بداية الحب شعور صادق ونبيل وليس قراراً يؤخذ بجرة قلم، الحب حين يقع يكون كوقوع الصاعقة على بني البشر، الحب قضاء وقدر لا ينكر وقوعه من يؤمن بالله تعالى وباليوم الآخر، قال معلم البشرية عليه افضل الصلاة وازكى سلام: (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف) رواه البخاري ومسلم.

اذن، المراد بالحب هنا، الحب العذري العفيف، الحب العفوي الذي يحدث اما نتيجة سماع اطراء من طرف آخر، أو نتيجة لمحة خاطفة، او غيرها من مقادير الله جل في علاه، يجدر التنويه بأن هناك أوهاماً يظنها البعض حبا للوهلة الأولى وهي ابعد ما تكون عن ذلك، كما يجدر التحذير مما يزعم اليوم انه حب وقوده ومحركة الجنس، فلنحذر من الخلط والوقوع بالمحذور. حقا، حين ينسج هذا الحب العذري العفيف خيوطه بعناية يتحول الاثنان بقدرة قادر الى واحد، فيعيشان على قلب واحد مهما بعدت بينهم المسافة او قربت، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لو ادركت عفراء وعروة لجمعت بينهما) رواه ابن الجوزي بسنده، وعروة عاشق عذري وعده عمه بالزواج من ابنته عفراء بعد عودته من سفر للتجارة، ثم زوجها لرجل من الاثرياء، وقال هشام بن عروة عن ابيه: مات عاشق، فصلى عليه زيد بن ثابت، وأحد كتاب الوحي، وجامع القرآن الكريم، فقيل له في ذلك، فقال: اني رحمته "رواه ابن القيم في روضة المحبين". عجبا، مما يحدث في هذا العصر، كيف اصبح المتحابين مرتكبي كبيرة؟ اما الحرامية فهم لصوص شرفاء دعتهم الضرورة لذلك، المحرم ياعباد الله هو العضل والتحجير على الفتاة، او ان تزوج بمن لا تريد، ثم كيف يكون الحب معيبا ومحرما ومعلم البشرية عليه الصلاة والسلام وضع نفسه شافعا للمحب ولم ينكره على من وقع فيه؟ ففي الصحيح كان مغيث يمضي خلف زوجته بريرة بعد فراقها له، وقد صارت أجنبية عنه، ودموعه تسيل على خديه، فقال عليه الصلاة والسلام: (ياابن عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيا، ثم قال لها لو راجعته، فقالت: أتأمرني؟ فقال: انما انا شافع، قالت: لا حاجة لي فيه) رواه البخاري. صدقا، أليس زواج الفتاة بمن تحب ادعى لعفافها واحصانها من ان تزوج سواه؟! والحالة كهذه ادعى، لماذا نقف صدا منيعا دون زواج المتحابين من أجل مصالح دنيوية لا علاقة لها بالخلق والدين، كما حث عليه المصطفى عليه الصلاة والسلام حين قال: (اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه الا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) آه لو علم الرافضون لزواج المحتاحبين ما يحدث من مآس في الدنيا وما ينتظرهم يوم الحساب نتيجة بقاء الفتاة دون زواج لرفض وليها تزوجيها من الذي اختارته، او نتيجة اجبار الفتاة قسرا على الزواج بمن لا تطيق.

قبل الختام، هؤلاء الذين يرددون "ما عندنا بنات تحب" الحب عيب وشق جيب، "الحب حرام حرام" البنت ما تعرف مصلحتها" ألم يقرؤوا بعد قول معلم البشرية عليه الصلاة والسلام فيعملوا به على الفور؟ عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رجلا قال "يارسول الله في حجري يتيمة قد خطبها رجل موسر ورجل معدم، فنحن نحب الموسر وهي تحب المعدم، فقال صلى الله عليه وسلم: (لم نر للمتحابين غير النكاح) اخرجه ابن ماجه والحاكم.

ختاما، السؤال الجدير بالطرح، السؤال الذي ارجو ان تصدقوني الاجابة عليه: أليس زواج المتحابين قبل الزواج اضمن نجاحا من زواج الذين لا يعرفون بعضهم البعض؟ طالما هو كذلك، لماذا نرفض ونقف في طريق المتحابين فنحطم قلوبهم الحساسة المرهفة التي ضناها الشوق وأتعبها سهر الليل وطول الانتظار؟