دراسة جديدة: التمثيل الضوئي قد يكون ممكنا في غيوم كوكب الزهرة

توفر الدراسة دعما ملموسا لإمكانية التغذية الضوئية و/أو التغذية الكيميائية بواسطة الكائنات الحية الدقيقة في سحب كوكب الزهرة.

كوكب الزهرة الملتهب يمكن أن يكون صالحا للسكن في أعالي السحب بعيدا عن سطح الكوكب الحارق (غيتي)

أثار الاكتشاف المفترض لغاز الفوسفين في الغلاف الجوي لكوكب الزهرة سؤالا عما إذا كان ذا أصل حيوي. وبالنظر إلى مدى قسوة كوكب الزهرة على الحياة كما نعرفها، فقد أثار السؤال ضجة كبيرة، لكن العلماء قرروا الآن أن الكوكب الملتهب يمكن أن يكون صالحا للسكن بالفعل، في أعالي السحب، بعيدا عن سطح الكوكب الحارق.

إمكانية وجود كائنات حيه ضوئية

على وجه التحديد، فإن مستوى الإشعاع الشمسي عند ارتفاعات محددة يمكن مقارنته بالإشعاع الشمسي على الأرض، وذلك يعني أن الميكروبات المحمولة في الجو التي تقوم بعملية التمثيل الضوئي يمكن أن تعيش على تلك الارتفاعات.

وفضلا عن ذلك، فإن الطبقة السحابية السميكة توفر بعض الحماية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة، ومن المحتمل أن تكون الحموضة في تلك السحب أقل من المتوقع وضمن معايير مقبولة للحياة.

الاعتبارات الفيزيائية الضوئية والكيميائية تدعم إمكانية وجود كائنات حية ضوئية التغذية في كوكب الزهرة (ناسا)

كتب الباحثون في ورقتهم البحثية المنشورة في دورية "أستروبيولوجي" (Astrobiology) في 27 من سبتمبر/أيلول 2021 "تدعم تلك الاعتبارات الفيزيائية الضوئية والكيميائية معا إمكانية وجود كائنات حية ضوئية التغذية في غيوم كوكب الزهرة".

ولكن، عندما يتعلق الأمر بقابلية استضافة حياة، يبدو كوكب الزهرة بعيد الاحتمال، فالظروف على السطح تشبه الجحيم حقا؛ فالكوكب محاط بالكامل بجو كثيف يتكون تقريبا من ثاني أكسيد الكربون فقط، الذي يدور 60 مرة أسرع من الكوكب نفسه، لتنتج عنه رياح عاتية.

كما تمتلئ السماء بسحب كثيفة من حامض الكبريتيك، وضغطها الجوي عند ارتفاع صفر يقترب من 100 مرة أكبر من ضغط الأرض، وإذا لم يكن هذا سيئًا بما فيه الكفاية، فهو شديد الحرارة، بمتوسط درجة حرارة سطح تبلغ 471 درجة مئوية.

لذلك، عندما أعلن علماء الفلك أنهم اكتشفوا غاز الفوسفين في الغلاف الجوي للكوكب العام الماضي، تبع ذلك جدلا واسعا، وهذا لأن أحد تفسيرات وجوده يمكن أن يكون وجود كائنات حية دقيقة.

التمثيل الضوئي يمكن أن يكون ممكنا في سحب كوكب الزهرة (الصحافة الأميركية)

أين يوجد الفوسفين؟

يمكن العثور على الفوسفين هنا على الأرض في حالات محدودة، أحدها هو الأنظمة البيئية اللاهوائية أو منخفضة الأكسجين، التي توجد في المستنقعات والحمأة، حيث تزدهر الميكروبات اللاهوائية، وتوجد في الأمعاء وغازات الأمعاء، وبطريقة ما فإن الكائنات الحية الدقيقة اللاهوائية تنتج الفوسفين، وغيوم كوكب الزهرة لاهوائية.

