موقف الإسلام من دعاة العلاج بالطاقة وقوانين الجذب والتخاطر

    يقوم دعاة الطاقة ودعاة الإلحاد  والذين يطلق عليهم أيضا ( رواد التنمية البشرية ) بمحاولة إقناع الجيل الجديد بممارسات شركية وقوانين مبتدعة مثل قانون الجذب – قانون التركيز … التخاطر …العلاج بالطاقة …البرمجة اللغوية العصبية …الإسقاط النجمي… الاتصال بالقدرة الإهية …. الخ والتي ظهرت في محاضرات ، وفي بعض دورات تطوير الذات ، وفي الإعلام الجديد وفي بعض الكتب مثل الكتاب الشهير ” السر ” … و يعتمدون أساسا على مقولة ( تفاءلوا بالخير تجدوه ) وللأسف الكثيرون تأثروا بذلك لجهلهم بدينهم فهم لا يعلمون أن هذه المقولة ليست حديث أصلا …و أن الصحيح قوله تعالى في الحديث القدسي ( أنا عند ظن عبدي بي ) متفق عليه.

وقبل أن نبدأ بالتدليل على أن هذه الممارسات محرمة شرعا علينا أن نؤكد أن كل هذه الممارسات ولدت من رحم مفهوم ( الثقة بالنفس ) والذي هو في الحقيقة مفهوم فاسد شرعا لأنه يتناقض مع التوحيد الذي من اساسياته التوكل على الله تعالى وحده وعدم إشراك النفس مع الله  فالنفس لا تأتي إلا بالشرور اذا تخلى الله عنها ، قال تعالى على لسان امرأة العزيز مصدقا كلامها ( إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي ) .

أما الآن فيجدر أن نسوق بالإضافة إلى الأدلة السابقه الأدلة  التالية من القرآن والسنة أولا ثم من الدراسات النفسية العلمية الحديثة :

أولا – الأدلة من القرآن والسنة :
‏1- فكرة ( إذا ركزت على هدفك ستحصل عليه … خطأ … والصحيح قوله تعالى (…ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها …) الشورى 20 . فالله هو وحده هو الذي يحقق لمن يريد ما يريد ، بقوله للشيء كن فيكون ، ويظن العبد الضعيف أن ما تحقق نتيجة إرادته وحده دون أن يكون لله إرادة فيها .

‏2- إذا تعلق العبد بأمرٍ من أمور الدنيا فإن القلب يقل تعلقه بالخالق سبحانه على قدر تعلقه بهذا الأمر، وإذا اعتمد الإنسان على قدرته فقط ضعف إيمانه بالله على قدر اعتماده على نفسه، وقد يصل للكفر .

‏3- من يلجأ لقدرته فقط  لجذب ما يريد دون التوكل على الله ودعائه مشرك ولا يؤمن بدعاء الاستخارة الثابت في الحديث الصحيح ، حيث يرفض عمليا قوله تعالى ( اللهم إنك تعلم ما لا أعلم وتقدر ما لا أقدر ) وكأنه والعياذ بالله يقول العكس أي اللهم إني أعلم ما لا تعلم وأقدر ما لا تقدر …

4- لو لجأت لقانون الجذب وحصل لك ما تريد فعليك أن تخشى أن تكون قد عوقبت بعقوبة الاستدراج قال تعالى :
( والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ( 182 ) وأملي لهم إن كيدي متين ( 183 ) الأعراف . وتكون قد عوقبت بحرمانك من عبادة التوكل على الله التي تدخلك الجنة بلا حساب ولا عذاب .

5- قال تعالى ( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) فالحياة ليس كما يصورها دعاة الطاقة والجذب يمكن أن تحصل فيها على كل ما تتمنى وتريد إذا استخدمت هذه القوانين ، بل كما هي وصفها لنا الله تعالى إنها دار ابتلاء ولقد أخبرنا نبينا عليه أزكى الصلاة والتسليم أن البلاء على قدر الإيمان وأن الأنبياء أشد الناس بلاءا ثم الأمثل فالأمثل .

