الشخص المناسب في المكان المناسب

الشخص المناسب في المكان المناسب

كما يتنافس الأفراد في الحصول على الوظيفة الجيدة والمرموقة، تتنافس الشركات أيضًا في استقطاب الكفاءات البشرية وتوظيفها. لكن كغيرها من المعارك التنافسية التي تدور بين الشركات، تتسم هذه المعركة بأنها الأشرس والأكثر تعقيدًا وكذلك الأكثر تأثيرًا على سير العمل؛ فاختيار شخص خطأ واحد، قد يكلف الشركة سمعتها السوقية وكذلك جمهورها. كيف تتعامل الشركات مع هذا الأمر وكيف تنوع أساليب وطرق استقطاب الكفاءات البشرية فيها، هذا ما سنتناوله بالتفصيل خلال السطور القادمة. 

تقوم عملية استقطاب وجذب الكفاءات البشرية على مبدئين هما: 

  • العرض والطلب: حيث تطرح المؤسسة فرص العمل المتاحة مع شرح وافى لتفاصيلها وراتبها وما يتعلق بالمدة الزمنية المطروحة للتقديم وكذلك الشروط الواجب توافرها في المتقدم، ومن يجد عنده المواصفات المناسبة يتقدم بإرسال سيرته الذاتية ويدخل مرحلة التقييم. 
  • الجذب: حيث تحرص المنظمة على توفير مزايا إضافية فى الوظيفة المطروحة تجعلها جاذبة للكفاءات المطلوبة كمرتبات مجزية أو توافر وسائل نقل خاصة أو عطلات أسبوعية أطول، أو عدد ساعات عمل أقل أو الإنضمام إلى بيئة عمل صحية ومشجعة للابتكار.

تمر عملية استقطاب الكفاءات البشرية بعدة مراحل تبدأ بوجود حاجة داخلية للشركة بتوظيف عمالة جديدة، أما لفراغ الوظيفة بعد ترقية صحابها أو تركه للعمل، وأما لحاجة الشركة لخلق قسم جديد وترغب في جذب الكفاءات المناسبة له. بعد معرفة هذه الحاجة من قبل قسم الموارد البشرية، يتم الجلوس مع المسؤول المباشر أو المدير المختص بالقسم التابع له الوظيفة، ثم التشاور حول المواصفات والاحتياجات التي يبحث عنها في موظفه المنشود، من ثم يتم الإتفاق على الوسيلة التي سيتم الإعلان بها وأى طرق الاستقطاب التي سيتم استخدامها: 

  • فإذا كانت الشركة تستهدف استقطاب الكفاءات البشرية من داخلها، تقوم بنشر إعلان داخلى داخل المنشأة، ومن يجد في نفسه المواصفات المناسبة يتقدم لها، وبناء على التجارب السابقة مع الموظفين ومعرفة طريقة عملهم وما يتمتعون به من خبرات، يسهل عملية التقييم وتصفية المرشحين واختيار الأنسب بينهم. 
  • إذا كانت الشركة تستهدف جذب دماء جديدة للمنظمة، فحينها تتولى إدارة الموارد البشرية استخدام أساليب خارجية للإعلان، بحيث تستقطب أكبر قدر ممكن من المرشحين المؤهلين لشغر المنصب خلال الفترة الزمنية المحددة.

بعد اختيار الطريقة التي سيتم بها إعلان الوظائف، سيتم فتح باب التقديم واستيلام السير الذاتية وعادة ما تستغرق هذه المرحلة من 1 إلى 6 أيام. 

 تستغرق مرحلة تقييم السير الذاتية مدة من يومين إلى 3 أيام، ثم تأتى مرحلة المقابلات الشخصية والتى يتم فيها مقابلة المرشحين وإختبار مدى خبراتهم ومهاراتهم الشخصية والمهنية ثم التصفية من بينهم. 

مميزات وعيوب الاستقطاب الداخلي للكفاءات البشرية

تلجأ الشركات إلى عملية الاستقطاب الداخلي في حالة ما إذا رغبت في تسريع عملية التوظيف أو الحد من مساحة انتشارها خارج حدودها. وتكمن مميزاتها في إنها: 

  • تساعد في إشعال روح التنافس بين موظفي الشركة رغبًا في الترقي والحصول على مميزات مهنية ومالية أعلى.
  • تعمل على تقليل الوقت وتخفيض التكاليف التي يتم إهدارها في تدريب الكوادر الجديدة على أسلوب العمل أو الإندماج مع ثقافة الشركة
  • تعمل على دقة وموضوعية عملية التقييم حيث من السهل الرجوع إلى أرشيف كل موظف لمعرفة مهاراته ومميزاته وطريقه عمله. 
  • زيادة معدل الولاء والانتماء إلى الشركة وذلك لأحساس الموظف بالأمان الوظيفي الناتج عن وجود فرص أخرى متاحة له داخل نفس الكيان. 
  •  استغلال إنتاجية الأفراد بكفاءة داخل الشركة الواحدة عن طريق توظيفها في أماكنها الصحيحة. 
  • إنقاذ الموظف من خطر الروتين القاتل لإبداعه عن طريق معرفة الوقت المناسب لحصوله على الترقية الوظيفية. 

 

أما فيما يتعلق بالعيوب، فالاستقطاب الداخلي للكفاءات إذا لم يتم بطريقة صحيحة قد يساهم في: 

  • إثارة نوع من الحنق والغضب من قبل الموظفين وبعضهم البعض وخاصة إذا لم يتم تولية الوظيفة للشخص المناسب. 
  • إثارة نوع من الاستعداء المسبق من قبل الموظفين للموظف الجديد القادم من خارج الشركة. 
  • حرمان الشركة من مميزات وجود عنصر جديد بها قادر على مشاركتها خبرات ومهارات جديدة في العمل. 
  • شعور الموظف الغير مقبول بإهتزاز ثقة في قدراته المهنية وكذلك ثقته بنفسه. 

 

مميزات وعيوب الاستقطاب الخارجي للكفاءات البشرية

تعدد مميزات استقطاب الكفاءات من خارج المؤسسة كالآتي: 

  • ضخ دماء جديدة داخل الشركة مما يساعد في التأثير على الروتين الرتيب لها. 
  • إضافة مهارات وخبرات جديدة تساعد في تنمية الشركة وزيادة نموها. 
  • زيادة إنتاجية العمل ومستوى احترافيته. 
  • إتساع مساحة المنافسة مما يوفر فرصة أكبر لاستقطاب الكفاءات المطلوبة. 
  • زيادة الوعى بنشاطات الشركة وخدماتها.

ومع مميزات هذه الطريقة إلا أنها قد تؤثر بشكل ضار بالعاملين داخل المؤسسة كالآتي: 

  • شعور العاملين داخل المؤسسة بالإحباط لعدم تقدير الشركة لمهاراتهم وخبراتهم المهنية. 
  • إهدار الموارد والوقت داخل عملية توظيف طويلة الأجل قد تسفر أو لا تسفر على إيجاد الموظف المثالى.
  • استغراق مدة طويلة لزرع الولاء داخل الموظفين الجدد. 
  • استغراق وقت لتأهيل الموظفين الجدد واندماجهم مع بيئة العمل. 

بالنظر إلى ما سبق، فإن الإختيار بين أى الوسيلتين هى الأفضل للمؤسسة وأيهم هى الأنسب في استقطاب الكفاءات البشرية المنشودة، يقع على أساس طريقة الشركة في التعامل مع مميزات هذه الطريقة وكيف تتجنب عيوبها. 

