لدي زميل عمل ملائكي المظهر، حلو الكلام، يحسبه من لا يعرفه نورًا أنزل على الأرض لينشر السلام وينصر المستضعفين.
ترتسم على وجهه ابتسامة زائفة، يربت على كتفك، ويرفع حاجبيه باهتمام مصطنع، ثم يهتف بصوت مسموع:
“هل تحتاج إلى المساعدة؟ بإمكاني إنهاء هذه المهمة بدلًا منك”
تظن أنه يقدم لك يد العون بإخلاص، لكنك تلمح المدير جالسًا خلفه، وما كانت تلك إلا محاولة للتقليل منك والاستهانة بقدرتك على إتمام مهامك.
تودع قصص الثعلب المكار في طفولتك، فتصطدم بزميل يضاهي الثعلب مكرًا ودهاءً؛ يظهر عكس ما يبطن، ويكيد لك بينما يظنه الآخرون ملاكًا.
إذًا، كيف تتعامل مع زميل العمل الخبيث دون أن يجرك إلى لعبته، فتفقد أعصابك وتقعد ملومًا محسورًا؟
هذا ما نناقشه هنا، فخُذ نفسًا عميقًا ودعنا نفكر معًا.
كيف تتعامل مع زميل العمل الخبيث؟
لا تنفعل
ربما تثير هذه النصيحة حنقك في بادئ الأمر، وقد تسأل نفسك كيف لا أنفعل وهو لا ينفك عن إغضابي؟
ولو كان الأمر بهذه السهولة فلم سأبحث عن “كيف تتعامل مع زميل العمل الخبيث؟”.
في الحقيقة، هذا بالضبط ما يسعى وراءه هذا الزميل؛ أن تستشيط غضبًا، فتخرج الكلمات منك دون ترتيب -على عكس كلماته الأنيقة- فتبدو أمام المحيطين الطرف الانفعالي الذي يعض اليد التي مدت إليه.
عوضًا عن ذلك، افعل ما يلي:
- أخبر نفسك أن الأمر ليس شخصيًا، وأن هذا المسكين يتصرف على هذا النحو لحاجة أو نقص في نفسه.
- ادفع عن نفسك الشعور بأنك في موقع تهديد تضطر فيه للدفاع عن نفسك.
- أبعد عن عقلك الإحساس بالغضب أو الخوف، ثم بادله الابتسامة، واشكره برفق على اهتمامه بمساعدتك.
ليس ذلك ضعفًا؛ فالضعف -يا صديقي- أن ينجح خصمك في جرك لنزاعات لا طائل منها، تخسر فيها أكثر مما تكسب. لذا، أوقفه عند حده بلباقتك.
كوِّن فكرة صحيحة عن نفسك
يعتمد نجاح الخطوة السابقة كذلك على مدى فهمك لنفسك وإمكانياتك، وطبيعة مشاعرك وانفعالاتك.
- ثق بنفسك: فالثقة بالنفس يا صديقي تمنحك ثباتًا أفضل أمام تلك المواقف؛ إذ تثق أن قدرك لا يهتز بسهولة أمام كلماته وحيله الخبيثة.
- راقب ردود أفعالك: قيم المواقف التي أثارت غضبك من حين لآخر، فربما لم يكن الأمر متعمدًا من البداية، ولعلك أسأت الفهم.
إن فهمك لطبيعة انفعالاتك يُمكِّنك من التفرقة بين المواقف التي تبالغ فيها بردة فعلك، والمواقف الحقيقية التي تستدعي إيقاف زميلك عند حده.
انتبه للغة جسدك
تنعكس لغة الجسد الواثقة إيجابيًا على انفعالاتك ونبرة صوتك، لذا فإنها تجيب عن سؤالك “كيف تتعامل مع زميل العمل الخبيث؟”.
قد يحاول زميلك استفزازك بتلميحاته المستترة وراء كلماته المعسولة، كي يثبت لنفسه والآخرين أفضلية ما.
لا تعبس، وحافظ على تعبيرات وجهك قدر الإمكان، وتجنب لغة الجسد التي قد تظهرك غاضبًا، أو خائفًا.
فعلى سبيل المثال:
- لا تعقد ذراعيك غضبًا، بل أمسك قلمًا أو كتابًا لتبقي ذراعك مفرودة.
- لا تحنِ كتفيك ولا تنكمش خوفًا، اعتدل في جلستك، وأرخِ كتفيك وأبقِ ظهرك مفرودًا؛ كي تبدو أكثر ثقة بينما تتحدث.
- تجنب بعض الحركات القلقة كأن تهز ساقك. إذا وجدت صعوبة في الأمر أخفِ ساقيك وراء مكتب ما.
- انتبه لنظرات عينيك؛ فهي تخبر الكثير عما يجول في رأسك من أفكار.
ابحث عن سبب تصرفاته
إن سألتني “كيف تتعامل مع زميل العمل الخبيث”، أفكر عادة في الأسباب التي دفعت ذلك الزميل للتصرف على هذا النحو.
