لماذا نحب شخصاً لا يملك أي مشاعر اتجاهنا ونتعلق به، ولا نحب من يحبنا؟

 يعود السبب في هذا الأمر لما لدينا من عمليات عقلية، فنحن في الحب نستقبل إشارات مختلفة ومتنوعة من الشخص الذي نحبه تعمل على الجذب بحيث يبدأ العقل بإرسال إشارة لنا تشعرنا بالمتعة والسعادة والفرح، لما في الشخص الذي نحب من تطابق مع ما لدينا من معايير معينة وبتالي نتبعها بشكل لا واعي، وفي المقابل عند غياب هذه المعايير في الشخص الذي يحبنا لا نستطيع إظهار مشاعر الحب لعدم الشعور بالمشاعر الإيجابية.كما أن الحالة العقلية في الحب تجعل الشخص يعمل على نحو مستمر في البحث عن أدلة تثبت ما لديه من توقعات عاطفية، مما يجعله مستمر في الحب للشخص الذي لا يبادله نفس المشاعر.

ومن أهم الآثار العقلية والفكرية في مثل هذه الحالة والتي تجعلنا نحب أشخاص لا يحبوننا أننا نشعر بأن هذا الحب فريد ومتميز خالي من الشوائب، فقد نكون في بعض الأحيان على علم بما لدى الشخص الذي يحبنا من صفات لا نتفق معها، مما يشعرنا بأننا سنعيش حالة عادية أو صعبة في حال بادلناه هذا الحب.

ومن ناحية أخرى قد يكون الحب لشخص لا يبادلنا الشعور سبب في تغيير ما لدينا من صفات بطريقة تشعرنا بالقوة والثقة، وهذا الشعور يعزز الارتباط بالآخر وإن كان غير مبدل لنا للشعور، حيث أن الهوس المرافق للحب سيجعلنا نرغب به بشكل أكبر لإرضاء ما لنا من متطلبات وللشعور بالأمن النفسي والثقة.

ويشير د. راشيل نيدل أخصائي علم النفس، أن الحب يعمل على إفراز مواد كيميائية في الجسد مثل الأوكسيتوسين، والفينيثلامين والدوبامين وهي مواد تجعل الشخص المحب متيقظ ومتحمس ويأمل بالارتباط، وانساحب المواد وانخفاض إفرازها سبب في الشعور بالألم، وبالتالي نحن نستمر بما لدينا من مشاعر على الرغم من عدم وجود مقابل لها بمشاعر مشابهة.

ويضيف د. نيدل إلى أن الحب قد يسبب زيادة الطاقة وتقليل التركيز العقلي، مما يعيق الشخص عن التفكير بشكل عقلاني وحكيم، فنجد أن هنالك أشخاص قادرين على إعطاء الحب لأخرين لايبادلونهم نفس المشاعر.

وبالنظر لفسيولوجية الحب نجد بأن الحب يتطلب منها المجهود العقلي والنفسي، مما يعني  التعامل مع الذات والنفس، وإعادة التركيز على ما لدينا من قدرات، وهذا الامر صعب بعض الاحيان حيث هنالك من يجد ببعض الأشخاص ماضي معين يحقق له الأمن النفسي والذاتي مما يجعله يصدر الحب له دون مقابل، ويبعده عن التعامل مع الذات والنفس وقد يكون هذا الأمر غير واعي وليس تحت ادارك العقل.

ومن جهة أخرى قد يكون الحب في بعض الأحيان ناتج عن خيال وأفكار بعيدة عن الواقع، مما يجعل الأشخاص واقعين في حب من لا يحبونهم، ومن الأمور التي تساعد في تكوين النظرة الغير واقعية للإنسان اعتماد مبدأ بأن الأحداث من حوله تحدث بشكل تلقائي أو تخضع للرجاء الروحي، فقد تحدث معجزة ما تقرب البعيد وتجعل التخيل واقع، وهذا الأمر ينتج عن فقدان الشخص القدرة على التفكير المنطقي، والتحليل، وتوقع المستقبل ضمن عوامل الحاضر.



ومن وجهة نظر شخصية أرى أن السبب في هذا الأمر يعود لما لدينا من تصورات وتوجهات لمفهوم الحب، ولما يجب أن يكون عليه الحبيب، وبالتالي نحن نبحث دائمًا عن ما نريد في الآخر، وعندما نجد ما يتفق ما ما لدينا من مفهوم وتصور وتوجه نقدم مشاعر الحب ونطورها على أمل أن نرى مشاعر مقابلة، فما لدينا من أمل قد يكون سبب آخر في ظهور هذا السلوك لدينا، ومن الأمور الأخرى عدم امتلاك المرونة ونقص المهارات لمعرفة الذات ومعرفة الآخر ففي بعض الأحيان نكون غير قادرين على أن نعي أنفسنا بطريقة صحيحة وبناء على ذلك نتخذ القرارات التي تمنعنا من تقبل حب الأشخاص الذين يحبوننا ونذهب لآخرين. كما أن ما نصدره من أحكام على أنفسنا وعلى الآخرين سبب في أن نمنع أنفسنا من حب من يحبنا ونوجه الحب لشخص آخر.


المصدر: