التعامل مع الشخصية الكتومة

 تعدّدت أنواع الشخصيات وتنوعّت طرق التعامل معها، فلكل شخصية طباعها وسماتها التي تميّزها عن غيرها. وبمقدار معرفتنا وتعمّقنا في هذه الطباع والسمات، بمقدار ما استطعنا التعامل معها بما يناسبها وبالشكل الذي يساعدها على تطوير ذاتها، بحيث لا نفرض عليها مفاهيمنا الخاصة.

هذا الموضوع جعلني أتعمّق أكثر بالقراءة عن أنواع الشخصيات المختلفة، وخاصة عندما لاحظت بعض التصرّفات على طفلي المراهق الذي بدأت شخصيته بالتبلور والوضوح. فقد كان يحب الاختلاء بذاته وغالبًا ما يشعر بالتوتر وعدم الارتياح في حال وجود الكثير من الأشخاص حوله، وعندما نجلس معًا أجده لا يرغب بمشاركة أفكاره واهتماماته معنا. كما أنه لا يحبّ الإسهاب في الحديث والخوض في التفاصيل، ولا يبادر بالتواصل مع الآخرين بل يتكلّم فقط عند توجيه السؤال إليه، ويجد صعوبة في تكوين الصداقات، فعدد أصدقائه محدود لكن تربطه بهم علاقة وطيدة. كما أنه يعاني من الحساسية المفرطة ويفضّل الصمت على الكلام خوفًا من ردة فعل الآخرين….  هذه التصرّفات التي جعلتنا في صراع دائم معه وذلك لجهلنا لطريقة التعامل الصحيحة مع شخصيته، ولكن عندما علمت أن شخصية طفلي هي شخصية كتومة وقرأت الكثير عنها، تمكّنت عندها من تكوين أفكار ساعدتني في تقبّل شخصيته وتنميتها بدلًا من قولبتها حسب وجهة نظري، فوجدت أن:

  1. الشخصية الكتومة تميل إلى العزلة والصمت وقضاء الكثير من الوقت وحدها، وهي بحاجة إلى التفكير العميق قبل التحدّث. لذا فإن فكرة وجود الشخص في المنزل بمفرده تكون فكرة عظيمة بالنسبة له، لأنها تسمح له بالتفكير بحرية، وتمدّه بالسعادة والطاقة. كما أن الشخص الكتوم يستمتع بالكثير من النشاطات الفردية مثل القراءة والكتابة والأعمال اليدوية والبستنة وغيرها.
  2. من جانب آخر فإن تواجد الشخص الكتوم مع الكثير من الأشخاص يصيبه بالتعب والإرهاق ويستنزف طاقته، وهذا لا يعني أنه لا يحبّ التجمّع مع الأصدقاء والعائلة أو زملاء العمل، ولكنه يعني أنه يحتاج بعد أي تجمع ولقاء مع الآخرين إلى مكان هادئ لقضاء بعض الوقت بمفرده والاختلاء بنفسه وشحن طاقته مرةً أخرى.
  3. لا يحبّ الشخص الكتوم الانخراط في نقاشاتٍ طويلة، سواء كانت هذه النقاشات مع العائلة أو مع الزملاء في العمل، ولا يتطوّع لإبداء آرائه أو نصائحه أو حتى الاشتراك في الحديث لا سيما في الأماكن العامة. لذا فإنه في أغلب الوقت يحتفظ برأيه لنفسه ما لم يطلبه الآخرون منه أو يصرّون على معرفته، ويتبع مبدأ “خير الكلام ما قلّ ودلّ”، فيكون كلامه موجزًا مختصرًا.
  4. الشخصية الكتومة تتجنّب النقاشات الطويلة والجدال، وتشعر بالضيق والإنزعاج إذا وجدت نفسها في خضم معركة كلامية. وتفضّل الانسحاب على الفور إذا تطلّب منها الأمر الكثير من الشرح والجدال للدفاع عن وجهة نظرها.
  5. تتمتّع بدرجة عالية من الوعي بالذات، وتعي جيدًا مميزاتها وعيوبها، نتيجة لاختلائها بنفسها كثيرًا، وتعرف مواهبها ونقاط ضعفها وقوتها.
  6. غالبًا ما يتم وصف الشخص الكتوم بأنه ذو شخصية هادئة ومتحفظة، وربما يصنفه البعض على أنه يتسم بالخجل، إلا أن صفة الخجل ليس سمة ملازمة لجميع الأشخاص الكتومين بالطبع. يرجع السبب في ردود أفعال الكتومين الهادئة والمتحفظة إلى أنهم أشخاص يقومون بالتفكير كثيرًا في اختيار كلماتهم بعناية، لذا لا يقومون بإضاعة وقتهم في أحاديث لا داعي لها.

 مميّزات الشخصية الكتومة

  • من أكبر مميّزات الشخصية الكتومة القدرة على الاستماع والإنصات لغيرها، وهو ما يمكّنها من الحكم الجيد على الأمور.
  •  تتمتّع الشخصية الكتومة بالدقة وقوة الملاحظة والقدرة على التحليل.
  •  تتميّز الشخصية الكتومة بالهدوء والاتزان، الأمر الذي يسهل عليها اتخاذ القرارات، لذا يلجأ الكثيرون إليها لأخذ مشورتها في كثير من الأمور لثقتهم في رأيها.
  • لا يعنيها ما يقوله عنها الآخرون. فهي دائمًا مشغولة بنفسها، عازمة على المضي في تقدّمها، حريصة على استكشاف ذاتها وتنمية قدراتها.
  • لديها القدرة على الابتكار والإبداع خاصة في الأعمال الفردية.
  • يظن الكثير من الأشخاص أن الشخص الكتوم لا يستطيع أن يكون قائدًا أو مديرًا نظرًا لأنه يكون شخصيةً غير منفتحة وهذا غير صحيح، لأن من أهم إيجابيات الشخص الكتوم أنه جيدٌ جدًا في الاستماع إلى أفكار الآخرين، سواء كان مع موظفيه أو أصدقائه. فالشخص الكتوم على الرغم من أنه لا يكوّن صداقاتٍ كثيرة إلا أنه يكوّن صداقاتٍ عميقة مع عددٍ قليلٍ من الأشخاص الذين يتحدّث لهم ويسمعهم جيدًا.
  • تتميّز الشخصية الكتومة بالوفاء والإخلاص، فبمجرد أن تكسب ثقتها تكون قد ضمنتَ صديقًا وفيًا يقف بجانبك في أصعب المواقف.

التعامل مع الشخصية الكتومة

  1. أهم خطوة هي أن نتقبَّلها كما هي، ولا نُشعرها بأنها مختلفة عن الآخرين.
  2. يحتاج التعامل مع الشخصية الكتومة إلى التحلّي بالصبر، فإذا كنت ترغب في جعلها تتكلم، عليك أن تتمهل حتى تثق بك وتخبرك بنفسها ما تريد إخبارك به.
  3. امنحها بعض الثقة، لتتحدث عن نفسها أمام الآخرين دون خوف أو خجل، فشعورها بالثقة بنفسها سيساعدها على الاندماج مع الآخرين.
  4. شجّعها على التحدث، حاول أن تجعلها تتحدث، وذلك بالإنصات إليها وإظهار الاحترام والتقدير لها، ويمكنك توجيه أسئلة محددة واضحة ذات إجابات طويلة، لأن الشخصية الكتومة تلجأ غالبًا إلى الإجابات القصيرة المحدودة.
  5. كن حذرًا في التعامل معها، وذلك نظرًا لحساسيتها المفرطة، وتجنب أي كلام قد يجرحها أو يسيء إلى مشاعرها.
  6. كن صادقًا معها، عليك الالتزام بالصدق عند تحدثك إلى الشخصية الكتومة، فبمجرد شعورها بالكذب عليها والتلاعب بها، يصبح الأمر أكثر تعقيدًا، وقد تفقد ثقتها بك إلى الأبد.
  7. احترام طبيعة الشخصية الكتومة الشخصية الكتومة، تحتاج في كثير من الأحيان إلى قضاء الوقت بمفردها، لذا يجب احترام طبيعة شخصيتها ومنحها مساحتها الخاصة التي تريدها، لأن منع الشخص الكتوم من هذا سيصيبه بالانهيار والتوتر مما يصعب عليه عملية التواصل مع الآخرين، مما قد يعني حصول مشكلة بينه وبين المحيط.

هذه المعلومات ساعدتني لأتعرّف على طفلي بشكل أكبر وأتقبل شخصيته كما هي، وأساعده على التغلب على الصفات السلبية لديه بحيث لا أفرض عليه نمط الحياة الذي يناسبني.

وعلى أية حال يجب علينا أن ندرك أن الشخصية الكتومة هي أحد أنماط الشخصيات الموجودة في المجتمع، وقد تكون أحد أقاربنا أو أصدقائنا. يجب علينا تقبلها ومساعدتها على الاندماج في الحياة الاجتماعية دون ضغط أو فرض، إنما بكل محبة واهتمام.

اقرأ أيضاً: طرق سريعة لاكتشاف شخصية الطفل

What do you think?

Written by لارا

عندي صبيين وبنت. درست هندسة حاسوب وأجد سعادتي في خدمة الآخرين. أحب أطفالي كثيرا وأعتبر دوري كأم هو أهم عمل أقوم به.

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

أسباب حدوث الحمل خارج الرحم (الهاجر)

أسباب حدوث الحمل خارج الرحم (الهاجر)

علامات الذكاء الحركي عند الطفل

نشاطات للأطفال في العطلة الصيفية