الرجال يرغبون في الزواج حتى من دون الوقوع في الحب

يختلف تفكير الرجل ونظرته للمرأة عندما يكون الغرض المقصود هو الزواج، حيث يكون التفكير والاختيار بالعقل والمنطق وليس بالقلب، فيفضّل أغلب الرجال حصد المواصفات العقلية، والتي من أجلها يذهبون إلى الزواج عن غير حب وهو ما أكدته دراسة أميركية من أن الغالبية من الرجال قد يتزوجون من نساء لا يحبونهن بل لا ينجذبون إليهن حميمياً.
الأحد 2015/12/13
الرجل يغلب العقل على العواطف

القاهرة - يُعتبر الزواج مرحلة انتقالية في حياة كل من الرجل والمرأة، حيث العديد من التغيّرات التي تحدث بعد اتخاذ قرار الزواج، فالمسؤوليات تتغيّر وتختلف الاهتمامات وتزداد الضغوط، ما يجعل نمط الحياة بأكمله يتغيّر، مما يؤثّر على الهدف الذي يبتغيه الرجل من الزواج، ومن ثمة مواصفات الزوجة.

فالكثير من النساء والرجال يعيشون قصة حب وغرام تنتهي عادة بالارتباط إذا ما قامت على أسس سليمة، لكن الدراسات والأبحاث بيّنت أن هناك أهدافا أخرى يبحث عنها البعض من الرجال في الزواج غير الحب والإعجاب بفتاة معينة أو بقوامها أو شخصيتها.

وقد توصّلت دراسة أجرتها جامعة برينستون في الولايات المتحدة، إلى أنه يمكن أن يتم الزواج بين رجل وامرأة من دون الوقوع في الحب بنسبة 60 بالمئة، ولكن اللافت في الأمر هو أن 25 بالمئة من رجال العالم يريدون ويرغبون في الزواج حتى من دون الوقوع في الحب، بل يتعدى الأمر إلى أكثر من ذلك، وهو أن هؤلاء الرجال يمكن أن يقبلوا بالزواج من نساء لا ينجذبون إليهن حميمياً، وقد لا يشعرون بالراحة والألفة معهن.

وكشفت الدراسة التي أجريت عبر الإنترنت على نحو 6000 عينة من مختلف الجنسيات، أن الرجل هو أكثر حاجة للاستقرار العاطفي من المرأة، لأنها تنضج عاطفياً بشكل أسرع، ما يجعلها ليست بحاجة لمن يعطيها ذلك الاستقرار، إلا أن الأمر يختلف مع الرجل، والذي عندما يكون طفلاً يشعر بالاستقرار بوجوده قرب أمه، ويستمر هذا معه حتى وصوله لمرحلة البلوغ، وعندما ينفصل عنها، يكون بحاجة لزوجة يشعر معها بهذا الاستقرار.

كما أن الرجل بحاجة ماسة للممارسة الحميمية التي تعتبر عند نسبة كبيرة من الرجال ممارسة من أجل إشباع رغبة، بغض النظر عن وجود الحب والرومانسية، ما يعكس الموقف بالنسبة إلى الرجال الذين يتزوجون دون الوقوع في الحب، ودون وجود جاذبية عند المرأة التي يبتغي الرجل أن يتزوجها، حيث أن الممارسة يمكن أن تتحوّل إلى أمر ميكانيكي عند الرجل حسب وصف الدراسة، ولكن ذلك من شبه المستحيلات بالنسبة إلى المرأة.

الرجال يمكن أن يقبلوا بالزواج من نساء لا ينجذبون إليهن حميمياً، وقد لا يشعرون بالراحة والألفة معهن

كما كشفت الإحصائية أن نسبة 52 بالمئة من الرجال يتنازلون عن المطالب المشددة من أجل الزواج، في مقابل نسبة 47 بالمئة من النساء، فالمرأة يمكن أن تتنازل عن فكرة الرومانسية المطلقة المتمثلة في فارس الأحلام ومواصفاتها الشكلية، ولكنها لا تتنازل عن تفاصيل حياتية صغيرة، بينما الرجل قد يتنازل عن أمر مهم ألا وهو الانجذاب الحميمي للمرأة، رغم أنه على رأس أولوياته ومتطلباته.

ومن الأسباب التي تجعل بعض النساء والرجال يتزوجون دون الوقوع في الحب هو البحث عن الزواج فقط، من أجل الرفقة والعيش المشترك، متغاضين عن مواصفات الحب والرومانسية التي تأتي في المقام الأخير، فهم يعتبرون وجود الحب والتكافؤ الحميمي والتفاهم بين الرجل والمرأة من الأمور التي يصعب تحقيقها، أو قد يستطيعون تحقيقها بالمعايشة مع مرور الوقت.

