التسمم الناجم عن لدغ الثعابين

12 أيلول/سبتمبر 2023

حقائق رئيسية

  • يُقدّر عدد الأشخاص الذي يتعرضون للدغات الثعابين حول العالم بنحو 5,4 مليون شخص سنوياً، ينجم عنها ما يتراوح بين 1,8 و2,7 حالة تسمّم.  
  • يلقى ما بين 410 81 إلى 880 137 شخصاً مصرعهم كل عام بسبب لدغات الثعابين التي تسبب أيضاً نحو ثلاثة أضعاف ذلك من حالات بتر الأطراف وغيرها من حالات العجز الدائمة سنوياً.
  • يمكن أن تتسبّب لدغات الثعابين السامة في الإصابة بشلل قد يعيق التنفس، واضطرابات نزفية يمكن أن تؤدي إلى نزف مميت، وفشل كلوي يتعذّر تداركه، وتلف في الأنسجة يمكنه إحداث عجز دائم وقد يسفر عن بتر الأطراف في بعض الأحيان.
  • يعدّ المزارعون والأطفال أشدّ الفئات تضرّراً من لدغات الثعابين. وكثيراً ما يعاني الأطفال من آثار أشدّ وطأة من البالغين بسبب انخفاض كتلة أجسامهم.

لمحة عامة

تعدّ لدغات الثعابين من قضايا الصحة العامة المنسية في العديد من بلدان المناطق المدارية وشبه المدارية. وتحدث معظم تلك الحالات في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. ففي آسيا، يتعرّض مليونا شخصٍ للتسمم بلدغات الثعابين كل عام، فيما يقُدّر عدد لدغات الثعابين التي تستلزم علاجاً في أفريقيا بما يتراوح بين 000 435 و000 580 حالة سنوياً. وتكثر حالات التسمم بلدغات الثعابين بين النساء والأطفال والمزارعين الذين يعيشون في المجتمعات المحلية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وتتحمل العبء الأكبر البلدان التي تتّسم بضعف النُظم الصحية وشحّ الموارد الطبية.

ويمكن أن تتسبّب لدغات الثعابين السامة في حالات طوارئ طبية حادة تشمل الشلل الوخيم الذي قد يعيق التنفس، والاضطرابات النزفية التي يمكن أن تؤدي إلى نزف مميت، والفشل الكلوي الذي يتعذّر تداركه، وتلف الأنسجة الموضعي الوخيم الذي قد يؤدي إلى عجز دائم وبتر الأطراف. وقد يعاني الأطفال من آثار أكثر وخامة وأسرع وقعاً من البالغين بسبب انخفاض كتلة أجسامهم. 

وبخلاف الكثير من الحالات المرضية الوخيمة الأخرى، هناك علاج ناجع للغاية ضد التسمم بلدغات الثعابين. فمعظم الوفيات والعواقب الخطيرة الأخرى الناجمة عن هذه اللدغات يمكن توقيها بشكل كامل عن طريق إتاحة مضادات السموم المأمونة والفعالة على نطاق أوسع. وتمثّل تلك المضادات العلاج الأكثر فعالية لتوقي أو إبطال معظم الآثار السامة للدغات الثعابين. وترد تلك المضادات في قائمة الأدوية الأساسية لمنظمة الصحة العالمية وينبغي إدراجها في جميع حُزم الرعاية الصحية الأوّلية في الأماكن المعرّضة لحدوث لدغات الثعابين. 

التحديات التي تعترض إنتاج مضادات السموم

يتمثل أحد التحديات الكبرى التي تواجه تصنيع مضادات السموم في إعداد المستمنعات الصحيحة (سمّ الثعابين). ولا يوجد حالياً إلاّ عدد ضئيل من البلدان التي تنتج سموم الثعابين بكميات كافية لتصنيع مضادات السموم، ويعتمد الكثير من المصنّعين على المصادر التجارية عموماً. وقد لا يعكس ذلك كما ينبغي التفاوت الجغرافي في أنواع سموم بعض الأجناس الشائعة.  كما أنّ نقص القدرات التنظيمية اللازمة لمراقبة تلك المضادات في البلدان التي تشهد استفحال مشكلة لدغات الثعابين يؤدي إلى تعذّر تقييم جودة المضادات ومناسبتها.

وهناك مزيج من العوامل التي أدّت إلى وقوع الأزمة الراهنة. فنقص البيانات عن عدد لدغات الثعابين وأنواعها أدّت إلى صعوبة في تقدير الاحتياجات، وفشل سياسات التوزيع أسهم في نزوع صانعي الأدوية إلى وقف إنتاج مضادات السموم أو رفع أسعارها. كما أدّى ضعف التنظيم وتسويق المضادات متدنية الجودة أو غير المناسبة إلى فقدان ثقة الأطباء ومسؤولي الصحة العامة والمرضى في بعض المضادات المتوافرة، ممّا فاقم انحسار الطلب. 

هشاشة النُظم الصحية ونقص البيانات

إن اتخاذ توليفة من التدابير تشمل إتاحة مضادات السموم على نحو استراتيجي قائم على المخاطر، وتوفير التدريب المناسب لموظفي الرعاية الصحية، وإتاحة مضادات السموم والمعدات الفعالة والمأمونة والميسورة التكلفة، إلى جانب تعزيز السلوكيات الصحية المسؤولة، من شأنه أن يحسّن الحصائل الصحية لمرضى لدغات الثعابين ويحدّ بشكل كبير من أثر الأمراض والوفيات المرتبطة بلدغات الثعابين. غير أن عوائق الوصول الجغرافية وعدم ملاءمة الخدمات الصحية في المجتمعات المحلية النائية يعرقل فرص الحصول على العلاج المناسب.

فالنُظم الصحية في كثير من البلدان التي تشيع فيها لدغات الثعابين تفتقر إلى البنية التحتية والموارد اللازمة لجمع بيانات إحصائية متينة عن المشكلة. وما يزيد من صعوبة تقييم الآثار الحقيقية كون الحالات التي تقوم المستوصفات والمستشفيات بإبلاغ وزارات الصحة عنها لا تمثّل، في كثير من الأحيان، إلاّ نسبة ضئيلة من العبء الحقيقي، لأن الكثير من الضحايا لا يتمكّنون أبداً من بلوغ مرافق الرعاية الأوّلية، ولا يُدرجون بالتالي في التقارير ذات الصلة. وتسهم في ذلك عوامل اجتماعية اقتصادية وثقافية تؤثر على سلوك التماس الرعاية الصحية حيث يؤثر العديد من الضحايا الممارسات التقليدية بدلاً من الرعاية في المستشفى.

ويتفشى نقص الإبلاغ عن حالات لدغ الثعابين والوفيات الناجمة عنها. ففي نيبال مثلاً، حيث يعيش 90% من السكان في المناطق الريفية، أبلغت وزارة الصحة عن حدوث 480 لدغة ثعبان نجمت عنها 22 وفاة في عام 2000، غير أنّ الأرقام الخاصة بالعام نفسه التي جُمعت في إطار دراسة مجتمعية أُجريت في منطقة واحدة (شرق نيبال) أشارت إلى وقوع 4078 لدغة نجمت عنها 396 وفاة (1). وبالمثل، أسفرت دراسة مجتمعية واسعة عن الوفيات الناجمة عن لدغات الثعابين في الهند عن تقديرات مباشرة بحدوث 900 45 وفاة (فاصل الثقة 99%:  900 40 إلى 900 50 حالة) في عام 2005، وهو ما يزيد بمعدل 30 مرة عن الأرقام الرسمية الحكومية للهند (2). وتشير التقديرات المنقحة استناداً إلى التشريحات الوصفية وغيرها من البيانات إلى أن ما يناهز 1,2 مليون هندي لقوا حتفهم بسبب التسمم بلدغات الثعابين في الفترة بين عامي 2000 و2019 (بمتوسط 000 58 وفاة سنوياً) (3). كما أظهرت مقارنة بين الوفيات المسجلة في المستشفى في إحدى مقاطعات سري لانكا وبيانات مكتب السجل العام أن 62,5% من الوفيات الناجمة عن التسمم بلدغات الثعابين لم يُبلغ عنها في بيانات المستشفى (4).

وحيث يُفتقر إلى البيانات عن التسمم بلدغات الثعابين، يصعب تحديد الحاجة إلى مضادات السموم على وجه الدقة. ويسفر ذلك عن سوء تقدير الاحتياجات من تلك المضادات من جانب السلطات الصحية الوطنية، ممّا يؤدي إلى انخفاض الطلب عليها وعزوف صانعيها عن إنتاجها، بل ومغادرة بعضهم السوق. ويقترن ضعف بعض الأطر التنظيمية وما يترتب عليه من ترخيص منتجات غير فعالة أو غير سليمة بالممارسات الشرائية السيئة واستراتيجيات التوزيع غير الفعالة، مما يفاقم صعوبات الحصول على مضادات السموم ويؤدي إلى نقص المنتجات المأمونة والفعالة والميسورة التكلفة.

تدني إنتاج مضادات السموم

نظراً لانخفاض الطلب على مضادات السموم، توقف العديد من المصنّعين عن إنتاجها وشهدت أسعار بعض منتجات مضادات السموم ارتفاعاً هائلاً خلال السنوات العشرين الماضية وأصبح العلاج، بالتالي، غير متاح لمعظم من هم في حاجة إليه. وأسهم ارتفاع الأسعار أيضاً في خفض مستوى الطلب بشكل أكبر، إلى حد أصبحت فيه مضادات السموم شحيحة للغاية، بل وحتى اختفت في بعض المناطق. كما أدّى دخول منتجات غير مناسبة أو منتجات لم تخضع لأيّ اختبار، أو حتى منتجات زائفة، إلى بعض الأسواق في تقليص الثقة في العلاج بمضادات السموم عموماً.

ويرى كثيرون أنه ما لم تُتخذ إجراءات قوية وصارمة سريعاً، فإن عجز عرض مضادات السموم بات وشيكاً في أفريقيا وبعض بلدان آسيا.

استجابة المنظمة

اتخذت منظمة الصحة العالمية خطوات لإذكاء وعي السلطات الصحية ومقرري السياسات بهذه القضية. وفي كانون الأول/ديسمبر 2015، أطلقت المنظمة برنامجاً لتقييم مأمونية ونجاعة منتجات مضادات السموم المقرر استخدامها في أفريقيا جنوب الصحراء. ومدّدت المنظمة لاحقاً هذا البرنامج ليشمل إقليمي جنوب شرق آسيا وشرق المتوسط. وتتيح نتائج هذا التقييم التقني والمختبري المفصّل إرشادات مستنيرة للجهات التنظيمية ووكالات المشتريات بشأن مضادات السموم الأنسب لتلبية احتياجاتها. وبناء على طلب من عدة دول أعضاء في الأمم المتحدة، أدرجت المنظمة رسمياً في حزيران/يونيو 2017 التسمم الناجم عن لدغ الثعابين ضمن أمراض المناطق المدارية المهملة ذات الأولوية العليا.

كما أنشئ فريق عامل معني بالتسمم الناجم عن لدغ الثعابين في السنة نفسها، وكلفته بتوجيه وضع خطة طريق استراتيجية للمنظمة بشأن لدغات الثعابين. وتركز هذه الاستراتيجية على الحدّ من الوفيات والإعاقات الناجمة عن التسمم بلدغ الثعابين بنسبة 50% بحلول عام 2030. وستتحقق هذه الغاية من خلال أربعة أهداف رئيسية هي التالية:

  • تمكين المجتمعات المحلية وإشراكها؛
  • تأمين علاج مأمون وناجع؛
  • تقوية النُظم الصحية؛
  • تعزيز الشراكات والتنسيق والموارد.

ونُشرت مقالة موجزة عن استجابة منظمة الصحة العالمية في مجلة الأمراض المدارية المهملة في شباط/فبراير 2019 (5). وأُطلقت الاستراتيجية نفسها في أيار/مايو 2019 ويمكن الحصول هنا على نسخ إلكترونية لخريطة الطريق.

وتعمل المنظمة عن كثب مع مجموعة واسعة من الشركاء لضمان نجاح تنفيذ خريطة الطريق. وتركز الاستراتيجية على الأنشطة في البلدان والأقاليم التي تحدث فيها حالات تسمم بلدغات الثعابين، بدعم من الوحدات التقنية في المنظمة. وقد دُشن بالفعل عدد كبير من مشاريع بناء القدرات، ويجري التركيز بشكل خاص على إعداد حُزم أدوات لإشراك المجتمعات المحلية (6)، وتنفيذ تدخلات محددة لتحسين الحصول على مضادات السموم التي توصي بها المنظمة (7)، وتقوية الأطر التنظيمية ومراقبة منتجات مضادات السموم وتوجيه التصميم الرشيد القائم على الأدلة (رابط)، وتحسين جمع البيانات وتحليلها (رابط)، ووضع تقديرات لتوزيع الثعابين وخطورة حدوث لدغات الثعابين في صفوف الفئات السكانية المعرّضة لخطرها باستخدام نماذج البيانات الجغرافية المكانية (8)، وإدماج التسمم الناجم عن لدغ الثعابين في خطط الصحة الوطنية للبلدان المتأثرة.

وتحثّ المنظمة الهيئات التنظيمية والمنتجين والباحثين والأطباء السريريين والسلطات الصحية الوطنية والإقليمية والمنظمات الدولية والمجتمعية على العمل سوية من أجل تحسين توافر البيانات الوبائية الموثوقة بخصوص لدغات الثعابين والرقابة التنظيمية لمضادات السموم وسياسات توزيعها.

وأطلقت المنظمة أداتين للمساعدة على توجيه استحداث مضادات السموم المناسبة وتوزيعها بشكل استراتيجي:

وستساعد هذه المعلومات الجهات التالية:

  • مسؤولي الصحة العامة في تحديد مضادات السموم اللازمة في بلدهم وصوغ السياسات الصحية العامة الوطنية ذات الصلة؛
  • الهيئات الوطنية المعنية بتنظيم الأدوية في منح الأولوية لمضادات السموم كي يتم تسجيلها، وتقييم مأمونية تلك المضادات وجودتها ونجاعتها في تلبية الاحتياجات الصحية العامة الوطنية؛
  • الوكالات المعنية بشراء الأدوية في اختيار مضادات السموم المناسبة للاحتياجات العلاجية الوطنية؛
  • صانعي مضادات السموم في وضع خطط لإنتاج وبيع المضادات المناسبة؛
  • الأطباء ومهنيي الرعاية الصحية في علاج لدغات الثعابين؛
  • عامة الناس في معرفة الثعابين السامة التي تعيش في منطقتهم والتمكّن من تحديدها.

المراجع:

1. Sharma SK. Snake bites and dog bites in Nepal: community based studies on snake bites and dog bites. Department of Medicine, B P Koirala Institute of Health Sciences, presentation made at the WHO first Consultative Meeting on Rabies and Envenomings, Geneva, 10 January 2007.

2. Mohapatra B, Warrell DA, Suraweera W, Bhatia P, Dhingra N, Jotkar RM, Rodriguez PS, Mishra K, Whitaker R, Jha P. Snakebite Mortality in India: A Nationally Representative Mortality Survey. PLOS Negl Trop Dis. 2011. 5(4): e1018

3. Suraweera W, Warrell D, Whitaker R, Menon G, Rodrigues R, Sze HF, et al. Trends in snakebite deaths in India from 2000 to 2019 in a nationally representative study. Elife. 2020. 9: e54076.

4. Fox S, Rathuwithana AC, Kasturiratne A, Lalloo DG, de Silva HJ. Underestimation of snakebite mortality by hospital statistics in the Monaragala District of Sri Lanka. Trans R Soc Trop Med Hyg. 2006. 100(7): 693–695.

5. Williams DJ, Faiz MA, Abela-Ridder B, Ainsworth S, Bulfone TC, Nickerson AD, et al. Strategy for a globally coordinated response to a priority neglected tropical disease: Snakebite envenoming. PLoS Negl Trop Dis. 2019. 13(2): e0007059.

6. Moos B, Williams D, Bolon I, Mupfasoni D, Abela-Ridder B, de Castaneda RR. A scoping review of current practices on community engagement in rural East Africa: Recommendations for snakebite envenoming. Toxicon: X. 2021 Sep 1;11:100073.

7. Potet J, Beran D, Ray N, Alcoba G, Habib AG, Iliyasu G, Waldmann B, Ralph R, Faiz MA, Monteiro WM, Sachett JD. Access to antivenoms in the developing world: A multidisciplinary analysis. Toxicon: X. 2021 Nov 1;12:100086.

8. Pintor AF, Ray N, Longbottom J, Bravo-Vega CA, Yousefi M, Murray KA, Ediriweera DS, Diggle PJ. Addressing the global snakebite crisis with geo-spatial analyses–Recent advances and future direction. Toxicon: X. 2021 Sep 1;11:100076.