ثانيا- الأدلة من الدراسات النفسية والاجتماعية العلمية الحديثة :*
حيث أثبتت ما ذكرناه سابقا ففي دراسة ل Season 1981 and Master et al 1992 ) عن حوادث السيارات
وفي دراسة عن الصحة والمرض ل   Van der Veldet et al 1994
وفي دراسة عن التحصيل الدراسي والوظيفي وغيرها ل Winston 1980 .
تبين أثر التفاؤل غير الواقعي وأنه ظاهره غريبه حقا وأنها يمكن أن تؤدي إلى نتائج خطيرة على الفرد والمجتمع .

قانون الجذب ،  قانون التركيز ، العلاج بالطاقة ، البرمجة اللغوية العصبية ، الإسقاط النجمي وغيرها من الممارسات التي لا تربط قلبك بالله بل بغيره مثل قولهم ( أحسنوا ظنكم بالقدر… تفاءلوا بالخير تجدوه …. ثق بقدراتك … انت تقدر …انت قادر …أطلق العملاق الذي بداخلك … اطرد الطاقة السلبية واجذب الطاقة الإيجابية …. امش على الجمر … ارسل نية … واستقبل نية …فرغ عقلك من الأفكار … اصغ لصوت قلبك … ودعه يتخذ لك قراراتك … إذا اتصلتَ بالقوة الإلهية العظمى تستطيع التحكم بالكون والقدر … الخ …الخ .

يقول الشيخ محمد المنجد حفظه الله : ” و‏من أطروحات الدورات المنحرفة
إنكار ماذكره خالق الإنسان عن الإنسان من أنه{ظلوم}{جهول}{كَفّار}{عجول}
وإنما هو سوبرمان فيقودون الناس إلى الإلحاد …
ومن نتائج أساليبهم نزع تأنيب الضمير ونزع الشعور بالتقصير والذنب الدافع للتوبة وذلك بالزعم أن الإنسان كامل مستقل ولم يخلقه الله لعبادته ” .

هذه الوسائل قد يلجأ اليها الكافر لأنه لا يؤمن بقدرة الله وعلمه وحكمته … أما المؤمن فلديه آيات مثل (… ادعوني استجب لكم ) سورة غافر ، ولديه قوله تعالى ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره…) سورة الطلاق .

ومن الأشياء البديهية في الإسلام أنك إذا دعوت الله فإنه سيستجيب لك حتما إلا إذا كان في عدم الاستجابة فائدة أكبر ، وإذا كان يحبك و يريد أن يسمعك وينصت إلى مناجاتك ويرى تذللك بين يديه ، فيقربك إليه أكثر بأن يجعلك تستمر على الدعاء لتزداد قربا منه ولتتعلم التوكل عليه وليقوى ايمانك ويعظم أجرك ويزداد صبرك ويرق قلبك ويغفر ذنبك .

والذي ينفذ صبره ويتوقف عن الدعاء لأنه لم يحصل على ما يريد من أمور الدنيا الفانية ، ويلجأ إلى وسائل أخرى كالسحر والشعوذة وقانون الجذب وأخواته …. الخ ، فإنه يكون غبيا وضالا بكل تأكيد لأنه بهذا يكون قد خسر أهم شيء في الحياة وفي الآخره وهو قربه من الله تعالى بل وباء بسخطه … قال تعالى ( ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) .وهو يريدك أن تتفاءل ولكن تفاؤل مرتبط به ، قال تعالى ( لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) سورة يوسف (87)، و يريدك أن تطمئن  وتفرح ولا تحزن قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا ) فصلت (30) .

لقد جئت إلى هذه الدنيا ووجدت نفسك تسمع وتبصر وتتكلم وتشعر …لك يدان تبطش بها ورجلان تمشي عليها وعقل تفكر فيه و… و…و… فهل هو أنت من أوجد كل ذلك باستخدامك لقوانين وأساليب معينة … اسأل نفسك من أوجدها ولماذا أوجدها فهو أحق باللجوء إليه للحصول على ما تريد . وهو أحق بشكره عليها.

ومن جميل القول لابن القيم : ” لا تقل نجحت بل قل وفقني الله ، ولا تقل أصبت بل قل سددني الله ، ولا تقل كسبت بل قل رزقني الله “.

