الاضطرابات الخلقية

27 شباط/فبراير 2023

حقائق رئيسية

  • يموت ما يقدَّر بنحو 000 240 من المواليد حديثاً في غضون 28 يوما من مولدهم سنويّاً على نطاق العالم نتيجة اضطرابات خلقية. وتسبّب الاضطرابات الخلقية 170000 حالة وفاة أخرى بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من شهر واحد إلى 5 سنوات.
  • يمكن أن تسهم في حدوث إعاقة على الأمد الطويل، بما يؤثّر تأثيراً بالغاً على الأفراد والأُسَر ونظم الرعاية الصحية والمجتمعات.
  • يعيش تسعة من كل عشرة أطفال مصابين باضطرابات خلقية خطيرة عند الولادة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
  • مع انخفاض معدلات وفيات حديثي الولادة والأطفال دون سن الخامسة، أصبحت الاضطرابات الخلقية تمثل الجزء الأكبر من أسباب الوفاة لدى حديثي الولادة والأطفال دون سن الخامسة.
  • الاضطرابات الخلقية الوخيمة الأكثر شيوعاً هي عيوب القلب، وعيوب الأنبوب العصبي، ومتلازمة داون.
  • رغم أن الاضطرابات الخلقية قد تَنتُج عن واحد أو أكثر من العوامل الجينيّة أو المُعدِية أو التغذويّة أو البيئيّة، يصعب في أغلب الأحيان تحديد أسبابها بدقة. 
  • بعض الاضطرابات الخلقية يمكن الوقاية منها. ويعدّ التطعيم، وتناول القدر الكافي من حمض الفوليك أو اليود عبر إغناء الأغذية الأساسية أو تكملتها غذائياً، والرعاية الملائمة قبل الولادة وأثناءها، مجرّد أمثلة لأساليب الوقاية.

لمحة عامة

تُعرَف الاضطرابات الخلقية أيضاً باسم الشذوذات الخلقية أو التشوهات الخلقية أو العيوب الخلقية. ويمكن تعريفها بأنها حالات غير سوية بنيوية أو وظيفية (كالاضطرابات الاستقلابية مثلاً) تحدث للجنين داخل الرحم ويمكن تحديدها قبل الولادة، أو عند المولد، أو ربما لا تُكتشَف أحياناً إلا في مرحلة لاحقة من فترة الطفولة، مثل عيوب السمع. وبشكل عام، فإن لفظ "خلقيّة" يشير إلى الوجود عند المولد أو قبله. 

وتزداد نسبة وفيات الأطفال دون سن الخامسة الناجمة عن الاضطرابات الخلقية مع السيطرة على الأسباب الأخرى لوفيات الأطفال دون سن الخامسة (الشكل 1).

الشكل 1: التغيرات في أسباب وفيات الأطفال دون سن الخامسة مع انخفاض معدلات وفياتهم

الأسباب وعوامل الخطر

العوامل الوراثية

ينجم عدد قليل من الاضطرابات الخلقية عن تشوهات وراثية، أي تشوهات صبغية (مثل متلازمة داون أو التثلّث الصبغي 21) أو عيوب على مستوى جين واحد (مثل التليف الكيسي).

كما تعزّز قرابة الدم (عندما يكون الوالدان على صلة قرابة بالدم) انتشار اضطرابات خلقية جينيّة نادرة، وتُزيد بحوالي الضعف من خطر الوفاة في الفترة التالية للولادة وفي سنّ الطفولة والإصابة بإعاقات ذهنية وحالات شذوذ أخرى. 

العوامل الاجتماعيّة-الاقتصاديّة والديمغرافيّة

قد يكون انخفاض الدخل أحد المحدِّدات غير المباشرة للاضطرابات الخلقية، حيث يتواتر حدوثها بنسبة أعلى في أوساط الأُسَر والبلدان التي تعاني من ضيق الموارد. وتشير التقديرات إلى أن نحو 94% من الاضطرابات الخلقية الوخيمة تحدث في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. وتتّصل هذه الخطورة المرتفعة، كأحد المحدِّدات غير المباشرة، باحتمال عدم إتاحة القدر الكافي من الأطعمة المغذِّية للنساء الحوامل، والتعرُّض الزائد لبعض العناصر أو العوامل مثل حالات العدوى والكحول، أو ضعف إتاحة الرعاية الصحية والفحص.

كما يمثِّل عمر الأم أحد عوامل الخطر فيما يخصّ النموّ الشاذ للأجنّة داخل الرحم. فتقدّم عمر الأم يزيد من مخاطر التشوُّهات الصبغية، بما فيها متلازمة داون.  

العوامل البيئية، بما فيها حالات العدوى

ينجم البعض الآخر من الاضطرابات الخلقية عن عوامل بيئية مثل حالات العدوى التي تصيب الأم (الزهري والحصبة الألمانية وفيروس زيكا)، أو التعرض للإشعاع أو لبعض الملوّثات، أو حالات العوز التغذوي لدى الأمهات (مثل اليود ونقص حمض الفوليك) أو المرض (سكري الأم) أو بعض الأدوية (الكحول والفينيتوين).

