وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، عزيزتي السائلة أرجو أن يكتب الله لكِ الخير حيث كان، وأن ينزل الطمأنينة على قلبك، أمَّا عن نصيحة صديقتك بأنَّ قراءة سورة الفيل 41 مرَّةً ستجلب لكِ الحبيب وتسخِّر لكِ قلبه، فهذا لا يصحُّ ولم يرد، وهي من البدع التي يتناقلها النَّاس باعتقادهم أنَّ سورةً أو آيةً معيَّنةً وتكرارها بعددٍ معيَّنٍ له قدرة خارقة على تحقيق الأحلام بزمنٍ قياسيٍّ.
والحقيقة أنَّ القرآن الكريم كلُّه خيرٌ وبركةٌ، وفي تلاوته عبادةٌ وصلاحٌ للحال خاصَّة مع تدبُّر آيات الرِّزق واليقين باستجابة الدُّعاء وعِلم الله بنفوسنا وبسنن الكون من حولنا، أمَّا السُّنَّة النَّبويَّة فقد ورد فيها أدعية كثيرة تساعد على تيسير الأمور، ومنها ما يأتي:
- الاستغفار لقضاء الحوائج وجلب الرزق بما نتمنَّى، قال: -تعالى-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارً)، [نوح:10-12].
- عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا أراد أحَدُكم أمرًا فلْيقُلِ: اللَّهمَّ إنِّي أستخيرُكَ بعِلمِكَ وأستقدِرُكَ بقُدرتِكَ وأسأَلُكَ مِن فضلِكَ العظيمِ فإنَّكَ تقدِرُ ولا أقدِرُ وتعلَمُ ولا أعلَمُ وأنتَ علَّامُ الغُيوبِ اللَّهمَّ إنْ كان كذا وكذا خيرًا لي في دِيني وخيرًا لي في معيشتي وخيرًا لي في عاقبةِ أمري فاقدُرْه لي وبارِكْ لي فيه وإنْ كان غيرُ ذلك خيرًا لي فاقدُرْ لي الخيرَ حيثُ ما كان ورضِّني بقدَرِكَ)، أخرجه ابن حبّان وصحَّحه.
- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (يا حيُّ يا قيُّومُ، برَحمتِكَ أستَغيثُ، أصلِح لي شأني كُلَّهُ، ولا تَكِلني إلى نَفسي طرفةَ عينٍ)، كما جاء في الحديث الذي أورده الألباني وحسنه.
أو قُولي: اللهمَّ وكلتك أمري واستودعتك قلبي فلا تعذِّبه، اللهمَّ أنت تعلم أنَّ في قلبي لفلان شيءَ، فاختر لي ولا تخيّرني، ارزقني به زوجاً صالحاً واجمع بيننا على خير، وإذا لم يكن من نصيبي فارزقني خيراً منه وارزقني الرِّضا عن قضائك، وأعوذ بك من الاعتراض على قدرك.
واسمحي لي أن أقدِّم لك بعض النَّصائح:
- توكلي على الله، وارضِ بما كتب لك، ولا تعلِّقي قلبك بمن لم يلتفت لك ولم يُبدِ نيَّة الارتباط بك بالتَّواصل الرسمي، فقد يكون لك نصيبٌ بشخصٍ أفضل منه، ولا تجزمي أنَّك واقعة بحبه، فالغالب أنَّه إعجابٌ بصفاتٍ شاهدتيها من خلال عمله، واعلمي أنَّ شخصيته التي جذبتك في العمل ليس بالضَّرورة أن تكون جذَّابةً كزوجٍ وأبٍ وشريك حياة.
- بعد الدُّعاء والإلحاح على الله قد يتزوج غيرك، فلا تحزني أو تيأسي من كرم الله، فقد يصرف عنك شراً لا تعلميه، أو يكتب لك خيراً ممَّا تتمنّي، فاسألي الله أن لا يعلِّق قلبك به، وأن ينزع هذا الحبَّ من قلبك إذا لم يكن من نصيبك.
- أرجو منك ألّا تلتفتي لوساوس الشَّيطان بمحاولة لفت انتباهه بأيِّ فعلٍ أو قولٍ محرَّم، وأن تتجنبي الاختلاط به خارج حدود العمل المطلوب، كي لا تزدادي تعلّقا بشيءٍ مجهول.