وأنا أضيف تصحيحا لعبارات شركية دارجة : لا تقل الزمن كفيل بإصلاح ذلك ، وقل الله قادر على إصلاح ذلك . ولا تقل فرجت لي ، بل قل فرج الله لي بك . ولا تقل أسعدتني ، وقل أسعدني الله بك . ولا تقل انت ناجح أو أنت جميل ، بل قل أنعم الله عليك بالنجاح والجمال ….ولا تخاطب الجماد كأن تقول للجهاز إذا تعطل اصلح ، بل قل اللهم اصلحه . ولا تخاطب الغايب كأن تقول اذا لم يرد على الهاتف رد ، بل قل اللهم اجعله يرد . ولا تخاطب الموتى مطلقا . وهذا  ينطبق على كل عباراتنا المستخدمة فعلينا أن ننسبها إلى الفاعل الحقيقي ( الله ) وبهذا نسلم من أعظم ذنبين يهدداننا في زماننا هذا ويهددان الأجيال القادمة وهما :  الشرك والعجب .

والغريب أن هناك من يضع لفظ الجلالة في جمل مبهمه لا تعرف ما معناها مثل قولهم ( ما صدقت على الله ) وهذا لا يجوز .

      وعودا على بدء فلقد حسم ربنا الاختلاف حول موضوع العلاج بالطاقة وبغيره من الطرق التي ناقشناها بآيات كثيرة جدا منها قوله  تعالى (… وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3) الفرقان، وقال تعالى (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ …) النساء/78-79.  )

و حسمها نبينا عليه الصلاة والسلام في وصيته للغلام ( وإذا استعنت فاستعن بالله ).

وختاما فإنني أدعو وزارات التعليم في البلاد الإسلامية إلى أخذ هذا الموضوع بكل الاهتمام وتضمينه مناهجها وأرى أنه يمكن تدريب الطلاب على التمييز بين العبارات الصحيحة وبين تلك المنافية للتوحيد عن طريق الأسئلة الموضوعية.

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

ملاحظة مهمة : هناك موانع لاجابة الدعاء على العبد أن يعرفها قبل أن يلجأ إلى غيره لتحقيقها وهي :

معصية الله سبحانه وتعالى تؤدي إلى غضبه وبالتالي قد تمنع الإجابة ما لم يتب العبد ويستغفر وهذه المعاصي مثل :
1- قطيعة الرحم عن أبي هريرة قال عليه الصلاة والسلام : ” الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ لَهَا لِسَانٌ طَلْقٌ ذَلِقٌ ، تَقُولُ : مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ” .

2- عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند الحاجة إليه… عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم ) سنن الترمذي .

3 – أكل المال الحرام ، كما في حديث المسافر(… أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول‏:‏ يا رب يا رب ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي في الحرام فأنى يستجاب لذلك‏؟‏‏!‏ ) .

4- الدعاء بقلب غافل لاه ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ لاهٍ ” حديث مرفوع .

5- استعجال إجابة الدعاء : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ) **

6- الدعاء بإثم او قطيعة رحم : قال عليه الصلاة والسلام ( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم او قطيعة رحم وما لم يستعجل . قالوا : وما الاستعجال ؟ قال : يقول دعوت دعوت  فلم أره يستجب لي فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء ) ***.

وقال عليه الصلاة والسلام ( ما من عبد يدعو الله تعالى بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث : إما أن تعجل له دعوته في الدنيا وأما أن تدخر له في الآخرة وأما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك ) .****

ولا ننس أن الظلم من الممكن أن يمنع الإجابة ، خاصة إذا  كان المظلوم يدعو على من ظلمه .

وفي الختام : أرجو من كل من يسمع بعبارات شركية دارجة او ممارسات لم نوردها أن يرسلها الي جزاه الله خير لنحذر منها ونقوم بإنشاء قائمة بها ومن ثم نشرها  ليسهل التحرز منها وبالامكان إرسالها هنا ، او إلى حسابي بتويتر : al_anod111@ أو الايميل [email protected]

وآخيرا  لا نقول الا : ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب … هذا والحمد لله ، وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم …

* فلاح العنزي – علم النفس الاجتماعي

** موقع ابن عثيمين

*** موقع مركز الفتوى

**** موقع الشيخ عبدالعزيز ابن باز

كتبته العنود بنت محمد الطيار al_anod111@

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

  1. التنبيهات: موقع العنود محمد الطيار » برنامج قوي وجذاب لبناء الشخصية السوية

  2. التنبيهات: موقف الإسلام من دعاة العلاج بالطاقة وقوانين الجذب والتخاطر – مشبك ورق📎📑