أهِي الغيرة؟ هل يشعر بأنك تهديد لتألقه؟ هل يسعى وراء منصب ما ولكنك تقف عقبة في طريقه؟ هل تعامله بشكل يقلل منه دون أن تدري؟
في بعض الأحيان، لا يكون سبب تصرفاته سوء طبعه فقط، وإنما خوفه من شيء ما؛ كأن تسحب منه الأضواء فيبدو أقل شأنًا منك مثلًا.
إن بحثك عن الأسباب قد يقودك لمعرفة الطريقة المُثلى لحل تلك المشكلة، فإن اشتكى من سوء معاملتك مثلًا، قدر الموقف، وتحدث معه إذا كان ذلك ممكنًا.
خاطبه مباشرة
تعد تلك واحدة من أهم الخطوات؛ ففي حين يمكنك تجاهل العديد من المواقف المزعجة التي لا تشكل تهديدًا مباشرًا، إلا أن هناك مواقف لابد من وقفة عندها ليرتدع.
إذا تعمد الاعتراض على أفكارك باستمرار خلال اجتماع مهم، اسأله مباشرة -دون أن تفارق الابتسامة وجهك- إذا كانت أفكارك بالتحديد غير مناسبة في رأيه، فقد لاحظت الأمر وتراه غريبًا قليلًا.
يعتمد نجاح تلك الطريقة على هدوء أعصابك وحسن عرضك لأفكارك:
- ادرس أفكارك جيدًا قبل عرضها في اجتماع مهم، لتكون ردودك حاضرة إذا حاول إحراجك.
- استخدم أسلوبًا مازحًا خفيفًا، أو حازمًا رسميًا، تبعًا للموقف وطبيعة شخصيتك.
- تجنب الأسلوب الدفاعي، فإن لم تستطع فيفضل أن تنتظر حتى تهدأ ثم تحدث معه على انفراد، إذا كنت تظن أن الكلام معه قد يجدي نفعًا.
استشر أهل الثقة
احرص على أن تشارك أفكارك مع صديق تثق به أو فرد من عائلتك؛ إذ يساعدك ذلك على ترتيب أفكارك، والتحكم في انفعالاتك، وتقييم المواقف من منظور مختلف.
ويعلمك كذلك كيف تتعامل مع زميل العمل الخبيث، من واقع خبراتهم.
ويمكنك أيضًا اللجوء لمديرك، أو زملائك الأقدم منك، إذا رأيت فيهم من الفطنة والحكمة ما يمكنهم من فهم تلميحاته، وتصرفاته الخبيثة.
كوِّن قاعدة جماهيرية
يلعب خصمك على سحر شخصيته الاجتماعية، فلا عجب إن وجدت زملاءك يهللون له ويحتفون به.
فإن كنت غريبًا وحيدًا، تدخل المكتب عابسًا، فمن المتوقع أن يصدق الآخرون قصصه عنك، لذا:
- احرص على أن تحكي قصتك بنفسك: ابتسم لزملائك، ولا تنسَ إلقاء التحية عليهم، ومساعدتهم متى استطعت.
- كن عطوفًا وخدومًا، لا تفتعل المشاكل، ولا تنجرف مع القيل والقال وجلسات النميمة، وحافظ على الصورة التي تود أن يتذكرك بها من حولك.
كيف تتعامل مع زميل العمل المنافق؟
لا يختلف هذا السؤال كثيرًا عن سابقه “كيف تتعامل مع زميل العمل الخبيث”، إلا أن المنافق لا يتعمد إحراجك على الملأ، وإنما يوافقك الرأي إن كنت حاضرًا، ويغير كلامه إن رحلت. وكلاهما يكذب لينال ما يريد.
- لا تنصت لكلامه، ولا تهتم بقصصه وقناعاته الزائفة.
- حدثه على انفراد، قد لا يتغير سلوكه، ولكنه سيصبح أكثر حرصًا حينما يتعامل معك.
التعامل مع زملاء العمل الحاقدين
إن الحقد، يا صديقي العزيز، جمرة خبيثة تلهب قلب صاحبها، وأولى بك أن تشفق على الحاقد من شر نفسه وأن تدعو لقلبه المعذب بالرحمة.
- ابتسم في وجهه، وتفهم غضبه لعدم حصوله على ترقية مثلًا.
- لا تتفاخر بما تملك، ولا يكن هدفك التقليل ممن حولك.
أما إذا استمرت مضايقات زملاء العمل في الضغط على أعصابك، رغم محاولاتك العديدة لإصلاح الموقف، فربما قد حان الوقت لترك العمل.
لعلك، يا صديقي العزيز، صرت تعرف الآن كيف تتعامل مع زميل العمل الخبيث.
قد يتطلب الأمر بعض الوقت حتى تصل للطريقة التي تناسب شخصيتك وطبيعة عملك، ولكن كن متأكدًا أن إخلاصك في العمل وحسن خلقك كافيين لصد محاولات زميلك البائسة. فلا تقلق!
مقال ممتاز
رد
افادكم الله
رد
شكرا جزيلا نصائح قيمة جداا و ساقول بتطبيقها لاني اعاني من نفس المشكلة .تعمل معي سيدة خبيتة في وجه ملائكي
رد