختلاط بالأشخاص المصابين، الحد من تبادل أدوات الأكل، والحرص على التغذية الصحية السلمية للحفاظ على مناعة الجسم بشكل عام، ويتم علاج النزلة طبياً بحسب المسبب لها، وفي الأغلب يكون عن طريق تناول السوائل، ومخفضات الحرارة، وإعطاء البكتيريا النافعة للطفل لتساعده على عودة جهازه الهضمي إلى حالته مع إضافة بعض الأدوية التي تُحسن من حركة الأمعاء، ولا تُستخدم المطهرات المعوية إلا في حالة ثبوت وجود إصابة بكتيرية بعد عمل الفحوص اللازمة.

التهاب المعدة والأمعاء

يذكر الدكتور سيريكانثا ريدي، مختص أمراض الجهاز الهضمي أن التهاب المعدة والأمعاء الحاد هو متلازمة سريرية يتم تحديدها في الغالب بزيادة تواتر البراز عند الطفل مع أو بدون القيء أو الحمى أو آلام البطن، وعادة ما تستمر لمدة أقل من أسبوع واحد ولا تزيد على أسبوعين، وهى تصيب الأطفال من جميع الأعمار، ولكنها تستهدف بشكل أكبر من تقل أعمارهم عن عامين بسبب الفيروسات، أما الأكبر من سنتين فيمكن أن يصابوا بالتهاب المعدة والأمعاء بسبب البكتيريا والطفيليات، الناتجة عن تناول اللحوم المصنعة، أو غير المطبوخة بشكل جيد، أو الأسماك ومنتجات الألبان غير المبسترة، أو السفر الدولي.

أعراض الإصابة

يبين د. سيريكانثا أن أعراض التهاب المعدة والأمعاء هي الإسهال، الغثيان، القيء، الحمى، آلام البطن، بالإضافة إلى التشنجات وانتفاخ البطن وفقدان الشهية، ويعتبر الإسهال العرض الأكثر شيوعاً بنسبة 90٪ من المرضى، وتعتمد شدة الأعراض على المناعة والحالة الغذائية للطفل، العوامل المسببة، أما المضاعفات الشائعة لالتهاب الجهاز الهضمي فتتمثل في الجفاف، وعدم انتظام الأملاح في الدم، التهاب الجلد المهيج (طفح الحفاض)، وعدم تحمل الكربوهيدرات في الغالب اللاكتوز.

فحوص مخبرية

يوضح د. سيريكانثا أن تشخيص هذه الإصابة يعتمد على السمات الإكلينيكية كوجود إسهال أقل من أسبوع مع خروج براز رخو مائي مع أو بدون حمى، والغثيان، والقيء عند الأطفال الصغار والذي لا يتطلب إجراء فحوص، وفي الحالات الشديدة يظهر وجود دم في البراز، الحمى، فقدان الشهية، جفاف شديد، ويتم عمل فحوص مخبرية مثل تعداد الدم الكامل، والبروتين التفاعلي C، واليوريا، والكرياتينين في الدم، والشوارد، وتحليل البراز مع فحص الأسباب المعدية (البكتيرية والفيروسية) وعادة ما تكون هناك حاجة إلى فحص المكونات والحساسية الطفيلية.

ممارسات صحية

يفيد د. سيريكانثا بأن معظم الأطفال المصابين بالتهاب المعدة والأمعاء يعانون أعراضاً أكثر اعتدالاً ويمكن علاجهم في المنزل بالراحة المناسبة، ومعالجة الجفاف بالمحاليل عن طريق الفم، والنظام الغذائي البسيط، والحفاظ على النظافة المناسبة، كما أن البروبيوتيك لها تأثير متواضع في الحد من الأعراض، ولا حاجة للمضادات الحيوية ما لم يتم تحديد بكتيريا أو طفيليات محددة، كما أن البقاء في المستشفى مطلوب فقط للأطفال الذين يعانون الجفاف الشديد، واختلافات إلكتروليت

كبيرة عن المعدلات الطبيعية، وعدم القدرة على الشرب، وحمى شديدة، وعدم الاستجابة للعلاج المنزلي في غضون 48 ساعة، مع الحفاظ على النظافة المناسبة، واعتماد ممارسات غذائية آمنة، كما وجد أن التطعيم ضد فيروس الروتا والتهاب السالمونيلا مفيد في الوقاية من هذه الأمراض الشائعة والخطيرة في بعض الأحيان.

