ارتفاعُ ضغط الدم

(ارتفاع ضغط الدَّم)

حسبGeorge L. Bakris, MD, University of Chicago School of Medicine
تمت مراجعته ربيع الثاني 1444

ارتفاع ضغط الدَّم (فرط ضغط الدم hypertension) هو ضغط مرتفع باستمرار في الشرايين.

  • لا يمكن تحديدُ سببٍ لارتفاع ضغط الدَّم غالبًا، ولكنَّه يحدثُ في بعض الأحيان نتيجةً لاضطراب كامنٍ في الكُلى أو لاضطرابٍ هرمونيٍّ.

  • يمكن للسّمنة ونمط الحياة الكسولة والشِّدَّة النفسيَّة والتدخين وتناول كميَّات كبيرة من الكحول أو الصوديوم (الملح) في النظام الغذائي أن تسهم في الإصابة بارتفاع ضغط الدَّم عندَ الذين لديهم ميلٌ وراثيٌّ للإصابة به.

  • لا تظهر أعراضٌ لارتفاع ضغط الدَّم عندَ معظم الأشخاص.

  • يُشخِّص الأطباءُ ارتفاع ضغط الدَّم بعد قياسه في وقتين مختلفين أو أكثر.

  • يُنصَح المرضى بإنقاص الوزن والتَّوقُّف عن التدخين وخفض كميَّات الصوديوم والدُّهون في نظامهم الغذائي.

  • كما يجري استعمالُ الأدوية الخافضة للضغط.

تُشير كلمة ارتفاع ضغط الدَّم عند الكثير من الأشخاص إلى التوتُّر المفرط أو العصبيَّة أو الشِّدَّة النفسيَّة.ومن النَّاحية الطبية، يُشير مصطلح ارتفاع ضغط الدَّم إلى ارتفاعه المستمرّ، بغضِّ النَّظر عن السبب.ونتيجةً لعدم تسبُّببه بظهور أعراضٍ لعدَّة سنوات - ما لم يتضرَّر أحد الأعضاء الحيويَّة - فقد أُطلقَ على ارتفاع ضغط الدم اسم القاتل الصَّامت silent killer.يزيد ارتفاع ضغط الدَّم غير المضبوط من خطر حدوث مشاكل مثل السَّكتة الدِّماغية وأمُّ الدَّم وفشل القلب والنَّوبة القلبيَّة وداء الكلية المزمن.

يُعاني حَوالى نصف البالغين في الولايات المتحدة من ارتفاع ضغط الدم أو يتناولون أدويةً لارتفاع ضغط الدم.لا يدرك الكثير من الأشخاص أنهم مصابون بارتفاع ضغط الدم.يحدث ارتفاع ضغط الدم في كثير من الأحيان لدى البالغين من غير ذوي الأصول الأسبانية (56٪) مقارنة بـ 48٪ من البالغين البيض من غير ذوي الأصول الأسبانية و 46٪ من البالغين الآسيويين من غير ذوي الأصول الأسبانية، أو 39٪ من البالغين من الأصول الأسبانية.يحدث ارتفاع ضغط الدَّم غالبًا عندَ كبار السن - عند حَوالى ثلاثة أرباع الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، مقارنةً بحدوثه عند حَوالى ربع الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 44 عامًا.يبلغ خطرُ الإصابة بارتفاع ضغط الدَّم عند الأشخاص الذين يكون ضغط دمهم طبيعيًّا بعمر 55 عامًا 90٪ في إحدى مراحل حياتهم.ويكون احتمال الإصابة به مضاعفًا عند الذين يُعانون من السّمنة، مقارنةً بمن لا يعانون منها.

اقتصر تشخيص ارتفاع ضغط الدَّم في الولايات المُتَّحدة على حَوالى 81% من المصابين بهذه الحالة فعلًا.يستعمل حَوالى 73% من الذين شُخِّص لديهم ارتفاع ضغط الدم العلاج الخافض للضغط، ويكون هذا العلاج فعَّالًا عند حَوالى 51% منهم.

أضواء على الشيخوخة: ارتفاع ضغط الدم

يمكن للتغيُّرات النَّاجمة عن الشيخوخة أن تُسهِمَ في الإصابة بارتفاع ضغط الدَّم المجهول السبب (ارتفاع ضغط الدَّم الأساسي أو الأوَّلي primary hypertension)؛فمع التَّقدُّم بالعمر، تتصلَّب الشرايينُ الكبيرة تدريجيًّا وقد تصبح الشرايين الصغيرة مسدودةً جزئيًّا.ويعتقد بعض الخبراء أنَّ هذا التَّصلُّب المترافق مع تضيُّق الشرايين الصغيرة قد يُفسِّر جزئيًّا سبب ارتفاع ضغط الدَّم مع تقدُّم الأشخاص بالعمر.

يَجرِي تسجيل قيمتين عندَ قياس ضغط الدَّم.تُعبِّر القيمة الأعلى عن الضَّغط الأعلى في الشرايين، والتي تُقاسُ عندما يكون القلب مُتقلِّصًا (يُسمى الانقباض).وتعبَّر القيمةُ الأدنى عن الضَّغط الأدنى في الشرايين، والتي تُقاسُ قبل أن يبدأ القلب بالتَّقلُّص مَرَّةً أخرى (يُسمى الانبساط).تجري كتابة ضغط الدَّم بصيغة الضغط الانقباضي / الضغط الانبساطي، مثل، 120 / 80 ملم زئبقي (مليمترات من الزئبق).ويُشار إلى هذه القراءة بتعبير "120 على 80".

تصنيفُ ضغط الدم

يُصنَّف ضغطُ الدم عندَ البالغين على أنَّه طبيعي أو مرتفع أو مرتفع من الدرجة 1 (خفيف) أو من الدرجة 2.

إلَّا أنَّه كلما ارتفع ضغط الدم، ازداد خطرُ حدوث مضاعفات - حتى ضمن النطاق الطبيعي لضغط الدم - لذلك فإنَّ هذه الحدود تقريبيَّة إلى حدِّ ما.

ارتفاع ضغط الدَّم الإلحاحي hypertensive urgency هو ضغط الدم انبساطي يزيد على 120 ملم زئبق، ولكن لم يتسبَّب بعد في أي ضرر عضوي واضح للأشخاص أو لأطبِّائهم.لا يؤدي ارتفاعُ ضغط الدَّم الإلحاحي إلى ظهور أعراضٍ عادةً.