الأسباب غير المعروفة

في حين تُقترح تفاعلات وراثية وبيئية معقّدة كأسباب للاضطرابات الخلقية، فإن معظم هذه الاضطرابات تعزى إلى أسباب غير معروفة، بما فيها عيوب القلب الخلقية والشفة المشقوقة أو الحنك المشقوق وحنف القدم.

الوقاية

تعمل تدابير الصحة العامة الوقائيّة على التقليل من تواتر اضطرابات خلقية معيّنة عبر إزالة عوامل الخطر أو تعزيز العوامل الوقائيّة. ومن بين التدخّلات والجهود المهمّة في هذا الصدد: 

  • ضمان اتّباع المراهقات والأمّهات لنظم غذائية صحيةّ تشمل مجموعة متنوّعة من الخضروات والفواكه، ومحافظتهنّ على وزن صحي؛ 
  • ضمان مدخول غذائي كافٍ من الفيتامينات والمعادن، ولاسيّما حمض الفوليك لدى المراهقات والأمّهات؛
  • ضمان تجنُّب الأمّهات للمواد الضارة، خاصةً الكحول والتبغ؛
  • تجنُّب سفر النساء الحوامل (وأحياناً النساء في عمر الحمل) إلى مناطق تعاني من فاشيات حالات عدوى معروفة بارتباطها باضطرابات خلقية؛
  • الحدّ من التعرّض البيئي لمواد خطِرة (مثل المعادن الثقيلة أو مبيدات الآفات) أثناء الحمل أو التخلص منه؛
  • مراقبة الداء السكري قبل وأثناء الحمل عبر تقديم المشورة وضبط الوزن واتّباع نظام غذائي وإعطاء الإنسولين عند الحاجة؛
  • ضمان أن يكون تعرُّض النساء الحوامل بأيّ شكل للأدوية أو الإشعاعات الطبيّة (مثل الأشعّة التصويريّة) مبرَّراً وقائماً على تحليل دقيق للمخاطر الصحيّة مقابل المنفعة؛
  • إجراء التطعيم، خاصةً ضد فيروس الحصبة الألمانيّة، للأطفال والنساء؛
  • زيادة وتعزيز تثقيف العاملين الصحيّين وغيرهم من الأشخاص الضالعين في الترويج للوقاية من الاضطرابات الخلقية؛
  • الفحص للتحرّي عن حالات العدوى، خاصةً الحصبة الألمانية والحُماق والزُهَري، والنظر في علاجها. 

الفحص والعلاج والرعاية

الفحص

تشمل الرعاية الصحيّة قبل وأثناء فترة الحمل (الرعاية في المرحلة التي تسبق الحمل وفي أثنائها) ممارسات الصحّة الإنجابيّة الأساسيّة، فضلاً عن الفحص الجيني الطبي وتقديم المشورة. ويمكن إجراء الفحص أثناء الفترات الثلاث التالية:

  • الفحص في المرحلة التي تسبق الحمل:

     قد يفيد في تحديد النساء المعرّضات لخطر الإصابة باضطرابات معيّنة أو المعرّضات لخطر نقل أحد الاضطرابات لأطفالهنّ. ويشمل الفحص الحصول على تاريخ الأسرة وتَحَرّي تاريخ الحاملين للمرض، وهو مهمّ بصفة خاصة في البلدان التي يشيع فيها زواج أقارب الدم.  

  • الفحص أثناء الحمل:

     قد تكون هناك سمات معيّنة لدى الأم تزيد من المخاطر، وينبغي استخدام نتائج الفحص لتقديم رعاية ملائمة، طبقاً للمخاطر. وقد يشمل ذلك تحرّي ما إذا كانت الأم شابة أم متقدمة في العمر، إلى جانب الكشف عن تعاطي الكحول أو التبغ أو غير ذلك من المخاطر. ويمكن استخدام الموجات فوق الصوتيّة للتحرّي عن متلازمة داون والتشوُّهات البنيويّة الكبرى خلال الشهور الثلاثة الأولى، وعن التشوهات الوخيمة في الأجنّة في فترة الثلاثة شهور الثانية. وبالإمكان فحص دم الأم للتحرّي عن المَعالم المشيميّة بما يساعد على التنبّؤ بخطر التشوهات الصبغيةّ أو عيوب الأنبوب العصبي، أو فحص الحمض النووي الطليق في الجنين للتحرّي عن الكثير من التشوّهات الصبغيّة. ويمكن استخدام الاختبارات التشخيصية مثل أخذ عيّنات من الزغابات المشيمائيّة وبزل السائل الأمنيوسي (السلى) لتشخيص التشوُّهات الصبغيّة وحالات العدوى لدى النساء المعرّضات لمخاطر شديدة.