كما يرغب البعض من الرجال في الزواج من باب تلبية الاحتياجات المتعدّدة وتدبير الشؤون المنزلية، كما في تحضير الطعام وغسيل الملابس والاهتمام بكافة الأمور التي تتعلق بالنظافة والترتيب في البيت أو حتى الشخصية منها. حيث أظهرت الإحصائية أن 72 بالمئة من الرجال على مستوى العالم لا يعرفون كيّ الثياب، وأن 58 بالمئة منهم لا يجيدون غسل الثياب، على الرغم من مراقبة الزوجات طوال الوقت.

الاستقرار النفسي والعاطفي هو العامل الرئيسي الذي يجعل قسماً كبيراً من الرجال يعقدون العزم على الارتباط، حيث يشعر الرجل بالأمان النفسي عندما يعود إلى البيت وهو يعلم أن هناك من ينتظره ويستقبله بابتسامة وكلمات الثناء، وما إلى ذلك من أمور تمنح الرجل الراحة بعد يوم عمل طويل وشاق.

كما ترى الدكتورة مها معروف، أستاذ علم النفس الاجتماعي بالجامعة الأميركية في القاهرة، والتي تشير إلى أن هناك العديد من الأمور التي يفكر بها الرجال وتجعلهم يقبلون على الزواج، وهي تختلف بحسب وضع الرجل المادي والاجتماعي إضافة إلى العمر، وكل فئة تحتاج إلى غايات معينة من الزواج أو بالأحرى تكمل نقصاً معيناً بالزواج، وهو ما قد يجعل البعض من الرجال يضحّي بالألفة والحب من أجل تلك الصفات، لافتة إلى أن هذا النوع من الزواج يكثر مع التقدّم في العمر وحاجة الرجل أو المرأة للزواج حتى مع التنازل عن أساسيات من بينها الحب والمودة، من أجل تكوين أسرة تشاطرهما الحياة.
البعض من الرجال يرغبون في الزواج من باب تلبية الاحتياجات المتعدّدة وتدبير الشؤون المنزلية، كما في تحضير الطعام وغسيل الملابس

فالتقدّم في العمر يشكّل هاجساً للعديد من الرجال والنساء، ما يجعلهم يعتبرونه حافزاً قوياً للإقدام على الزواج، فيخشى كلا الجنسين التقدم بالعمر من غير إنسان يشاركه حياته وتفاصيلها، كما أن شبح العنوسة أو الرفض من قبل الطرف الآخر يجعل الكثير من الأشخاص يفكرون في الارتباط قبل فوات الأوان دون اشتراط وجود الحب، معتمدين على التعود والعشرة عبر السنوات الطوال كأساس في تمكّن كل طرف من مشاعر الآخر.

من جانبها، توضح الدكتورة بسمة جمال، المتخصصة في الإرشاد الأسري، أن الزواج بدون حب له إيجابياته، والتي تتمثّل في تغليب الجانب العقلي على العواطف، وهو ما يساعد على اختيار الشريك ذي المواصفات الأنسب والأقوم، وكذلك تحقيق التكافؤ في الزواج.

أما السلبيات فتتمثّل في افتقاد الزواج لروحه وهي الحب والمودة والقبول بين الشريكين، والتي من دونها تتحول الحياة الزوجية إلى أمر ميكانيكي يفتقد للشعور والأحاسيس، لافتة إلى أن القبول والألفة بين الطرفين يبعدان عن العلاقة دائماً التفكير في النواقص وفي الصفات الغائبة، مشيرة إلى أن احتمالات النجاح في هذا النوع من الزواج تتوقف على درجة التفاهم بين الشريكين، وعلى التوافق العقلي الذي يولّد القبول والمودة بين الطرفين، ويعوّض جانب فقدان الحب، أو قد يزيد الفجوة بفعل الاختلافات والتنافر فتفشل الأسرة وتتفكك.

وتضيف جمال: الزواج بدون حب يمكنه أن يدمر العلاقة مبكراً، فالحب يخلق التفاهم والانسجام بين الزوجين ويجعل الرباط بينهما قوياً ومتيناً في وجه العواصف التي يمكنها أن تواجه الحياة الأسرية.

وتابعت: الحب المتبادل بين الزوجين يساعدهما على تحمّل هذه المشكلات والوقوف في وجهها بقوة وعزيمة، كما يخلق الدافع القوي لكل طرف ليحافظ على الآخر، أما إن لم يتواجد الحب فأمام كل مشكلة يدق ناقوس الخطر الذي ينذر بعدم استمرار هذا الزواج.

21