لكن الأصل البيولوجي ليس التفسير الوحيد؛ فالأصل البركاني ممكن أيضا، ولكن من أجل تقييم احتمال الأصل البيولوجي في المقام الأول، فإن من المؤكد أن التحليل الصحيح لصلاحية كوكب الزهرة لاستضافة حياة سيكون بمنزلة تحد كبير.

لذلك، قام فريق من العلماء بإجراء التحليل الآتي بقيادة عالم الكيمياء الحيوية راكيش موجول من جامعة ولاية كاليفورنيا للعلوم التطبيقية في بومونا (Cal Poly Pomona)، وجاء في البيان الرسمي للجامعة:

أولًا، فحصوا مستوى ضوء الشمس الذي يمكنه اختراق غيوم كوكب الزهرة، وقد كانت لدى العلماء بيانات من بعثة روسيا إلى كوكب الزهرة بين عامي 1967 و1983؛ التي لم ينج أي من المجسات الخاصة بها لمدة طويلة على السطح، لكنهم سجلوا القياسات التي أخذوها للسحب أثناء هبوطهم.

وبهذه القياسات وغيرها من القياسات التاريخية، تمكن الباحثون من حساب مستويات الضوء داخل السحب، ووجدوا أن الإشعاعات في الغيوم الوسطى والسفلى لكوكب الزهرة تشبه تلك الموجودة على سطح الأرض، حيث تكون الحياة الضوئية وفيرة.

لا يوجد نشاط مائي كاف في سحب كوكب الزهرة لدعم الحياة كما نعرفها (الصحافة الأميركية)

تقديرات جديدة

ولكن مستويات الضوء وحدها غير كافية، فقد وجدت دراسة أجريت في وقت سابق من هذا العام أنه لا يوجد نشاط مائي كاف في سحب كوكب الزهرة لدعم الحياة كما نعرفها، ولكن قد لا يكون هذا هو الحال إذا لم يكن تكوين غيوم كوكب الزهرة كما نعتقد، إذ تشير التقديرات الحالية إلى أن تركيز حامض الكبريتيك يبلغ 75% للسحب الوسطى و98% للسحب السفلية.

قام موجول وفريقه الدولي بإعادة النظر في بيانات كوكب الزهرة، ووجدوا أن العلامات التي تشير إلى حمض الكبريتيك يمكن أن تكون ناجمة أيضا عن أشكال معادلة لحمض الكبريتيك، مثل ثنائي كبريتات الأمونيوم، وإذا كان هذا هو الحال، فقد يكون هناك نشاط مائي أكبر بكثير -وحموضة أقل بكثير- في غيوم كوكب الزهرة مما تشير إليه التقديرات السابقة.

وذلك لا يعني أن هذا هو الحال، ولكن يهدف البحث ببساطة إلى إثبات أن هذا ممكن، ليفتح بدوره مسارات للبحث في المستقبل، بما في ذلك تحليل أكثر تفصيلا لجو كوكب الزهرة، لتحديد قابلية السكن.

يقول موجول إن "دراستنا توفر دعما ملموسا لإمكانية التغذية الضوئية و/أو التغذية الكيميائية بواسطة الكائنات الحية الدقيقة في سحب كوكب الزهرة"، و"من المحتمل أن تقع مستويات الحموضة ونشاط الماء ضمن النطاق المقبول لنمو الميكروبات على الأرض، في حين أن الإضاءة المستمرة مع الأشعة فوق البنفسجية المحدودة تشير إلى أن غيوم كوكب الزهرة يمكن أن تكون مناسبة للحياة".

لذا "نعتقد أن غيوم كوكب الزهرة ستشكل هدفا رائعا لصلاحية الحياة أو مهام الكشف عن الحياة، مثل تلك المخططة حاليا للمريخ وقمر أوروبا".

المصدر : ساينس ألرت + مواقع إلكترونية