  • فحص الأطفال حديثي الولادة:

    يعد فحص المواليد خطوة هامة نحو الكشف عن المرض، مما يساعد على خفض حالات الوفاة والمراضة الناجمة عن الاضطرابات الخلقية بتيسير الإحالة المبكرة وبدء العلاج الطبي أو الجراحي.

    ويوفّر الفحص المبكر لفقدان السمع فرصة لتصحيح السمع في وقت مبكر ويتيح إمكانية اكتساب مهارات أفضل في اللغة والكلام والتواصل. كما يتيح التحرّي المبكر للساد الخلقي لدى حديثي الولادة الإحالة المبكرة للمصابين به وتصحيح بصرهم عن طريق عملية جراحية، مما يزيد من احتمال إبصارهم.

    وقد يخضع المواليد للفحص من أجل تحرّي بعض الاضطرابات الاستقلابية والدموية والصمّاوية، والتي قد لا يكون للعديد منها آثار مرئية على الفور. وتختلف الحالات الصحية موضع الفحص من بلد إلى آخر، بحسب معدل الانتشار والتكلفة. ويتزايد فحص المواليد حتى في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

العلاج والرعاية

يمكن علاج بعض الاضطرابات الخلقية بواسطة تدخلات طبية أو جراحية. وقد تختلف فرص الحصول على هذه الرعاية باختلاف البلد ومستويات النظام الصحي، وإن كانت رعاية الحالات المعقدة متاحة على نحو متزايد في البيئات المنخفضة والمتوسطة الدخل.

ويمكن للجراحة المقترنة برعاية متابعة عالية الجودة أن تحد، في كثير من الأحيان، من الإماتة المحتملة (مثلما هو الحال بالنسبة لعيوب القلب الخلقية) أو المراضة (مثل الحَنف الخلقي، والشفة المشقوقة/ الحنك المشقوق) المرتبطتين بالاضطرابات الخلقية البنيوية. وغالبًا ما يتم التقليل من المساهمة في الحد من الوفيات والمراضة لهذا الجانب من العلاج. ويتم تحسين النتائج مع الكشف المبكر في المستويات الأدنى من النظام من خلال الفحص والإحالة والتدبير العلاجي (في المراكز المتخصصة في حالة وجود بعض المشكلات مثل عيوب القلب).

ويمكن أن يؤدي علاج بعض الاعتلالات الاستقلابية والدموية والصمّاوية إلى تحسين نوعية الحياة. ويشكل القصور الدَرَقي الخِلقي مثالاً واضحاً على ذلك، حيث إن الكشف والعلاج المبكّران يتيحان النمو البدني والعقلي الكامل للفرد حتى بلوغه مرحلة النضج الصحي الكامل، في حين أن التشخيص الفائت أو عدم توافر علاج بسيط ينطوي على خطر الإصابة بإعاقة ذهنية خطيرة.

وقد يحتاج الأطفال المصابون ببعض أنواع الاضطرابات الخلقية إلى دعم طويل الأمد، بما في ذلك العلاج الطبيعي والمعالجة المقوِّمة للنطق والمعالجة المهنية ودعم الأسرة والمجتمع المحلي.

استجابة منظمة الصحة العالمية

وافقت الدول الأعضاء، من خلال القرار الصادر عن جمعية الصحة العالمية الثالثة والستين (2010) بشأن العيوب الخلقية، على تعزيز الوقاية الأوّليّة وتحسين صحة الأطفال المصابين بالاضطرابات الخلقية عن طريق:

  • إنشاء نظم للتسجيل والترصُّد وتعزيزها؛
  • تطوير الخبرات وبناء القدرات فيما يخص الوقاية من الاضطرابات الخلقية ورعاية الأطفال المصابين بها؛
  • إذكاء الوعي بأهمية برامج فحص المواليد ودورها في تحديد الرضع المصابين باضطرابات خلقية عند الولادة؛
  • دعم أُسر الأطفال المصابين بالاضطرابات الخلقية والإعاقات المرتبطة بها؛
  • تعزيز البحوث المتعلقة بالاضطرابات الخلقية الرئيسية، وتشجيع التعاون الدولي على مكافحتها.

وتنظّم المنظمة، بالتعاون مع شركائها، برامج تدريبية سنوية بشأن ترصّد الاضطرابات الخلقية والوقاية منها. كما تعمل مع الشركاء على توفير الدراية التقنيّة اللازمة لترصُّد عيوب الأنبوب العصبي، ورصد إغناء الأغذية الأساسيّة بحمض الفوليك، وتحسين القدرة المختبريّة على تقدير مخاطر الاضطرابات الخلقيّة التي يمكن الوقاية منها بحمض الفوليك، وتساعد البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل على تحسين مكافحة الحصبة الألمانية ومتلازمة الحصبة الألمانية الخلقية والتخلص منهما عن طريق التمنيع.

وتضع المنظمة أدوات معيارية، بما في ذلك مبادئ توجيهية وخطة عمل عالمية، لتعزيز خدمات الرعاية الصحية والتأهيل دعماً لتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.