تتنوع أساليب وطرق استقطاب الكفاءات البشرية داخل المنظمة طبقًا لـ: 

  • موارد الشركة 
  • علاقتها العامة
  • نوع الاستقطاب (داخلي أو خارجي)

فإذا كانت الشركة تبحث عن مهارات معينة داخل بيئة عملها لشغر وظيفة متاحة، ستلجأ إلى الأساليب الآتية: 

  • الترقية الوظيفية التي يتم القيام بها بناء على عامل الكفاءة وليس السن، بحيث يتم ترقية الموظف إلى مستوى وظيفي أعلى بناء على الخبرة والفعالية التي أثبتها على مدار عمله بالشركة. 
  • الإعلانات الداخلية: وفيها تقوم الشركة بنشر إعلان داخلي داخل مقرها عن حاجتها لموظفين أما عن طريق الطرق التقليدية في نشر إعلانات ورقية، أو استخدام المجموعات الخاصة بها على وسائل التواصل الإجتماعي في إعلام العاملين.
  • البحث من خلال قاعدة بيانات الموظفين: وفيها يتم إعادة النظر إلى السير الذاتية الخاصة بالموظفين وكذلك التقارير الدورية الخاصة بنظام عملهم ومدى جودته، ثم الإختيار من بينهم على أفضل المرشحين لتولى المناصب المتاحة.
  • اللجوء إلى إعادة تعيين موظفين سابقين: وفيها تلجأ الشركة إلى عرض عقد عمل جديد على الموظفين السابقين معها والذين أثبتوا مدى احترافيته خلال فترة توظيفهم، حيث ترى الشركة حينها أنهم الأنسب لأداء الوظيفة بالشكل المطلوب.
  • اللجوء إلى المدراء والمسؤولين المباشرين لتزكية أحد الأسماء: وفيها يلجأ مسؤول الموارد البشرية إلى التحدث مباشرة مع مدراء الأقسام المختلفة في السؤال عن ترشيح أو تزكية اسم لشغر وظيفة متاحة. 

 

أما إذا لجأت الشركة إلى الاستقطاب الخارجي للكفاءات البشرية، فحينها ستلجأ إلى الطرق الآتية: 

  • الإعلان: وفيها يتم استخدام الإعلانات في وسائل الإتصال التقليدية أو الحديثة في إعلام أكبر قدر ممكن من الشريحة المستهدفة بوجود فرصة للتوظيف. عادة ما تتنوع ما بين الإعلانات المبوبة داخل الصحف والمجالات، الإعلانات الورقية، الإعلانات التلفزيونية وكذلك الإذاعية والتى يمكن تضمينها كمعلومة يتم نشرها في الفقرات البرامجية المذاعة. 
  • وكالات التوظيف الخاصة والحكومية: وهى وكالات تكون مهمتها الأساسية أن تكون حلقة الوصل ما بين الباحث عن الوظيفة والطارح لها، بحيث تساعد المنظمة في الحصول على أكبر قدر من المرشحين المناسبين اعتمادًا على قاعدة البيانات التي تمتلكها. 
  • مواقع التوظيف: وفيها تقوم الشركات بالإطلاع على الآلاف من السير الذاتية المعروض على المنصة الإلكترونية بكل حرية والتحدث مباشرة مع المرشح الأنسب بالنسبة لها، كما يمكنها نشر إعلانات عن الوظائف المتاحة وفتح باب التقديم على الموقع، مستغلة في ذلك التقنيات الذكية للموقع في سرعة تحليل مهارات وخبرات الشخص المقدم. 
  • وسائل التواصل الإجتماعي: وفيها تقوم الشركة بنشر إعلان عن الوظائف المتاحة وتفاصيلها من خلال حسابها على مواقع التواصل الإجتماعي أو من خلال مجموعات البحث عن العمل المنتشرة في هذه المنصات أو من خلال استخدام أحد المؤثرين في الإعلان عن توافر فرص عمل داخل المنصة والحديث عنها بشكل إيجابى.

 

في النهاية، فإن أساليب وطرق استقطاب الكفاءات البشرية تتنوع من شركة لشركة، فالبعض قد يجمع بين أكثر من نوع استقطاب والبعض قد يستخدم أكثر من وسيلة في آن واحد، المهم هو أن توفر الشركة المناخ الصحى والبيئة الإحترافية المشجعة لجذب هذه الكفاءات وتنمية مهاراتها.


لعرض أو إضافة تعليق، يُرجى تسجيل الدخول