ارتفاع ضغط الدَّم الطارئ hypertensive emergency هو شكل شديد جدًّا من ارتفاع ضغط الدم.يكون مستوى ضغط الدم الانبساطي 120 ملم زئبق على الأقل، مع أدلّة على حدوث ضرر تدريجي في واحد أو أكثر من الأعضاء الحيوية (الدماغ والقلب والكلى عادةً)، ويكون مصحوبًا بمجموعة متنوّعة من الأعراض غالبًا.ويعدُّ ارتفاع ضغط الدَّم الطارئ أو الإسعافي من الحالات غير الشائعة، ولكنَّه أكثر شُيُوعًا بين الأشخاص من الأصول الأفريقية مقارنةً بالأشخاص من الأصول الأوروبية، وبين الرجال أكثر من النساء، وبين الأشخاص من الفئات الاجتماعية والاقتصادية الدنيا من الفئات الاجتماعية والاقتصادية الأعلى.قد يؤدّي ارتفاع ضغط الدَّم الطارئ إلى الوفاة إذا لم يُعالَج.

الجدول

تحكُّم الجسم بضغط الدم

يوجد عددٌ من الآليَّات لضبط ضغط الدَّم؛حيث يمكن للجسم تغيير:

  • كمية الدَّم التي يضخُّها القلب

  • قُطر الشرايين

  • حجم الدَّم في الأوعية

لزيادة ضغط الدم، ييضخُّ القلب كميَّةً أكبر من الدَّم بقوَّةٍ أو بسرعةٍ أكبر.يمكن أن تتضيَّق (أو تتقلَّص) الشرايين الصغيرة (الشُّرينات arterioles)، ممَّا يُجبر الدَّم على المرور من خلال لمعةٍ أضيق من الطبيعي عندَ كلِّ ضربة قلبية.ونتيجةًً لتضيُّق لُمعة الشرايين، فإنَّ مرور نفس الكميَّة من الدَّم من خلالها يزيد من ضغط الدَّم.ويمكن أن تتقلَّص الأوردةُ لتقليل قدرتها على الاحتفاظ بالدم، ممَّا يؤدي إلى دفع المزيد من الدَّم في الشرايين.ونتيجةً لذلك، يزداد ضغطُ الدم.وقد يُضافُ سائلٌ إلى مجرى الدَّم لزيادة حجمه، ومن ثَمّ زيادة ضغط الدم.

لخفض ضغط الدم، يمكن للقلب ضخُّ الدَّم بقوةٍ أو بسرعةٍ أقل، وقد تتوسَّع الشرايين والأوردة (تتمدَّد)، كما يمكن سحب السَّائِل من مجرى الدم.

يجري ضبطُ هذه الآليات من خلال التقسيم الوُدِّي بواسطة الجهاز العصبي اللاإرادي (جزء الجهاز العصبي الذي ينظم عمليات الجسم الداخلية التي لا تتطلب أيَّ جهدٍ واعٍٍ) ومن خلال الكُلى.

يستعمل الجزءُ الوُّدِّي عدَّة وسائل لزيادة ضغط الدَّم بشكل مؤقَّت خلال استجابة المواجهة أو الفرار hypertensive emergency (ردَّة فعل الجسم الفيزيائيَّة تجاه التهديد).

  • يقوم الجزءُ الودِّي بتنبيه الغدتين الكظريَّتين لتحرير هرمونات إيبينفيرين (أدرينالين) ونورإيبينفيرين (نورأدرينالين).تُنبِّهُ هذه الهرموناتُ القلبَ لتكون ضرباته أكثرَ سرعةً وقوَّة، ولتضييق معظم الشرينات وتوسيع بعضها.الشريناتُ arterioles التي تتوسَّع هي تلك الموجودة في المناطق التي تحتاج إلى زيادة إمدادات الدَّم (كما هيَ الحال في عضلات الهيكل العظمي - العضلات التي يتحكَّم بها الجهد الواعي (العضلات الإراديَّة).

  • كما يقوم الجزء الودِّي بتنبيه الكُلى لتقليل طرح الصوديوم والماء، وبذلك يزداد حجمُ الدم.يضبطُ الجسمُ حركة الصوديوم داخل وخارج الخلايا تجنُّبًا لتجمُّع كميَّة زائدة من الصوديوم داخل الخلايا؛فقد يُؤدِّي وجود كميات زائدة من الصوديوم داخل الخلايا إلى زيادة حساسيَّة الجسم للتنبُّه بالجزء الودِّي العصبي.

كما تكون استجابة الكلى فوريَّة للتغيّرات الحاصلة في ضغط الدم؛فعندَ ارتفاع ضغط الدم، يزداد طرح الكلى للصوديوم والماء بهدف تقليل حجم الدَّم حتى يعود ضغط الدَّم إلى وضعه الطبيعي.وخلافًا لذلك، فعند انخفاض ضغط الدم، يقلُّ طرح الكلى للصوديوم والماء، بحيث يزداد حجم الدَّم ويعود ضغط الدَّم إلى وضعه الطبيعي.ويمكن للكلى أن تزيدَ من ضغط الدَّم من خلال إفراز إنزيم الرينين، الذي يؤدِّي في نهاية المطاف إلى إنتاج هرمون الأنجيوتنسين 2

يساعد أنجيوتنسين 2 على زيادة ضغط الدَّم من خلال:

  • التَّسبب في انقباض الشُّرينات

  • تنبيه القسم الودّي في الجهاز العصبي اللاإرادي أو المستقلّ

  • تنبيه تحرُّر هرمونين آخرين هما ألدوستيرون aldosterone وفازوبريسين vasopressin (يًُسمَّى الهرمون المضَّاد للِّإدرار antidiuretic hormone أيضًا) اللذان يؤديان إلى زيادة احتبِاس الكلى للصوديوم والماء.

تقوم الكُلى عادةً بإنتاج المواد التي تُسبِّبُ توسُّع الشُّرينات الموجودة داخلها.ويساعد هذا على تحقيق التوازن بين تأثيرات الهرمونات التي تُسبِّب تقلُّص أو انقباض الشرينات.

يختلف ضغطُ الدَّم بشكلٍ طبيعيٍّ خلال حياة الشَّخص؛حيث يكون ضغط الدَّم عند الرُّضَّع والأطفال أدنى بكثير من ضغط الدَّم عند البالغين عادةً.ويزداد ضغط الدَّم مع التقدُّم بالعمر عندَ معظم الناس في الدُّول الصناعيَّة، مثل الولايات المتَّحدة.يزداد الضغط الانقباضي حتى بلوغ الشخص 80 عامًا على الأقلّ، وتحدث زيادة الضغط الانبساطي حتى بلوغ الشخص 55-60 عامًا، ثمَّ يتوقُّف حدوث ارتفاع الضَّغط أو قد ينخفض.ولكن، بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في بعض المناطق التي يكون واردهم من الصوديوم فيها منخفضًا ومستوى النشاط البدني أعلى مما هو عليه الحال في الولايات المتحدة، فلا يزداد ضغط الدم الانقباضي ولا الانبساطي بالتزامن مع التقدم في العمر، ويكون ارتفاع ضغط الدم غير موجود من الناحية العملية.

تنظيم ضغط الدم: جملة الرينين - أنجيوتنسين - ألدوستيرون

جملة الرينين - أنجيوتنسين - الألدوستيرون renin-angiotensin-aldosterone system هي سلسلة من التفاعلات المُصمّمة للمساعدة على تنظيم ضغط الدَّم؛

  1. فعندَ حدوث هبوط في ضغط الدَّم (الانقباضي، إلى 100 ملم زئبقي أو أقل)، تقوم الكلى بتحرير إنزيم الرينين في مجرى الدم.

  2. يتجزَّأ الرينين الذي هو من مشتقَّات الأنجيوتنسينوجين أو مولِّد الأنجيوتنسين angiotensinogen، وهو بروتين كبير يجول في مجرى الدم، إلى أجزاء.وأحد الأجزاء هو الأنجيوتنسين 1.

  3. ينقسم أنجيوتنسين 1، وهو غير نَشِط أو فعّال نسبيًّا، إلى أجزاء بواسطة الإنزيم المحوِّل للأنجيوتنسين ngiotensin-converting enzyme (ACE).وهناك جزء آخر هو الأنجيوتنسين 2، وهو هرمون شديد الفعالية.

  4. يتسبَّب الأنجيوتنسين 2 بتقلُّص عضلات جدران الشرايين الصغيرة (الشُّرينات) وارتفاع ضغط الدم.كا يقوم أنجيوتنسين 2 بتنبيه تحرير هرمون الألدوستيرون من الغدّتين الكُظريتين، والفازوبريسين (الهرمون المضاد لإدرار البول) من الغُدَّة النُّخامِيَّة.

  5. يؤدي الألدوستيرون Aldosterone والفازوبريسين إلى احتباس الصوديوم (الملح) من قبل الكلى.كما يؤدي الألدوستيرون إلى طرح البوتاسيوم عن طريق الكلى.تؤدي زيادة الصوديوم إلى احتباس الماء، ومن ثمّ زيادة حجم وضغط الدَّم.

يؤثر النَّشاط في ضغط الدم بشكلٍ مؤقَّت، حيث يرتفع في أثناء ممارسة النشاط، ويعود لينخفض خلال فترات الرَّاحة.كما يوجد اختلافٌ في ضغط الدَّم باختلاف فترات اليوم: حيث يرتفع في الصباح وينخفض ليلًا خلال النوم.يكون حدوث هذه الاختلافات طبيعيًّا.عندما يتسبَّب التَّغيّر في زيادة عابرة في ضغط الدم، يجري تنبيه إحدى آليات الجسم التَّعويضية لمواجهة هذا التغيّر والحفاظ على ضغط الدم ضمن المستويات الطبيعية؛فمثلاً، تؤدِّي زيادة كمية الدَّم التي يضخُّها القلب - والتي تميل إلى رفع ضغط الدَّم - إلى توسُّع الأوعية الدموية وزيادة طرح الصوديوم والماء من الكُلى - وهذا يميل إلى خفض ضغط الدم.

أسباب ارتفاع ضغط الدم

يمكن أن يكون ارتفاعُ ضغط الدَّم

  • أوَّليًّا

  • ثانويًّا

ارتفاعُ ضغط الدَّم الأوَّلي

يُسمَّى ارتفاع ضغط الدَّم المجهول السَّبب ارتفاعَ ضغط الدَّم الأوَّلي primary hypertension (كان يسمَّى الأساسي essential سابقًا).يُعاني ما بين 85-95% من الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدَّم من ارتفاع ضغط الدَّم الأوَّلي.قد يشترك عدد من التغيُّرات في القلب والأوعية الدموية في حدوث ارتفاع ضغط الدم؛فمثلًا، يمكن أن تزداد كمية الدَّم التي يضخُّها القلب في الدقيقة (النِّتاج القلبي cardiac output)، ويمكن أن تزداد مقاومة جريان الدَّم نتيجة انقباض الأوعية الدموية.وقد يحدث ذلك بسبب زيادة حجم الدَّم أيضًا.تكون أسبابُ هذه التغيُّرات غير مفهومة بشكلٍ كامل، ولكن يبدو أنها تنطوي على شذوذات وراثيَّة تُؤثِّر في انقباض الشُّرينات التي تساعد على ضبط ضغط الدَّم.وقد تُسهم التَّغيراتُ الأخرى في زيادة ضغط الدم، بما فيها تجمُّع كمياتٍ كبيرةٍ من الصوديوم داخل الخلايا وانخفاض إنتاج المواد التي تُوسِّع الشُّرينات.

ارتفاعُ ضغط الدَّم الثانوي

يُسمَّى ارتفاع ضغط الدَّم النَّاجم عن سببٍ معروفٍ ارتفاعَ ضغط الدَّم الثَّانوي secondary hypertension.يُعاني ما بين 5-15% من المصابين بارتفاع ضغط الدَّم من ارتفاع ضغط الدَّم الثانوي.

ينجم ارتفاع ضغط الدَّم عندَ الكثير من أولئك الأشخاص عن:

  • اضطراب في الكلى

يمكن أن يؤدي عدد من اضطرابات الكلى إلى زيادةٍ في ضغط الدَّم، لأنَّ للكلى دورًا مهمًّا في ضبطه؛فمثلًا، يمكن للأضرار التي تُصيبُ الكُلى نتيجة حدوث التهابٍ أو الإصابة باضطراباتٍ أخرى أن تُضعفَ قدرتها على طرح كمية كافية من الصوديوم والماء من الجسم، ممَّا يزيد من حجم الدَّم وضغطه.تشتمل اضطراباتُ الكلى الأخرى التي تسبب ارتفاع ضغط الدم على تضيق الشريان الكلوي (تضيُّق الشريان المُغذِّي لإحدى الكليتين)، والذي قد يكون ناجمًا عن التَّصلُّب العصيدي أو عدوى الكلى (التهاب الحويضة والكلية) أو التهاب كبيبات الكلى أو أورام الكلى أو مرض الكلى المتعدد الكيسات أو إصابات الكلية أو العلاج الشُّعاعي الذي يؤثر في الكلى.

يكون سبب ارتفاع ضغط الدَّم الثَّانوي عند الأشخاص الآخرين هو الإصابة باضطرابٍ آخر، مثل:

  • الاضطرابات الهُرمونِيَّة

  • استِخدام بعض الأدوية

تشتمل الاضطراباتُ الهُرمونِيَّة التي تُسبِّبُ ارتفاع ضغط الدَّم على فرط الأَلدوستيرونِيَّة hyperaldosteronism (فرط إنتاج الألدوستيرون، من خلال ورمٍ غير سرطاني في إحدى الغدّتين الكُظريتين غالبًا) أو مُتلازمة كوشينغ Cushing syndrome (اضطراب يتميَّز بارتفاع مستويات الكورتيزول cortisol) أو فرط نشاط الغُدَّة الدرقية hyperthyroidism (فرط الدرقية)، وفي حالاتٍ نادرة، ورم القواتم pheochromocytoma (ورم يتوضَّع في الغُدَّة الكظرية ويُنتج هرموني إيبنفيرين epinephrine ونورإيبنفيرين norepinephrine).

تشتمل الأدوية التي يمكن أن تسبب ارتفاع ضغط الدم أو تفاقمه على الكحول (الاستعمال المفرط)، الأدوية المنبهة (مثل أمفيتامين، وكوكايين، والستيرويدات القشريَّة، ومضادَّات الالتهاب غير الستيرويديَّة، وموانع الحمل الفموية (حبوب منع الحمل)، ومحاكيات الودّي (sympathomimetics، وهي مضادات احتقان معينة تُستخدم في أدوية الزُّكام، مثل سودوإيفيدرين وفينيليفرين).

ويتداخل تصلُّب الشرايين في ضبط الجسم لضغط الدم، ممَّا يزيد من خطر ارتفاعه؛ذلك أنَّ تصلُّبَ الشرايين يجعل الشرايين قاسية، ممَّا يمنع توسُّعها الذي من شأنه منع عودة ضغط الدَّم إلى مستواه الطبيعي.

تنطوي الاضطراباتُ الأخرى التي قد تسبب ارتفاع ضغط الدم على ما يلي: تضيُّق الأبهر ومُقدمات الانسمام الحملي والبُرفيرِيَّة الحادَّة المُتَقَطِّعَة والتَّسمُّم الحادّ بالرَّصاص.

العواملُ المساهمة

يمكن للسّمنة، ونمط الحياة الخامل، والشِّدَّة النفسيَّة، والتدخين، وتناول كميَّات كبيرة من الكحول أو الصوديوم في النظام الغذائي أن تسهم في حدوث ارتفاع ضغط الدَّم عندَ الذين لديهم ميلٌ وراثيٌّ لحدوثه.كما يمكن لانقطاع النَّفس النَّومي أن يُسهمَ في تفاقم أو ارتفاع ضغط الدَّم الموجود.

تميل الشِّدَّة النفسيَّة إلى التَّسبُّب في ارتفاعٍ مؤقَّت في ضغط الدَّم، ولكن ضغط الدَّم يعود إلى وضعه الطبيعي بمجرد زوال الشِّدَّة النفسيَّة عادةً.ومن الأمثلة على ذلك "ارتفاع ضغط الدَّم المرتبط بالمعطف الأبيض white coat hypertension"، حيث يؤدي التوتُّر النَّاجم عن زيارة عيادَة الطَّبيب إلى حدوث ارتفاعٍ في ضغط الدَّم إلى مستوى يمكن اعتباره مرتفعًا أو حتى اعتباره كحالة ارتفاع في ضغط الدم.وهذه الزيادات المؤقتة هي إحدى الأسباب التي تجعل الأطباء يقومون حاليًا بقياس ضغط الدم عدة مرات في عدة زيارات مختلفة قبل وضع تشخيص ارتفاع ضغط الدم.قد تنجم قراءة واحدة مرتفعة من بين عدة قراءات طبيعية عن الشدة النفسية، ولكن إذا كان ضغط الدم مرتفعًا باستمرار، فمن غير المنطقي عزوه إلى الشده النفسية.كما يمكن للقلق أن يُسبب أيضًا ارتفاع ضغط الدم، ويمكن للأطباء تقرير ما إذا كانت معالجة القلق مناسبة، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى خفض ضغط الدم لدى الشخص.

أعراض ارتفاع ضغط الدم

لا يُؤدي ارتفاعُ ضغط الدَّم عند معظم الأشخاص إلى ظهور أعراض، برغم الظهور المتزامن لأعراضٍ معيَّنةٍ معروفة، ولكنَّها تُعزى بالخطأ إلى ارتفاع ضغط الدَّم، مثل الصُّداع والرُّعاف (نزف من الأنف) والشعور بالدَّوخة والإرهاق وتورُّد الوجه.قد تظهر هذه الأعراضُ عند الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدَّم، لكنَّ هذه الأعراضَ قد تظهر عند الذين يكون ضغط دمهم طبيعيًّا في بعض الأحيان.

يمكن أن يؤدي ارتفاعُ ضغط الدَّم الشديد أو الطويل الأمد الذي لم يَجرِ علاجه إلى ظهور أعراض، لأنه قد يُلحق الضَّررَ بالدِّماغ والعينين والقلب والكلى.وتشتمل الأَعرَاضُ على الصُّداع والتَّعب والغثيان والتقيّؤ وضيق النَّفس والتململ.يُسبِّبُ ارتفاعُ ضغط الدَّم الشديد تورُّمًا في الدماغ في بعض الأحيان، ممَّا يؤدِّي إلى الغثيان والتقيّؤ وتفاقم الصُّداع والنُّعاس والتَّخليط الذهنِي والاختِلاجَات والوسن، وحتى الغيبوبة.ويُطلَق على هذه الحالة اسم الاعتِلاَل الدِّماغِيّ بارتِفاعِ ضَغطِ الدَّم hypertensive encephalopathy.

يزيد ارتفاع ضغط الدَّم الشديد من عبء عمل القلب، وقد يُسبِّبُ ألمًا في الصدر أو ضيقًا في النَّفس.يُؤدِّي الارتفاع الشديد في ضغط الدَّم إلى تمزُّق الشريان الذي يمرُّ من خلاله الدَّم الخارج من القلب (الشريان الأبهر)، ممَّا يسبِّب ألمًا في الصدر أو البَطن.والأشخاصُ الذين يُعانون من مثل هذه الأعراض يُعانون من حالة ارتفاع ضغط دمٍ طارئة تحتاج إلى معالجةٍ إسعافيَّة.

أمَّا إذا كان ارتفاعُ ضغط الدَّم ناجمًا عن الإصابة بورم القواتم، فقد تنطوي الأعراض على الشُّعور بالصُّدَاعٍ الشديد والقلق والشُّعور بمعدَّل ضربات القلب السريع أو باضطراب نَظم القلب (خفقان القلب) والتَّعرُّق المُفرِط والرُّعاش والشحوب.تنجم هذه الأَعرَاضُ عن وجود مستوياتٍ مرتفعةٍ من هرموني الإيبنفيرين والنورإيبنفيرين اللذين يُنتجهما ورمُ القواتم.

هل تعلم...

  • تُنسبُ بعضُ الأَعرَاض، مثل الصُّداع والرُّعاف (نزف من الأنف) والدَّوخة وتورُّد الوجه والتعب، إلى ارتفاع ضغط الدَّم عادةً، ولكنَّها يمكن أن تظهرَ عند أشخاصٍ لا يُعانون من ارتفاعٍ في ضغط الدم في كثيرٍ من الأحيان.

مُضَاعَفاتُ ارتفاع ضغط الدَّم

يمكن أن يؤدّي ارتفاعُ ضغط الدَّم لمدة طويلة إلى تضرُّر القلب والأوعية الدموية وزيادة خطر حدوث:

يؤدي استمرار ارتفاع ضغط الدَّم لمدَّة طويلة إلى تضخُّم القلب وزيادة سماكة جدرانه نظرًا لاضِّطراره للعمل بقوّة لضخِّ الدَّم.وتكون الجدران المتسمّكة أكثرَ صلابةً من المعتاد.وهكذا، فإنَّ حُجُرات القلب لا تتوسَّع بشكلٍ طبيعيٍّ ويَصعُبُ ملؤها بالدم، مما يزيد من عبء عمل القلب.قد تؤدِّي هذه التغيُّراتُ في القلب إلى اضطرابٍ في نََظمه أو فشله.

يُسبِّبُ ارتفاعُ ضغط الدَّم زيادةً في سماكة جدران الأوعية الدموية ويجعلها أكثرَ عُرضةً لتصبح قاسيةً نتيجة حدوث تصلُّبٍ في الشرايين (التَّصلُّب العصيدي atherosclerosis).ويكون المرضى الذين يعانون من زيادةٍ في سماكة جدران الأوعية الدموية ومن تصلُّب الشرايين مُعرَّضين لخطرٍ أكبر للإصابة بالسكتات الدماغيَّة والنوبات القلبيَّة والخرف الوعائي والفشل الكلوي.تُعَدُّ السَّكتة الدِّماغية والنوبات القلبية من الأمراض القلبيَّة الوعائيَّة العصيديَّة (ASCVD).

تشخيص ارتفاع ضغط الدم

  • قياس ضغط الدم

للحصول على قراءات أكثر دقّة، مثل تلك المستخدمة لتشخيص حالة شخصٍ مصابٍ بارتفاع ضغط الدَّم بالمقارنة مع تلك المأخوذة من الفحوص العَرَضية، يتبع الأطباء بروتوكولاً محددًا عند قياس ضغط الدَّم (انظر قياس ضغط الدَّم).يجري قياسُ ضغط الدَّم بعدَ جلوس الشخص لمدَّة 5 دقائق.يجب أن يكون الشخص قد توقَّف عن ممارسة الجهد أو تناول الكافيين أو التدخين لمدة 30 دقيقة على الأقلّ قبل القياس.وتُعدُّ القراءة 130 / 80 ملم زئبقي أو أكثر مرتفعة، ولكن التَّشخيص لا يمكن أن يعتمدَ على قراءةٍ مرتفعةٍ واحدة.كما أنَّ عدَّة قراءاتٍ مرتفعة ليست كافية لوَضع التَّشخيص في بعض الأحيان، لاحتمال وجود اختلافاتٍ كبيرة في القراءات على سبيل المثال؛فإذا كانت قراءة الضغط الأوَّليَّة مرتفعة، ينبغي قياسه مرَّةً أخرى خلال نفس الزيارة، ثمَّ قياسه مرَّتين على الأقلّ خلال اليومين التاليين للتَّأكُّد من أن ارتفاع ضغط الدَّم لا يزال موجودًا.

قياسُ ضغط الدم

يمكن قياسُ ضغط الدَّم بواسطة عدد من الأجهزة بسرعةٍ وبأقلِّ قدرٍ من الإزعاج.ولكن، يجري استعمالُ مقياس ضغط الدَّم sphygmomanometer عادةً.وهو يتألّف من كُمٍّ مطاطيٍّ ليِّن متَّصلٍ بكرةٍ مطاطيَّةٍ تُستَعمل لنفخ الكُّمِّ، ومقياسٍ لتسجيل ضغط الكُّم.قد يكون المقياسُ بشكل ساعة مُدرَّجة، أو مقياسًا رقميًا، أو عمودًا زجاجيًّا مملوءًا بالزئبق.ويُقاس ضغطُ الدَّم بالملليمتر الزئبقي (ملم زئبق)، لأنَّ الجهاز الأوَّل الذي استُعمِلَ لقياسه هو عمودٌ من الزِّئبق.

عند استخدام جهاز قياس الضغط، ينبغي أن يجلس الشَّخص بوضعية تكن فيها الرِجلين غير متصالبتين والظهر مدعوم.تجري تعرية الذراع (إذا جَرَى طيُّ الكُم، يجب توخِّي الحذر للتأكد من أنَّه ليس مشدودًا حول الذراع) وثنيها وإراحتها على الطَّاولة، بحيث يكون مستوى الذراع موازيًا لمستوى القلب؛ثم يجري لفُّ الكُمِّ حول الذراع.من الضروري استعمالُ الكمِّ المناسب لحجم الذراع؛فإذا كان الكُمُّ صغيرًا جدًّا، تكون قراءة ضغط الدَّم شديدة الارتفاع.أمَّا إذا كان الكُمُّ كبيرًا جدًّا، فتكون القراءة شديدةَ الانخفاض.

يُجرى الاستماعُ من خلال سمَّاعة الطبيب التي تُوضَع على الشريان تحت الكُمِّ، ثمَّ يقوم الممارس الصِحِّي بنفخِ الكُمِّ من خلال العصر المتكرِّر على الكرة المطَّاطيَّة حتى يضغطَ الكُمُّ بإحكامٍ على الشريان بحيث يتوقف جريان الدَّم بشكلٍ مؤقَّت، فيكون الضغط عندها أعلى من الضغط الانقباضي المعتاد للشخص بحوالي 30 ملم زئبقي (الضغط الموجود عندما ينبض القلب) عادةً؛ثم يجري تفريغ الكُمِّ من الهواء تدريجيًّا.قيمة الضغط الذي يسمع فيه الطبيب أوَّل نبضٍ في الشريان هي قيمة الضغط الانقباضي.ويستمرُّ تفريغ الكم من الهواء إلى أن يتوقََّف سماع صوت جريان الدم.وتكون قيمة الضغط لحظة توقُّف سماع صوت جريان الدم هي قيمة الضغط الانبساطي (الضغط الموجود عندَ استرخاء القلب بين النبضات).

تتوفَّر بعض الأجهزة التي يمكنها قياس ضغط الدَّم آليًّا، من دون استعمال سمَّاعة الطبيب أو الكرة المطَّاطيَّة.قد يكون من المناسب استعمالُ هذه الأجهزة حول الجزء العلوي من الذراع أو الإصبع أو المعصم.ويكون قياسُ ضغط الدَّم في الجزء العلويِّ من الذراع أكثرَ دقَّةً عند الذين تجاوزت أعمارهم 50 عامًا.ولكن، قد يكون من الضروري في بعض الأحيان إجراء قياسٍ دقيقٍ لضغط الدَّم - عند شخصٍ يُعالَجُ في وحدة العناية المركزة على سبيل المثال؛حيث يمكن في هذه الحالات إدخال قثطارٍ داخل الشريان لقياس ضغط الدَّم مباشرة.

تتوفَّر أجهزةٌ لقياس ضغط الدَّم في المنزل من قِبَل الأشخاص الذين يُعانون من ارتفاع ضغط الدَّم.

ويمكن استعمالُ جهازٍ لمراقبة ضغط الدَّم على مدار 24 ساعة عند وجود شكٍّ في قياس ضغط الدَّم.وهو جهازٌ محمولٌ يعمل بالبطارية، يُحمَلُ فوق منطقة الورك ويتَّصلُ بكمِّ ضغط الدَّم الذي يُثبَّتُ على الذراع.يُسجِّل جهازُ مراقبة بشكلٍ مُتكرِّرٍ ضغط الدَّم طوال النهار والليل على مدار 24 ساعة أو 48 ساعة.لا يقتصر دورُ تسجيل القراءات على تحديد وجود ارتفاعٍ في ضغط الدَّم، ولكنَّه يُسجِّل مدى شدَّته أيضًا.

ارتفاع ضغط الدَّم الكاذب، هو ضغط الدم الذي يُقاس على أنَّه مرتفع عندما لا يكون كذلك، وهو يُصيب الذين يعانون من تصلبٍ شديدٍ في الشرايين (أكثر شيوعًا عند كبار السن).وتحدث هذه الظاهرةُ عندما يكون الشريان في الذراع شديدَ الصَّلابة بحيث يَصعُبُ ضغطه من قبل كُمِّ جهاز ضغط الدم؛ ونتيجةً لذلك، لا يمكن قياس ضغط الدَّم بِدِقَّة.

يحدث ارتفاع ضغط الدَّم المُقنَّع Masked hypertension عندما تكون نتيجة قياس الضغط طبيعيَّة، بينما يكون مرتفعًا في الواقع.تصل نسبة المصابين بارتفاع ضغط الدَّم المُقنَّع إلى 10٪ من الأشخاص المصابين به فعلًا.وقد يكون من المستحيل تمييزُ هذا النَّوع من ارتفاع ضغط الدَّم ما لم يُقَس ضغط الدَّم في المنزل أو عندَ الاشتباه بحدوث إحدى المضاعفات (مثل فشل القلب) نتيجة ذلك.

وبعدَ الانتهاء من تشخيص ارتفاع ضغط الدَّم، يَجرِي تقييم تأثيره في الأعضاء الرئيسية عادةً، وخصوصًا الأوعية الدَّموية والقلب والدِّماغ والعينين والكلى.كما يتحرَّى الأطباءُ عن سبب ارتفاع ضغط الدَّم.يختلف عددُ ونوع الاختبارات التي تُجرى للتَّحرِّي عن الأعضاء المُتضرِّرة وتحديد سبب ارتفاع ضغط الدَّم الذي يختلف من شخصٍ لآخر.وعمومًا، ينطوي التقييمُ الروتيني للمصابين بارتفاع ضغط الدَّم على دراسة التَّاريخ الطبي والفحص السريري وتخطيط كهربائية القلب والفحوصٍ الدمويَّة (تنطوي على فحص الهيماتوكريت [الجزء المُكوَّن من خلايا الدم الحمراء في الدم] والبوتاسيوم والصوديوم وفحوص لوظائف الكلى) وفحوص بوليَّة.

وينطوي الفَحصُ السَّريري على تحرّي الإيلام في منطقة البطن فوق الكلى، ووضع سمَّاعة الطبيب على البطن للاستماع إلى اللغَط bruit (الصوت النَّاجم عن اضطراب جريان الدَّم في الشريان المتضيِّق) الصادر عن الشريان المُغَذِّي لكل كلية.

تُفحَصُ الشبكيَّة في كلِّ عينٍ بمنظار العين.وتُعدُّ شبكية العين الجزءَ الوحيدَ الذي يستطيع الأطباء من خلاله الاطِّلاع مباشرةً على تأثير ارتفاع ضغط الدَّم في الشُّرينات؛حيث يُفتَرض أنَّ التغيُّرات الحاصلة في شُرينات شبكية العين مماثلة للتغيُّرات الحاصلة في الشرينات والأوعية الدموية في أماكن أخرى من الجسم، كما هي الحالُ في الكُلى.ويمكن للأطبَّاء، من خلال تحديد درجة الضَّرر الذي لحقَ بشبكيَّة العين (اعتلال الشبكيَّة النَّاجم عن ارتفاع ضغط الدَّم)، تصنيف شدَّةِ ارتفاع ضغط الدَّم.

تُستَعمل سمَّاعة الطبيب لكشف أصوات القلب.ويُعدُّ صوتُ القلب غير الطبيعي، الذي يُسمى صوت القلب الرابع fourth heart sound، أحد تغيُّرات القلب المُبكِّرة النَّاجمة عن ارتفاع ضغط الدَّم.يصدر هذا الصوتُ لأنَّ الأُذين الأيسر من القلب يكون عليه أن يتقلَّص بشكل أقوى لملء البطين الأيسر المتضخِّم والمُتصلِّب، الذي يضخُّ الدَّم إلى سائر أنحاء الجسم، باستثناء الرئتين.

يُجرى تخطيطٌ لكهربيَّة القلب للتَّحرِّي عن التغيُّرات الحاصلة في القلب - وخصوصًا تَسمُّك (أو تَضَخُّم) عضلة القلب أو ضخامة القلب.قد يخضع الشخص لتخطيط صدى القلب عند الاشتباه بوجود ضخامةٍ فيه.

يمكن كشف تضرُّر الكلى من خلال إجراء فحوصٍ دمويَّة وبوليَّة؛حيث تستطيع اختبارات البول الكشفَ مبكِّرًا عن أدلَّة الضرَر في الكُلى.وقد يشيرُ وجود خلايا الدَّم والألبومين (البروتين الأكثر وفرة في الدَّم) في البول إلى مثل هذا الضَّرر.لا تظهر أعراض تضرُّر الكلى عند الأشخاص عادةً (مثل الخمول، ونقص الشهيَّة، والتَّعب) إلَّا في مرحلة تالية أكثر، وذلك عند فقدان 70-80٪ من الوظيفة الكلوية.

تشخيصُ السبب

يتَّسع مجال التَّحرِّي عن سبب ارتفاع الضغط كلَّما كان ارتفاع الضَّغط أكبر وكان عمر الشخص المصاب أصغر، مع أن نسبة الأشخاص الذين جرى تحديد سبب ارتفاع الضغط عندهم هي أقلّ من 10% من المصابين به.وقد يشتملُ التقييم الأوسع على التصوير بالأشعَّة السِّينية وبالموجات فوق الصوتية وتصوير الكُلى والشرايين التي تغذِّيها بالدَّم بالنوكليدات المُشعة، وكذلك تصوير الصَّدر بالأشعَّة السينيَّة.وتُجرى فحوصٌ دمويَّة وبوليَّة لقياس مستويات هرمونات معينة، مثل الإيبينفيرين والألدوستيرون والكورتيزول.

ويمكن اقتراحُ السَّبب من خلال النتائج غير الطبيعيَّة للفحص السريري أو الأعراض؛فعلى سبيل المثال، قد يُشيرُ وجود لغطٍ (صوت غير طبيعي يسمعه الأطباء بواسطة السماعة الطبية) في الشريان الذي يُغذِّي الكُلى إلى وجود تضيُّق في الشريان الكلوي (تضيُّق الشريان الذي يُغذِّي الكلى).

وقد يُشير ظهور مجموعاتٍ مختلفةٍ من الأعراض إلى ارتفاع مستويات هرمونات الإيبنفيرين والنورإيبنفيرين التي ينتجها ورم القواتم.يجري تأكيدُ الإصابة بورم القواتم عند كشف المنتجات المُتفكِّكة لهذين الهرمونين في البول.

ويمكن أن تُكتَشفَ أسبابٌ نادرةٌ أخرى لارتفاع ضغط الدَّم من خلال بعض الفحوص الروتينيَّة؛فمثلًا، قد يساعد قياسُ مستوى البوتاسيوم في الدَّم على كشف الإصابة بفرط الأَلدوستيرونِيَّة.

علاج ارتفاع ضغط الدَّم

  • النِّظام الغذائي وممارسة الرياضة

  • استعمال الأدوية الخافضة لضغط الدَّم

لا يمكن الشفاء من ارتفاع ضغط الدَّم الأوَّلي، ولكن يمكن ضبطه لمنع حدوث مُضَاعَفات.ينبغي على جميع الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو يمرُّون في أيِّ مرحلة من مراحله أن يُغيِّروا نمط حياتهم.يعتمد قرارُ وصف الأدوية على مستوى ضغط الدَّم الفعلي، وما إذا كان الأشخاص يُعانون من مرض قلبي وعائي عصيدي (ASCVD)، أو لديهم نسبة خطر للإصابة بهذا المرض خلال 10 سنوات التَّالية تزيد على 10%.

الجدول

يوصي الأطباءُ مرضاهم الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدَّم في كثيرٍ من الأحيان بمراقبة ضغط دمهم في المنزل؛فقد تساعد المراقبة الذاتيَّة على تحفيز الأشخاص على اتِّباع توصيات الطبيب المُتعلِّقة بالعلاج.

أهدافُ المعالجة

يهدف العلاج الخافض للضغط إلى إنقاصه إلى ما دون 130 / 80 ملم زئبقي عندَ معظم الأشخاص؛ولكن، إذا أدَّى خفض ضغط الدَّم إلى أقل من 130 / 80 ملم زئبقي إلى حدوثَ أعراض، مثل الإغماء أو خفَّة الرأس أو فقد الذَّاكرة أو الدَّوخة؛ فقد يُوصي الأطبَّاء بجعل ضغط الدَّم أعلى من ذلك على ألَّا يتجاوز 140/90.أمَّا بالنسبة لبعض الأشخاص المُعرَّضين لخطر شديدٍ للإصابة بمرضٍ قلبيٍّ، فينبغي خفض ضغطهم الانقباضي إلى الحَدِّ المناسب.

تغييراتُ نمط الحياة

يُنصَح الأشخاص الذين يُعانون من زيادة الوزن مع ارتفاع ضغط الدَّم بإنقاص أوزانهم؛فقد تؤدي خسارة 4,5 كغ فقط إلى خفض الضَّغط.ومن الضروري بالنسبة المصابين بالسِّمنة، أو داء السُّكري، أو ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدَّم أن يُجروا تغييراتٍ في نظامهم الغذائي (بحيث يُصبحَ غنيًّا بالفواكه والخضراوات ومشتقَّات الألبان القليلة الدسم، مع خفض محتواه من الدُّهون المُشبعة والإجمالية)، وذلك لخفض خطر الأمراض القلبيَّة أو الوعائيَّة.

ويجب على المُدخنين إيقاف التدخين.

قد يؤدِّي تقليلُ تناول الكحول والصوديوم (مع الحفاظ على كمية كافية من الكالسيوم والمغنيزيوم والبوتاسيوم) إلى جعل العلاج الدَّوائي لارتفاع ضغط الدَّم غيرَ ضروري؛حيث يجب خفض الكميَّة المُستَهلكة من الكحول يوميًّا إلى ما لا يزيد على مشروبين (24 أونصة [ما يعادل 1 ليترٍ تقريبًا]) من البيرة أو حَوالى 8 أونصات (240 مل) من النبيذ، أو حَوالى 2 أونصة (60 مل) من الويسكي (أو سواها من الخمور) عند الرجال، و نصف تلك الكميَّات عند النساء.كما ينبغي خفضُ المدخول اليومي من الصُّوديوم إلى أقل من 2,5 غرام، أو مدخول كلوريد الصُّوديوم (ملح الطعام) إلى 6 غرامات.

ومن المفيد القيام بالتمارين الهوائية المتوسِّطة الشِّدَّة.وليس من الضَّروري تقييد النشاط البدني للمصابين بارتفاع الضغط الأوَّلي ما دام ضغطُ دمهم مضبوطًا.تساعد الممارسة المنتظمة للتمارين الرياضية على خفض ضغط الدَّم والوزن، وتحسِّنُ وظيفة القلب والصحَّة العامة (انظر فوائد التمارين الرياضية) .

العلاجُ الدَّوائي

(انظر أيضًا المعالجة الدَّوائيَّة لارتفاع ضغط الدَّم).

تُسمَّى الأدوية المُستَعمَلة في مُعالجة ارتفاع ضغط الدَّم خافضات ضغط الدم antihypertensives.يمكن ضبط ارتفاع ضغط الدَّم عند أيِّ شخصٍ تقريبًا نتيجة توفُّر مجموعةٍ كبيرة من خافضات الضَّغط، ولكنَّ المعالجة يجب أن تكون مُصمَّمةً بشكلٍ فردي.وتكون المعالجة أشدَّ فعاليَّة عندما يكون تواصل الشخص مع الطبيب جيِّدًا، وعندما يكون متعاونًا في تطبيق البرنامج العلاجي.

