No Image
منوعات

ناسا تعتزم إحضار عينات من تربة المريخ إلى الأرض وعلماء يحذرون

13 يوليو 2022
13 يوليو 2022

فيلادلفيا «د.ب.ا»:لا ينقطع شغف الإنسان باستكشاف أسرار الكون، وبعد الهبوط على سطح القمر، توجه العلماء باهتمامهم بعيدًا، إلى المريخ، الكوكب الأحمر، الذي يعتقد البعض أنه قد يكون مسرحًا لحياة موغلة في القدم، وهو ما دفع وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، في إطار سباق الفضاء مع دول كبرى أخرى، إلى إرسال مركبة فضائية ذاتية الدفع يمكنها التجول على سطح المريخ في حرية، وذلك في يوليو 2020، بهدف جمع عينات من الحجارة والصخور والتربة من سطح المريخ، على أمل إرسالها إلى الأرض لإجراء بحوث عليها، لمعرفة ما إذا كانت تحمل في طياتها آثار حياة غابرة.

وفي هذا الإطار، ومنذ سبتمبر 2021، تقوم المركبة المتجولة «بريزفيرنس» (المثابرة)، بالتقاط العينات على طول دلتا نهر قديم فوق سطح المريخ، حيث تمتد أذرعتها الروبوتية التي تنتهي بآلات فولاذية، لحفر الصخور العميقة وتقطيعها، لتغترف عينات من التربة، ثم تمتص كميات صغيرة من الغلاف الجوي للكوكب الأحمر، داخل أنابيب مصنوعة من التيتانيوم.

وذكرت صحيفة «فيلادلفيا إنكوايرر» أن برنامج ناسا لاستكشاف المريخ تحت رعاية «مختبر الدفع النفاث»، يشبه سيمفونية من روايات الخيال العلمي، تشمل إطلاق مركبة أخرى إلى الكوكب، لجلب العينات غير المعقمة التي جمعتها المركبة السابقة إلى الأرض، إلى ولاية يوتا بالتحديد، ثم نقلها إلى منشأة مؤمنة سيتم الانتهاء من إقامتها في عام 2033.

وفي هذه المنشأة، سيبدأ العلماء فحص العينات، لفحص العلامات التي تدل على وجود حياة قديمة للميكروبات، من بين 35 عينة تزن كلها نحو رطل واحد، كما يهدف العلماء إلى فهم جيولوجيا المريخ ومناخه، إلى جانب إعداد الناس لليوم الذي ستطأ فيه أقدامهم سطح الكوكب الأحمر.

غير أن هذه الخطة أثارت قدرًا من القلق لدى بعض الأمريكيين، الذين حضروا جلسة استماع مفتوحة حولها، خاصة في ضوء جائحة كورنا التي اجتاحت العالم مؤخرًا، ومن بين الذين يشعرون بالقلق مهندس متقاعد بالهيئة الاتحادية للطيران، يقيم في ساوث جيرسي، وهو يطرح تساؤلات حول حجم المشكلات التي يمكن أن يسببها ميكروب غير معقم قادم من المريخ. وأطلقت ناسا مهمة إرسال العينات من المريخ إلى الأرض، بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية، وهي تصف المهمة بأنها واحدة من أكثر المهام التي أشرفت عليها أهمية.

وقال توماس زوربوشين، عالم الفيزياء الفلكية ورئيس قسم العلوم في وكالة ناسا: «نعتقد أن هذه المهمة هي الخطوة المنطقية الثانية في سعينا لإرسال بشر إلى سطح المريخ في نهاية المطاف».

وجاء ذلك خلال عرض عام للجمهور عبر شبكة الإنترنت في مايو الماضي، حيث أضاف زوربوشين: إن العينات التي تم جمعها من دلتا النهر القديم بالمريخ، التي أطلق عليها اسم جزيرو، «يعتقد أنها أفضل فرصة للكشف عن التطور المبكر لكوكب المريخ، بما في ذلك إمكانات الحياة عليه».