أسباب القيء

توضح الدكتورة خوشبو فيرما أخصائية أطفال أن القيء لمرة واحدة يعد من العوارض المزعجة الخطيرة، خاصة إذا كان غير ناتج عن التغذية الجبرية، وفى حال ترافق مع مؤشرات مثل الحمى أو الجفاف أو الكسل.. إلخ، فإنه يترتب أخذ الطفل إلى الطبيب، وهناك العديد من الأسباب المرضية التي ينتج عنها القيء عند الأطفال، كالآتي:-

- عند الرضع وحديثي الولادة، يكون بسبب مرض الارتجاع المعدي المريئي، عدم تحمل الطعام، الاضطرابات الأيضية، تضيق البواب، سوء الدوران المعوي، داء هيرشبرونج، الانغلاق المعوي، تعفن الدم.

- أما الأطفال الأكبر سناً فيحدث غالباً نتيجة التهاب المريء والبنكرياس، الحساسية المفرطة، القرحات الهضمية، الصداع النصفي، التفاعلات الدوائية الضارة، التهاب السحايا.

مشكلات مرضية

تشير د. خوشيو إلى أن أهم الأمراض التي يترافق معها القيء عند الأطفال هي آلام البطن، الإسهال، الحمى، جفاف الفم، العطش المتكرر، الكسل، والصداع، ولذلك يجب على الأهل الذهاب للطبيب في حال تكرار القيء، ويكون الطفل لتناول الطعام لأكثر من بضعة ساعات، أو كان يعانى من الجفاف أو قلة التبول، وكذلك تناقص اليقظة والرغبة في اللعب، وفي حال كان عمر الطفل لا يتعدى الشهرين، أو لديه تاريخ بالتعرض لصدمة تبعها تقيؤ.

تدابير وقائية

تؤكد د. خوشيو أن القيء يستهدف على الأكثر الأطفال الذين لا يحرصون على نظافتهم الشخصية كعدم غسل اليدين بشكل متكرر، وممارسة عادات الغذاء غير الصحية كالإفراط في تناول الطعام وعدم الأكل لفترة طويلة، بالإضافة إلى الشعور بالقلق والتوتر العاطفي، ما ينتج عنه العديد من المضاعفات مثل الجفاف وتسوّس الأسنان وتضرر المريء، وهناك بعض التدابير الوقائية التي يجب الالتزام بها مثل:-

- عندما يتقيأ الطفل، لا يوضع على ظهره لتقليل فرص التقيؤ لديه عبر المجرى التنفسي العلوي والرئتين.

- يجب إعطاؤه المزيد من السوائل كي لا يتعرض للجفاف.

- ضرورة تجنب العلاج الذاتي والتوجه لاستشارة الطبيب في حال استمرت مؤشرات الخطر.

مشكلة الجفاف

يعد الجفاف من أكثر المضاعفات الخطرة التي تحدث نتيجة الإصابة بالنزلة المعوية عند الصغار، وخاصة مع وجود قيء وإسهال مزمن ومتكرر، ما ينجم عنه فقد شديد للسوائل، والكثير من الأملاح المعدنية كالصوديوم، البوتاسيوم، الكورايد، وتظهر أعراض الإصابة بالجفاف على شكل قلة مرات التبول، الوهن العام وعدم قدرة الطفل على ممارسة الأنشطة اليومية، وفي الحالات الحادة تحدث كرمشة للجلد، وغور العين للداخل، ويمكن أن يتعرض الطفل للتشنجات؛ ولذلك يجب التوجه للطبيب؛ لمعالجة الجفاف عن طريق محلول الوريد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"