تتوفَّر أنواعٌ مختلفة من خافضات الضغط التي تعمل على خفض ضغط الدَّم من خلال آليَّاتٍ مختلفة، لذلك فمن الممكن اتِّباع الكثير من استراتيجيات المعالجة المختلفة.يلجأ الأطباءُ إلى استعمال أسلوبٍ مُتدرِّج في العلاج الدَّوائي بالنسبة لبعض الأشخاص: حيث يوصون باستعمال نوعٍ واحدٍ من خافضات ضغط الدَّم وإضافة أدويةٍ أخرى عندَ الضرورة.بينما يجد أطبَّاءٌ أن اتِّباع أسلوبٍ تتابعيٍّ هو الأفضل بالنسبة لأشخاص آخرين: حيث يُوصون باستعمال أحد الأدوية الخافضة للضغط؛ وإذا لم يكن فعَّالًا، فإنَّهم يوقفون استعماله ويُوصون بنوعٍ آخر.أمَّا عندَ تدبير الذين يعانون من ضغط دمٍ 140 / 90 ملم زئبقي أو أعلى، فيوصي الأطبَّاء بالبدء باستعمال نوعين من الأدوية الخافضة للضغط في الوقت نفسه عادةً.يُراعي الأطبَّاء عندَ اختيارهم الدواءَ الخافضَ للضَّغط العَوامِل التَّاليَّة:

  • عمر الشخص، وجنسه، وعِرقه

  • شِدَّة ارتفاع ضغط الدَّم

  • وجود حالات صحيَّة أخرى، مثل داء السُّكَّري أو ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدَّم

  • الآثار الجانبيَّة المُحتملة، التي تختلف من دواءٍ لآخر

  • التَّكلفة الماديَّة للأدوية والفحوص اللازمة للتحرِّي عن بعض التأثيرات الجانبية

يحتاج أغلبُ الأشخاص (أكثر من 74%) في نهاية المطاف إلى استعمال دواءين أو أكثر حتى يمكنهم ضبط ضغط الدَّم ضمن الحدود الطبيعيَّة.

يتحمَّل معظمُ الأشخاص استعمال الأدوية الخافضة للضغط الموصوفة لهم دون حدوث مشاكل؛إلَّا أنَّ أيّ دواءٍ خافضٍ للضغط قد يُسبِّبَ تأثيراتٍ جانبيَّة.لذلك، يجب على الشخص إعلام الطبيب عندَ ظهور تأثيراتٍ جانبية، فقد يوصي بتعديل الجرعة أو استبدال الدواء بآخر.يجب استعمال الأدوية الخافضة للضغط لضبط ضغط الدَّم إلى أجلٍ غير مُسمَّى عادةً.

معالجةُ ارتفاع ضغط الدَّم الثانوي Treatment of secondary hypertension

يُعالَج سببُ ارتفاع ضغط الدَّم إن كان ذلك ممكنًا؛فقد تؤدي معالجةُ مرض الكُلى إلى عودة ضغط الدَّم إلى وضعه الطبيعي في بعض الأحيان أو تُخفِّضه على الأقلّ، إلَّا أنَّ العلاج الخافض للضغط يكون أشدَّ فعاليَّة.ويمكن توسيعُ الشريان المتضيِّق المُغذِّي للكلى من خلال إدخال قثطارٍ بالونيِّ الرأس ونفخ البالون (رأب الوعاء angioplasty).أو يمكن تجاوز الجزء المتضيِّق من الشريان المُغذِّي للكلى.يؤدي إجراءُ مثل هذه العمليَّات الجراحيَّة إلى الشفاء من ارتفاع ضغط الدَّم غالبًا.ويمكن استئصال الأورام المُسبِّبة لارتفاع ضغط الدَّم جراحيًّا عادةً، مثل ورم القواتم.

يلجأ الأطبَّاء في أوروبا إلى إدخال قثطارٍ في الشريان المُغذِّي لكل كلية في بعض الأحيان، وذلك عند استمرار معاناة الأشخاص من ارتفاع ضغط الدَّم رغم استعمال ثلاثة أدوية مختلفة؛حيث يصدرُ عن القثطارِ موجاتٌ راديويَّة تخرِّب الأعصاب الودِّيََّة على طول الشرايين الكِلويَّة.وقد أظهرت الدراساتُ الأولى لهذا الإجراء بأنه يُخفِّضُ ضغط الدَّم؛إلَّا أنَّ نتائج دراسة أكبر وأكثر اكتمالًا قد أظهرت أنَّ هذا الإجراءَ غير عملي.هذه المعالجة غير متوفِّرة في الولايات المتحدة.

وتوجد معالجةٌ أخرى لارتفاع ضغط الدَّم تُسمَّى المعالجة بالنَّاظمة pacemaker therapy؛حيث يُزرَعُ قطبٌ (مساري كهربائي) في العنق يقوم بتنبيه بعض النهايات العصبية التي تساعد على تنظيم ضغط الدَّم.هذه المعالجة غير متوفِّرة في الولايات المتحدة، إلَّا أنَّها متوفِّرة في أوروبا وكندا.

معالجةُ حالات ارتفاع ضغط الدَّم الطَّارئة والإسعافيَّة Treatment of hypertensive urgencies and emergencies

يجب خفضُ ضغط الدَّم بسرعةٍ في حالات ارتفاع ضغط الدَّم الطَّارئة.بينما تُعالج حالاتُ ارتفاع ضغط الدَّم الإسعافيَّة في وحدات العناية المركَّزة في المستشفيات.تُستَعمل معظم الأدوية لخفض ضغط الدَّم بسرعة، مثل فينولدوبام fenoldopam أو نيتروبروسيد nitroprusside أو نيكارديبين nicardipine أو لابيتالول labetalol ،عن طريق الوريد.

مآل ارتفاع ضغط الدم

يؤدي ارتفاعُ ضغط الدَّم غير المُعالج إلى زيادة خطر إصابة الشخص بأمراض القلب (مثل فشل القلب أو النَّوبات القلبيَّة أو الموت القلبي المفاجئ) أو الفشل الكِلوي أو السكتة الدِّماغيَّة في سنٍّ مبكِّرة؛حيث يُعدُّ ارتفاعُ ضغط الدَّم عاملَ الخطر الأكثر أهميَّة لحدوث السكتة الدِّماغيَّة.كما أنَّه يُعدُّ أحدَ أهم ثلاثة عوامل خطر رئيسيَّة لحدوث النوبة القلبيَّة التي يمكن للشخص ضبطها (العاملان الآخران هما التدخين وارتفاع الكوليسترول في الدَّم).

قد تؤدِّي المعالجة المُخفِّضة لارتفاع ضغط الدَّم إلى التقليل بشكلٍ كبيرٍ لخطر السَّكتة الدِّماغيَّة وفشل القلب.كما قد تؤدِّي مثل هذه المعالجات إلى خفض خطر الإصابة بالنَّوبة القلبيَّة، وإن لم يكن بشكلٍ ملحوظ.

للمزيد من المعلومات

يمكن للمصدر التالي باللغة الإنجليزية أن يكون مفيدًا.يُرجى ملاحظة أن دليل MSD غير مسؤول عن محتوى هذا المصدر.

  1. جمعية القلب الأمريكية: ارتفاع ضغط الدم: مصدر متكامل لمساعدة الأشخاص على فهم أسباب ارتفاع ضغط الدَّم، واتخاذ تغييرات نمط الحياة المطلوبة للعلاج

quizzes_lightbulb_red
Test your KnowledgeTake a Quiz!
iOS ANDROID
iOS ANDROID
iOS ANDROID