يقولون إن المحبين نيام فإذا تزوجوا استيقظوا.. بمعنى أن الحب يقضي على الزواج..
وهذا قول متشائم.. وغير صحيح.. أو أنه يصف شيئاً غير الحب الحقيقي.. فإن حبا يزول بعد الزواج لم يكن في واقع الأمر حبا في يوم من الأيام.. وإنما هو نزوة أو مجرد شهوة عابرة.. أو وهم من الأوهام..
في كل الأحوال فإن الحب الذي يتبخر بعد الزواج لم يبن على أساس.. ولذلك فإنه ينهد.. فهو يشبه البناء الذي أقيم على غير قواعد.. أو شيِّد على جرفٍ هارٍ لا يحتمل..
@@@
وعن الحب قبل الزواج أو بعده يفضل كثيرون الحب بعد الزواج.. وأفضل شخصياً الحب قبل الزواج.. بشرط أن يكون حبا لا مجرد إعجاب أو وهم من الأوهام..
فإذا لم يكن هناك حب قبل الزواج.. فمن يضمن أن يأتي الحب بعد الزواج؟ ومن يتحمل نتائج تلك المغامرة الخطيرة؟
إن الذين يفضلون الحب بعد الزواج يفترضون أنه - أي الحب - سوف يأتي الزواج، وهو افتراض خطير، لا يصدق في أكثر الحالات..
هذا عن الموضوع بشكل عام..
أما من حيث الحالات الفردية فإن الحب إذا تم بعد الزواج يكون أقوى وأبقى ويكون مبنياً على الحقائق.. أما مجرد الحب قبل الزواج فقد يكون مبنياً على الخيالات وتوهم محاسن في الطرف الآخر لن يجدها الذي تخيلها بعد أن يتزوج..
وهنا تكون صدمة..
وقد يبدو في قولنا تناقض.. فقد فضلنا الحب قبل الزواج على الحب بعده ثم ذكرنا أن الحب بعده يكون أقوى وأبقى، ولا تناقض في هذا، لأن الحب الذي يتم بعد الزواج قد تم قبله في الواقع ولكن الظروف لم تتح له الظهور، فالحب الحقيقي هو الحب، والوهم يظل وهما، ومحظوظ جداً من يجد الحب بعد الزواج مع أنه تزوج بناء على الحظ وحده، ولكننا لا نستطيع أن نبني الآراء على الحظ، فمن ينتظر مائدة الحظ يمت جوعاً..
وبمعنى آخر فإن الذي يتزوج وهو لم يجد الحب فمن يتزوجها مقدماً، يغامر، فقد يجده بعد الزواج أو لا يجده، وعدم وجوده أقرب، والآراء لا تبنى على نتائج المغامرات حين تنتهي سعيدة، والمثل الشعبي يقول: "لا تمدح مخاطراً ولو سلم"..
@@@
ومع هذا فإن هنالك كثيرين يتزوجون عن حب قوي، ومتبادل، ثم يفتر حبهم بعد الزواج بشكل لا يطاق، وقد يموت ذلك الحب وينتهي بالطلاق، أو يستمر الزواج على ألم وشقاء..
والسبب في هذا على ما أعتقد هو السحب من رصيد الحب بدون الإضافة إليه، وأي رصيد يسحب منه بدون أن يضاف إليه.. ينتهي..
إن الاعتقاد بمجرد "العشق" قبل الزواج يعني رصيداً لا نهائياً من البهجة والمتعة والوئام بعد الزواج اعتقاد خاطئ تماماً وخطير، ويدل إما على الأنانية، أو على الجهل، أو على عدم النضوج، وكلها لا تصلح لاحتضان الحب واستمرار الحياة في أوصاله، فضلاً عن نموه وازدهاره..
فإن الحب قبل الزواج يشبه الأمل، وبعد الزواج يشبه العمل، بمعنى أن يعمل الزوجان بتصميم وإرادة على إنجاح ذلك الحب وتغذيته بمختلف المشاعر الجميلة والتصرفات اللائقة به والإضافات التي تعوضه عن خروجه من عالم الأحلام إلى عالم الواقع وكأن تلك الإضافات مظلة تحميه من الشمس والمطر، أما أن يعتمد المحب على أنه "أحب" ويريد أن يجد ثمار هذا الحب في الزواج يانعة دائمة الخضرة، بدون مجهود، وكأن الحب نفسه هو كل المجهود، فهذا وهم.. وأنانية.. وجهل بواقع النفس والحياة والاجتماع البشري..
الحب يشبه الرصيد في البنك: خد منه وأضف إليه واستثمره وثمره واجعله ينمو..
أما الذي يكتفي بالأخذ فقط فإنه سائر في طريق الإفلاس..
والحب يشبه الحديقة اليانعة، وقد صارت هذه الحديقة ملكك، فالذي يكتفي بالتنزه فيها والاستمتاع بها ويريد استمرار هذا الاستمتاع بدون مجهود فإنه جاهل مركب..
ومع بداهة هذا الأمر فإن كثيرين يمارسونه في حياتهم الزوجية، يريدون أن يأخذوا دون أن يعطوا، وبعضهم يبلغ به الحمق أن يعتقد داخلياً أن الأخذ هنا يعني العطاء، قد أعمته أنانيته!
@@@
الحب قبل الزواج شوق وتطلع وحماسة وخيال وعذاب وباقة من هذه المشاعر.. والحب بعد الزواج عمل وعطاء ونية طيبة وبرنامج يومي يفترض أن يتسابق فيه الاثنان لاسعاد بعضهما، فإن من يسابق الآخر لاسعاده كأنما هو في الواقع يسرع إلى إسعاد نفسه..
أما الأنانية فهي عدو الحب رقم واحد.. وعدو الزواج.. وعدو كل علاقة جميلة في هذه الحياة..
@@@
إن الحب الذي يأتي بعد الزواج يجعلنا نتنفس الصعداء وكأنما نجحنا في الامتحان، ولكنه - في الواقع - كان حبا قبل الزواج أيضاً، وكانت المصادفة طيبة والحظ سعيداً ليس أكثر.. ولكن تنفسنا الصعداء سروراً وارتياحاً لا يعني الركون إلى هذه الراحة فحديقة الحب تحتاج إلى رعاية يومية وري وعناية، كما أن ظفرنا بشهادة النجاح لا يعني أننا تخرجنا من مدرسة الحب ولم نعد نحتاج للمذاكرة والمثابرة والجهد.. كلا.. فهذه المدرسة تفتح أبوابها كل يوم.. لا تغلق أبداً.. ولا تزال تحتاج إلى الإرادة والمثابرة والجهد.. وهي تستحق ذلك.. وأكثر..
شهادة النجاح بداية العمل لا نهايته!
@@@
ورود من حديقة الحب
(1)
"ما كنتُ أعرفُ أنني
سأكون كالطفل الحيي
ويخور عزمي لحظة
وأصير أبكم لا أعي
ويخور مني ساعدي
فأكون كالجسم العيي
حتى لقيتك صدفة
هل صدفة أن نلتقي؟!
د. إبراهيم العواجي
(2)
"أي سر فيك إني لست أدري
كل ما فيك من الأسرار يغري
خطر ينساب من مفتر ثغر
فتنة تعصف من لفتة نحر
قدر ينسج من خصلة شعر
زورق يسبح في موجة عطر
في عباب غامض التيار يجري
واصلاً ما بين عينيك وعمري
د. إبراهيم ناجي
(3)
"أنا أنثى فاغتفر للقلب زهوه
كلما دغدغه همك:
في عينيك عمق
أنت حلوه!"
فدوى طوقان
(4)
"يا رب لا تحرمني حبها أبداً
ويرحم الله عبداً قال آمينا..!"
مجنون ليلى
(5)
"أيا من كان لي بصراً وسمعاً
وكيف الصبر عن بصري وسمعي
يقول العاذلون: نأت فدعها
وذلك حين تهيامي وولعي
أأهجرها وأقعد لا أراها
وأقطعها وما همت بقطعي؟
وأقسم لو حلمت بهجر هند
لضاق بهجرها في النوم ذرعي!"
عمر بن أبي ربيعة
(6)
"صافية أراك يا حبيبتي كأنما كبرت
خارج الزمن
وحينما التقينا يا حبيبتي أيقنت أننا
مفترقان
وأنني سوف اظل واقفاً بلا مكان
لو لم يعدني حبك الرقيق للطهارة
فنعرف الحب كغصني شجرة
كنجمتين جارتين
كموجتين توأمين
مثل جناحي نورس رقيق
عندئذ لا نفترق
يضمنا طريق
يضمنا طريق.."
صلاح عبدالصبور
1
هسمة امل
2006-02-27 01:52:00اولا الموضوع جميل جدا.
انا شخصيا اعترف بالحب قبل الزواج ولكن. في مجتمعنا ؟ يكون الحب صعبا.
انا بكلامي هذا لا اوييد العلاقات الغير شرعيه لكن دييننا الحنيف والعادات والتقاليد هي التي تقيدنا ايضا معظم الشباب في مجتمعنا لايفكر ابدا مجرد التفكير بالارتباط بفتاه كانت تحادثه في الهاتف ولو كانت شريفه عفيفه فهذه التي خانت اهلها من اجله ليس من المستبعد ان تخونه من اجل غيره. وهذه حقيقه فعلا.
