عائشة.. حب رسول الله

مواقف نبوية
04:08 صباحا
قراءة 6 دقائق
من أعظم وسائل امتلاك قلب الزوجة، التلطف في معاملتها، والمسارعة في إدخال السرور عليها.. بعبارة حانية مملوءة عاطفة ورقة، أو بشيء من الترفيه البريء والمزاح الجائز، أو من خلال مساعدتها في شيء من الخدمة المنزلية ونحوها..كان صلى الله عليه وسلم، إذا خلا بنسائه ألين الناس، وأكرم الناس، ضاحكاً بسّاماً. وقد اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في معاملته لعائشة رضي الله عنها، وهي الفتاة الحديثة السن، نهجاً حانياً لطيفاً، فكان يدخل عليها السرور بفعله وعباراته.
يذكر مجدي محمد الشهاوى في كتابه «مواقف فرح فيها الرسول صلى الله عليه وسلم» قالت عائشة: «كنت ألعب بالبنات (عرائس صغار) عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكن لي صواحب يلعبن معي فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل ينقمعن منه فيسربهن إلي فيلعبن معي».
وعن عائشة رضي الله عنها أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا عائشة ما كان معكم لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو». (البخاري)
حرب وسلم
جاء أبو بكر رضي الله عنه، يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمع عائشة وهي رافعة صوتها على رسول الله. فأذن له، فدخل. فقال: يا ابنة أم رومان- وتناولها ليلطمها- أترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها، وأخذ يحجزه عنها. فلما خرج أبو بكر رضي الله عنه جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها يترضاها:«ألا ترين قد حلت بين الرجل وبينك؟». ثم جاء أبو بكر رضي الله عنه فاستأذن عليه، فأذن له فدخل فوجده يضاحكها، فقال له أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد فعلنا، قد فعلنا». (أخرجه أحمد)
وعن ابن أبي مليكة قال: مزحت عائشة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقالت أمها: يا رسول الله بعض دعابات هذا الحي من كنانة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «بل بعض مزحنا هذا الحي من قريش».
سؤال ذكي
وفى موقف آخر يضحك الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث ردت عائشة رضي الله عنها على أعرابي بسؤال مازح، فقد كان الضحاك بن سفيان الكلابي رجلا دميماً، فلما بايع النبي صلى الله عليه وسلم، قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن عندي امرأتين أحسن من هذه، وأشار إلى عائشة، وكانت جالسة تسمع، وذلك قبل أن تنزل آية الحجاب. فقالت عائشة: أزوجتك هذه أحسن أم أنت؟ فقال: بل أنا أحسن منها وأكرم. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم من سؤالها إياه، لأنه كان دميماً.
وعن مداعبة النبي صلى الله عليه وسلم زوجته قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن.. فقال صلى الله عليه وسلم للناس: «تقدموا». فتقدموا..، ثم قال لي: «تعالي حتى أسابقك». فسابقته فسبقته.. فسكت عني، حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: «تقدموا». فتقدموا..ثم قال لي: «تعالي حتى أسابقك». فسابقته فسبقني.. فجعل يضحك وهو يقول: «هذه بتلك». (أخرجه أحمد)
فرس بجناحين!
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك، أو خيبر، وفي سهوتها ستر، فهبت ريح فكشفت ناحية الستر من بنات لعائشة (لعب)، فقال: «ما هذا يا عائشة ؟»، قالت: بناتي. ورأى بينهن فرساً له جناحان من رقاع، فقال: «ما هذا الذي أرى وسطهن؟» قالت: فرس. قال: «وما هذا الذي عليه؟»، قالت: جناحان. قال: «فرس له جناحان؟!»، قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة ؟ قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه.
قال الحافظ ابن كثير: ومن مكارم أخلاقه ودعابته وحسن خلقه صلى الله عليه وسلم استماعه حديث أم زرع من عائشة بطوله، ووقع في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم هو الذي قصه على عائشة.
وفى موقف آخر، جرى كلام بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين عائشة، حتى أدخلا بينهما أبا بكر رضي الله عنه حكماً واستشهده. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تكلمين أو أتكلم؟!» فقالت: بل تكلم أنت، ولا تقل إلا حقا. فلطمها أبو بكر حتى دمي فمها. وقال: يا عدوة نفسها، أو يقول غير الحق؟! فاستجارت برسول الله صلى الله عليه وسلم وقعدت خلف ظهره. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لم ندعك لهذا، ولا أردنا منك هذا».
حديث الإفك
جاء في كتاب «محمد صلى الله عليه وسلم والمرأة» للدكتورة سامية منيسي: ابتليت عائشة رضي الله عنها بمحنة الإفك التي أفاضت المصادر والمراجع في ذكرها، حيث خاض المنافقون في ذلك، واتهموها مع صحابي جليل هو صفوان بن المعطل السلمي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عائداً من سفره من غزوة بني المصطلق، وذهبت لقضاء حاجتها فانفرط عقد لها، فخرجت تبحث عنه، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقوم القافلة، فقامت القافلة وهي غير موجودة في هودجها، فلما عادت إلى مكانهم لم تجدهم فانتظرتهم في مكانها، عسى إن افتقدوها أن يرجعوا إليها فمر بها صفوان بن المعطل السلمي، وكان قد تخلف عن العسكر لبعض حاجته فلم يبت مع الناس في عسكرهم، فلما رآها وهي متلففة بجلبابها عرفها فحملها على بعيره وانطلق بها مسرعاً حيث أوصلها إلى القافلة في الصباح، فقال أهل الإفك ما قالوا فيها، وانتشرت الشائعة في القافلة ثم عادوا إلى المدينة.
وما لبثت عائشة أن مرضت وقد وصلت الشائعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يؤذها رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمة رغم ما سمعه عنها سوى موقفه من مرضها فقد قالت عائشة عنه، صلى الله عليه وسلم، «كنت إذا اشتكيت رحمني ولطف بي، فلم يفعل ذلك في شكواي تلك فأنكرت منه وكان إذا دخل علي وأمي تمرضني قال: كيف كنتم؟ ولا يزيد على ذلك، قالت: حتى وجدت في نفسي مما رأيت من جفائه عني فقلت له يا رسول الله لو أذنت لي فانتقلت إلى أمي فمرضتني قال: لا عليك قالت: فانتقلت إلى أمي ولا أعلم بشيء مما كان حتى نقهت من وجعي بعد بضع وعشرين ليلة».
هكذا كان موقف الزوج العاقل فلم يتهمها أو يسيء إليها من دون دليل حاسم، ثم ذكرت عائشة كيف أنها علمت بما يدور حولها من أقاويل، فبكت حتى أحست أن كبدها سيتصدع وشكت لأمها حزنها.
فلما دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندها أبواها وهي تبكي، جلس صلى الله عليه وسلم وحمد الله وأثنى عليه ثم قال لها على رواية عائشة «يا عائشة إنه قد كان ما بلغك من قول الناس فاتق الله وإن كنت قارفت سوءاً مما يقول الناس فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده، فوالله ما هو إلا أن قال ذلك حتى تقلص دمعي ما أحس منه شيئاً وانتظرت أبويّ يجيبا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يتكلما قالت: وايم الله لأنا أحقر في نفسي وأصغر شأناً من أن ينزل الله عز وجل فيّ قرآناَ يقرأ به في المساجد ويعمل به، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نومه شيئاً يكذب الله به عني لما يعلم من براءتي أو يخبر خبراً.. فوالله ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه، ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس فجعل يمسح العرق من جبينه ويقول: «أبشري يا عائشة قد أنزل الله براءتك» ثم خرج إلى الناس فخطبهم وتلا عليهم ما أنزل الله عز وجل من قرآن فيّ ثم أمر بمسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت وحمنه بنت جحش وكانوا ممن أفصح بالفاحشة فضربوا حدهم (أي أقيم عليهم حد قذف المحصنات الغافلات المؤمنات).

الزوج الأعظم
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستر عائشة رضي الله عنها بردائه لكي ترى بعض الأحباش وهم يلعبون في فناء المسجد، أو يقف أمامها لترى لعبهم من وراء كتفه الشريفة، وكثيراً ما كان يحادثها قبل الفجر ويلاطفها حتى يأتيه المؤذن.
وروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يا عائشة حبك في قلبي كالعروة الوثقى». وكانت من آن لآخر تسأله: «كيف حال العروة يا رسول الله؟» فيقول لها: «إنها على حالها لم تتغير ولم تتبدل».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"