لا شيء يحدث إلا بقدر الله، قال تعالى: «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ» (القمر 49)، كل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ، لكن هل من الممكن لنا أن نغير هذا القدر؟.
نعم بالتأكيد.. فقد منحنا الله عز وجل الطريقة والوسيلة لذلك، لكن قد يغفل عنها كثير من الناس للأسف.. فالقدر عند الله لا يتغير ، وبالتأكيد نحن لا نعرف أقدارنا ، لكن الله خلق أسبابًا هي من الأقدار التي تسبب أقدارًا، وخلق أقدارا تأتي بأسباب، وخلق أقدارًا تأتي بلا أسباب.
من ثم فإن الدعاء قدر يسبب قدرًا كأي سبب هو أيضًا قدر يسبب قدرًا، فبعض الأسباب قد تكون مسببة لأقدار بعدها، وبعض الأسباب قد لا تكون مسببة لأقدار بعدها، وبهذا المفهوم فبعض الدعاء يكون سببًا لقدر، وبعض الدعاء لا يكون سبب لقدر.
تغيير القدر
إذن بما لا يدع أي مجال للشك، فإن الدعاء يستطيع تغيير القدر، ولكن التغيير الذي يريده الله عز وجل، فيوفق العبد للدعاء، ثم يغير هو قدره إلى القدر الذي أراده هو أيضًا، فقد روى الترمذي بسند حسن من حديث سلمان الفارسي، قال صلى الله عليه وسلم: «لا يرد القضاءَ إلا الدعاء».
وهنا يرسم لنا النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم علاقة الدعاء بالبلاء فيقول: «وإن البلاء لينزِل فيتلقاه الدعاء، فيعتلجان إلى يوم القيامة»، أي يتصارعان، وقد يفوز الدعاء طالما كان العبد مصرًا عليه، وموقنًا في أن الله قادر على ذلك.
ومن هنا نَفهم حِرص النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم على الدعاء، ابتداءً من استيقاظ المسلم، وانتهاءً بعودته إلى راشه للنوم، وهو في دورة من الدعاء لا تَنتهي، ليَدفع بذلك ما نزَل وينزل من البلاء، وكان يقول عليه الصلاة والسلام: «إنه مَن لم يسأل اللهَ تعالى، يغضب عليه».
اسأل كل شيء
عزيزي المسلم، اسأل الله عز وجل في كل شيء، مهما كان صغيرًا، لكن مع اليقين في استجابة الله عز وجل، مؤكد سيستجيب، وهكذا كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يسألون اللهَ الملح للطعام؛ لأنهم يعلمون أن الدعاء لا يجلب لهم إلا كل خير.
وكان الفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يَستنصر بالدعاء ويقول: «إنما تنصرون من السماء»، وكان يقول: «فإني لا أحمل هم الإجابة، ولكن أحمل هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاءَ فإن الإجابة معه»، فإذا تساءل البعض: كيف يتغير القضاء إذا كان مقدرًا؟.. ولهؤلاء نقول: ألَم يقل ربنا جل في علاه: « يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ » (الرعد: 39).
اقرأ أيضا:
دعاء صلاح الذرية والأبناء