انا هنا لا أويد المكالمات الهاتفيه وغيره لانها فغلا لاتجدي نفعا ابدا بل تققل من قيمة الفتاة. لكن انا باحثه عن الحب الحقيقي العفيف الذي تكون نهايته هو الزواج. انا اعتقد ان الارتبا ط(الزواج) بشخص لا نملك له مشاعر حب
فإنه لن تتكون بعد ذلك هذه المشاعر.
انا شخصيا اعاني من نفس المشكله فقد احببت شحصاً حب شريف ولم يكن يرعرف احد سوى اختي الكبرى وكانها كانت تحس بأنه حب من طرف واحد الذي حدث فعلا ان كان ينوي الزواج بفتاة اخرى انا كانت الصدمه علي شديده فعلا حاولت تجاوز هذه المرحله والحمد لله تجاوزتها.. بعد ذلك تقدم لي ابن عمي الذي لم اكن املك له سوى مشاعر الاخوه فقط انا رفضت في البدايه لكن مع ظغط اهلي وافقت.
انا الان لي 6 شهور معقود قراني عليه ومع ذلك لم اره او اكلمه ابدا (بحكم العادات والتقاليد)
انا احاول بكل مافي ان احبه ولكنني لهذه اللحظه عاجزه عن فعل اي شي لم يتحرك بداخلي اي شي تجاهه.
اسفه على الاطاله ولمن كانت هذه وجه نظر قد تكون صحيحه اوخاطئه.
2
شيخه
2004-01-17 04:34:00وتتتمردين على حدود اسلاميه قويمه تقوم المشاعر وتهذبها وترسم للانسان حياه صادقه لا يستطيع الكذب الدخول فيها والوهم التافه المسمى (حب)..
نحن نعيش الحب كامسلمين كل يوم وكل دقيقه مع والدينا ومع اخوتنا ومع اصحابنا ومع كل مسلم ومسلمه بدون الصوره المرسومه في الاعلى..
تحددين لي مسار فهمي واستيعابي للموضوع وترين ان قدرتي على استيعاب الفكره غلط؟؟
اذن يا انتي
الا ترين ردك الغريب!! فعلاً شيء مثير لضحك والبكاء في نفس الوقت ..
وجعلتي من رسمه افلاطونيه لعبد الله الجعيثن تسهل حبك الغير حقيقي..
اي حب اذن تتكلمين عنه؟؟؟؟؟؟
الله يعينك على هذا الـ(( حب))
3
اليتيمه
2004-01-16 01:32:00السلام عليكم ورحمة الله
استاذي الفاضل عبدالله الجعيثن
انا احد من يعيش الان لحظات الحب قبل الزواج مع شخص متزوج وعنده اطفال لكنه ليس سعيد مع زوجته وتعلق قلبه بي بعد عمل مشترك بيننا
وانا كذلك لا ارى الدنيا بدونه شيء
والقد تمت الخطبه الان
لكني متردده وخائفه؟؟؟
بسبب وجود انسانه ثانيه في حياته
انا ولله الحمد انسانه عندي من المبادئ والقيم ما يجعلني اترفع عن اشياء كثيره من اجل سعادتي وسعادته
؟؟؟؟؟؟؟
نعم الحب شعور جميل جداً ورائع والحياة بدونه لا شيء واي انسان لم يجرب هذه المشاعر انه والله من المحرومين من اجمل شيء في الدنيا
واعرف الناس كثرين تزوجوا بعد تجربة حب يعشون حياة جميله جداً
( علاقة عفيفه وطاهره بعيده كل البعد عن ما يخلف الشرع من مكالمات او غيرها )
ارجوك استاذ عبدالله ردعلي
وشكراً
اختي شيخه شكلك لم تفهمي او تفرقي بين مشاعر الحب والعب وتلاعب بالمشاعر والوقت
ارجوكي اعيدي قرائت المقال..
4
شيخه
2004-01-13 01:14:00رغم افلاطونية الموضوع ...
نحن نتقيد لن اقول بعدات وتقاليد لاااااا نحن نتقيد في منظومه اخلاقيه رفيعه لا تسمح لنا بالتلاعب في مشاعرنا بهدف قد يحدث وقد لا يحدث؟!
اي بمعنى ان سمحت اي فتاه لاي رجل يفضل الحب قبل الزواج فهي تسمح بالكثير بدون رابط شرعي ..
حتى وان تخيلنا اننا لسنا منساقين ببشكل حيواني لمشاعرنا او حتى لو اعتبرنا ذالك شيء جميل وميسر لامر الزواج (فهو خطير ايضاً)..
مع احترامي لهدف الكاتب ونظرته للحب
لكن هنالك من صغار السن من يقراء موضوعك في بعض الاحيان ؟!؟