وتساءل بعض الأشخاص حول الاحتمال البعيد، بأن يكون شيئا بداخل هذه العينات ما زال حيا أو يمكن أن يشكل خطرًا حيويًا، كما تساءل البعض عما إذا كان لدى الصين التي أعلنت عن قيامها بمشروع مماثل، وأيضا الشركات الخاصة العاملة في مجال الفضاء، إجراءات احترازية صارمة مثلما تفعل وكالة ناسا، ومن المعروف أن الملياردير إيلون ماسك متحمس إزاء خطط شركته «سبيس إكس» لاستكشاف المريخ، رغم أنه لم يضع جدولًا زمنيًا لتحقيق هذا الهدف. وتم الآن إغلاق التعليقات العامة على العرض الأولي لمهمة وكالة ناسا، ولكن من المتوقع أن يصدر مشروع بيان في الخريف المقبل يتناول التأثير البيئي للمهمة، مع إتاحة فرصة ثانية أمام الجمهور ليعبر عن رأيه.

ومن المتوقع أن يتحدث بيان التأثير البيئي عن تداعيات المهمة على كل من كوكب الأرض والمريخ، فيما يتعلق «بجهود إرسال العينات إلى الأرض، وتأثير ذلك على الموارد الطبيعية والبيولوجية والثقافية، وكذلك التأثيرات على البيئة البشرية والطبيعية، المرتبطة بعدم تعقيم مواد العينات القادمة من المريخ».

ويشعر البعض بالتوتر إزاء أن ناسا لا تستطيع أن تؤكد بدرجة 100%، أنها لن تجلب إلى كوكب الأرض شيئًا به حياة أو شيئًا يمثل خطورة، وعرف بعض المعلقين على العرض الأولي لناسا في مايو الماضي، والذين بلغ عددهم 170 شخصًا، أنفسهم بأنهم علماء أو أطباء أو مهنيين، بينما لم يكشف البعض عن هويتهم. وكتب أحد المعلقين يقول إنه «يجب أولا فحص أية عينة، بعيدًا عن كوكب الأرض وعن بعد، بسبب مخاطر التلوث البكتيري، وحتى لو كان معدل الخطر في حدوده الدنيا، وأية عينة تزيد نسبة الخطر فيها عن الصفر لا يجب أن تأتي إلى الأرض».

وترد وكالة ناسا على المطالب بتعقيم العينات أولا، بأن هذا الإجراء يمكن أن يدمر معلومات قيمة مثل البصمات الحيوية للحياة الماضية على المريخ، بينما ترد على التساؤلات بإمكانية إجراء الفحوصات اللازمة على العينات بعيدًا عن الأرض، داخل محطة الفضاء الدولية، بالقول إن هذه المحطة المقرر تفكيكها في عام 2031، غير مزودة بالأجهزة الحديثة اللازمة لإجراء عمليات الفحص.

ويتساءل أحد خبراء الطيران المتقاعدين، عن فرصة قدوم عامل مسبب للمرض مع العينات، ولا يكون هناك استعداد لدى البشر لمقاومته. ويقول العلماء إن المريخ مغطى بطبقة رفيعة مكونة في الغالب من ثاني أكسيد الكربون، ويرون أن هذه الطبقة تمثل خطرًا على الحياة.

ويتفق البروفيسور ناتان ييي الذي يحاضر في علم الفيزياء الفلكية، والذي عمل مع وكالة ناسا، مع الرأي الذي يقول إن من غير المرجح أن تكون هناك كائنات حية، في سطح التربة التي تجمع عندها المركبة المتجولة العينات أو بالقرب منه.

ويقول: إن الأشعة فوق البنفسجية الشديدة تقصف المريخ، وتقتل الميكروبات عن طريق تكسير حمضها النووي.

ويضيف: إنه حتى لو تم العثور على ميكروبات حية على سطح المريخ، ليس من المؤكد أنها ستشكل خطرا.

ومع ذلك، يقول يي: إن من الممكن أن تحتوي العينات على «بقايا من حياة سابقة». ويضيف: إن البيانات التي تم الحصول عليها مؤخرًا، تشير إلى أن باطن المريخ العميق يحتوي على مياه سائلة، وقد تكون فيه حياة.

ومما يثير درجة أكبر من الاهتمام، تساؤل يي حول ما الذي ستفعله وكالة ناسا، حال وجود فرصة ضئيلة للحياة داخل إحدى العينات.