<img height="1" width="1" style="display:none" src="https://www.facebook.com/tr?id=775914833508377&amp;ev=PageView&amp;noscript=1">
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

التقليلُ مِنْ شَأنِ الآخَرينَ .. سلوك ٌ له جذورٌ نفسيّة ٌ

التقليلُ مِنْ شَأنِ الآخَرينَ .. سلوك ٌ له جذورٌ نفسيّة ٌ

-
-
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

إبراهيم كشت


قفزَ الثعلبُ الى الأعلى مرّات عدّة ، لكنه خابَ في التقاط قُطف العنب المُتدلّي ، وحين يئس من المحاولة ، نظر الى حبّات العنب العنقودية المتلألئة بإزدراء ، وقال : إنّه مجرد قطف من الحصرم الحامض ، والواضح أنه كان لدى الثعلب (وفقاً لهذه القصة الشهيرة التي درجت مثلاً على الألسن) دافع قوي نحو التقاط قطف العنب لإشباع حاجاته ورغباته ، غير أن المعيقات المتمثّلة ـ على نحو خاص ـ بارتفاع القُطف أكثر من قدرة صاحبنا على القفز ، قد حالت دون تحقق الدافع لديه ، ودون اشباع حاجاته ، مما أورثه الإحباط ، بما فيه من ألم وضيق واحساس بالمهانة ، ومشاعر عدوانية ، وبما فيه من تأثير على التوازن ، فأخذت استجابته صورة التقليل من شأن ما لم يصل إليه ، سعياً نحو استعادة التوازن النفسي الذي تخلخل لديه .

الاستجابة للإحباط
من خلال تقليل شأن الآخرين
تُرى هل يمنحُنا التّقليل من شأن ما لم نتمكن من بلوغه شعوراً مريحاً ؟ وهل يعيد ذلك الى نفوسنا التوازن الذي اختل نتيجة ما مَسَّنا من إحباط لعدم قدرتنا على الوصول إلى هدف أو تحقيق رغبة ؟ وهل (يلطِّفُ) من أثر التوتر الناجم عن الفشل ، أن نطعن بمن نجحوا ، أو نهزء بهم ، أو نشوّه صورتهم ، أو نقلل من قيمة ما حققوه ووصلوا إليه .
هذا ما يقوله علماء النفس ـ على أي حال ـ حين يتحدثون عن « التقليل من شأن الآخرين « كأسلوب قد يلجأ المرء إليه استجابة لما لَحِقَهُ من إحباط نتيجة عدم قدرته على تحقيق دافع لديه ، ويلجأ الإنسان الى هذا الأسلوب عادة حين يصاب بصدمة نتيجة لفشله في مجال ما ، فيبدأ بتقصّي أخطاء الذين نجحوا حيث فشل ، بل وفي اختلاق أخطاء لهم غير موجودة أصلاً ، والبحث عما يقلل من حجم نجاحهم ، وتفسير ذلك النجاح بأسباب تحطُّ من قدره .

 انتشار أسلوب التقليل من شأن الآخرين
ليس عليك لتكتشف مقدار انتشار هذا الأسلوب في الاستجابة للإحباط في المجتمع ، إلاّ أن تراقب حديث المجالس والصالونات ، والأحاديث المتبادلة على الهواتف الثابتة والنقّالة ، حيث لا يكاد يأتي ذِكرُ شخصٍ نجح في مشاريعه الاقتصادية بجهده وكدّه ، إلا ويبدأ التلميح الى الوسائل غير المشروعة التي اكتسب بها أمواله ، أو الى الحظّ الذي أتاح له التفوّق ، وإذا ذُكِـرَ شخصٌ آخـر بلـغ بذكائه واجتهاده مرتبةً عالية في مجال ما ، بدأوا بتذكيرك بما كان عليه حالُهُ أيام العوز والفقر (كأنّ ذلك يعيبه !) ، أو عَزَوا نجاحه إلى أسباب خارجية لا يد له فيها ، كالدَّعم الذي لاقاهُ ، أو الطالع الذي واتاهُ .

التقليل من شأن الأمم والحضارات
ولا يقِّللُ هؤلاء من شأن الآخر كفردٍ فحسب ، بل يجري نَهجُهم هذا على نظرتهم الى المجتمعات أيضاً ، فإذا تحدثتَ عـن حضارة أمة ما ، ردّوا عليك بالقول أن اولئك قد سرقوا الحضارة عنّا ، وإذا تحدثت عن تقدم علمي لمجتمع ما ، قالوا لك أنّه يوازيه انحلال خُلقي شنيع ، وإذا ذكرتَ أُمّة متفوقة اقتصادياً وعسكرياً وعلمياً ، بادروك بالقول : لكنَّ شعب تلك الأمة كلهم أغبياء !

البحث عن هفوات الناجحين وتضخيمها
وربما يندرجُ تحت موضوع التقليل من شأن الآخرين من منطلق الأسباب النفسية ذاتها ، ذلك التَّلذذ في البحث عن هفوات الناجحين وزلاّتهم وأخطائهم ، بل وتضخيم تلك الزَّلاّت لتأخذ طابع الخبر المُثير ، وصورة الشائعة التي تصلح مادة للتناقل والتداول ، فهل يمكن أن نضيف إلى العوامل التي يذكرهـا علماء الإجتماع والتي تؤدي لخلـق الشائعات وإطلاقها وتصديقها وترويجها عاملاً آخر هو الإستجابة لشتى الإحباطات الناجمة عن الفشل ، وعدم تحقيق الرغبات والحاجات ، أو الإعتقاد بعدم القدرة على تحقيقها ؟

تبرير العدوان تجاه الآخرين
ويذكرنا موضوع التقليل من شأن الآخرين كشكل من أشكال الإستجابة للأحباط ، بمفهوم آخر يتحدثُ عنه الرّاسخون في علم النفس الإجتماعي ويسمونه بـ (التّبخيس) ، ويتمثلُ التّبخيسُ في التقليل من وزن وقيمة الناس ، لتبرير العدوان تجاههم ، فَرَبُّ الأسرة المُستبد يبرر تسلّطه وعدوانه نحـو أفراد أسرته بالحَطِّ من قيمتهم ، وادِّعاء عدم نضوجهم ، وعدم معرفتهم بمصلحتهم ، والمدير الظالم يبرر قراراته بحق موظفيه بالنظر إليهم على أنهم جاهلون ، والزعم بأنهم كُسالى لا يَليقُ بهم التعامل الإنساني وهكذا .
وبعد :
فعلاً أن لعلم النفس قدرةً عظيمة على الغَوْصِ في العُمق ، وتفسير ظواهرَ درجْنا أن نتحاشى مجرّد الانتباه لوجودها .

Facebook.com/Ibrahim.Kasht


محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF