استشارات اجتماعية

لا أحب خطيبي فهل أفسخ الخطوبة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعتذر عن طول رسالتي.

أنا فتاة متدينة ولله الحمد، والموضوع الذي أنا فيه صار بالنسبة لي هما عظيماً، وأعرف أنه يجب علي أن أصبر وأرضى بحكم الله، ولكني لم أستطع، وقصتي كالتالي:

قبل (3 أشهر) تقدم لي شاب متدين من عائلة متوسطة مادياً، يعمل في السعودية، وأنا من الأردن، في البداية رفضته لأني لم أرتح كثيراً، ثم رجع وقالوا: إنهم سوف يرجعون إلى الأردن، ويستقرون، ويشتغل في الأردن، ورفضته، ولكنهم رجعوا وحاولوا، وأنا أرفض مع أني استخرت كثيراً، لكن لم أهتد لشيء، والمشكلة أني تقدم لي قبله أكثر من (20 شاباً)، وأرفض دائماً، وفي الأغلب لنفس السبب: أني لا أرتاح.

وقرر الأهل أني يجب أن أفكر جيداً من باب أني تأخرت في الزواج، وبضغوط من الأهل ومن الشاب وأهله الذين بقوا يترددون في الطلب حتى وافقت، ولا أعلم كيف وافقت وخطبت له! والمشكلة أني إلى الآن لم أرتح له! هو شاب متدين ودارس شريعة، وأنا كذلك، وأنا من عائلة ميسورة، ولله الحمد، ولأني لا أعلم السبب، أحياناً ألوم نفسي، فأنا لا أتخيل نفسي زوجة له، وأتمنى أن أموت، وأستغفر الله، وأحياناً أقول قد يكون عقابا أو ابتلاء من الله لي ويجب أن أصبر، ((وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ))[البقرة:216].

والمشكلة أني إلى الآن لا أعرف كيف أتصرف، هل أفسخ؟ فأنا أخاف أن يعاقبني ربي؛ لأنه (من جاءكم ترضون خلقه ودينه فزوجوه)! هل أنا مادية أم أخاف الزواج، أم أني لا أحب خطيبي ولم أرتح له، مع أنه حسن التعامل معي، ويحبني؟ وأنا لا أريد أن أفسخ خوفاً على مشاعره فقط، وأخاف لو تزوجته ألا أحبه ولا أقوم بالواجبات، ولا أرضي رب العالمين؛ لأني حالياً لا أستطيع أن أبادله المشاعر، لساني لا يستطيع، وإذا أردت أن أتعود فكرة زواجي منه لا أستطع أن أتخيله هو، وأنا متعبة وأدعو الله دائماً أن يحدث أمراً من عنده وينتهي هذا الأمر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنك قد ذكرت في سؤالك أنه قد تقدم لك الكثير من الخطاب، وأنك قد رفضتهم، وأن السبب في هذا الرفض هو عدم الارتياح لهم، حتى يسّر الله جل وعلا أمر هذه الخطوبة من هذا الشاب الذي وصفته بأنه متدين ومن عائلة متوسطة، والسؤال هنا: إلى متى هذه الحيرة؟! وإلى متى هذا التردد؟! إذن، فلابد من أن تنتبهي.

فتذكري أنك في الرابعة والعشرين من العمر، وبعد سنتين ستصبحين إلى الثلاثين أقرب، فالعمر يمضي ولا يتوقف، وأيضاً فإن الفرص المناسبة والزواج الكريم قد لا تتوفر في كل حين، فلابد إذن من الحزم مع النفس، وأن يكون قرار الموافقة على أي خاطب قراراً مدروساً وواعياً، وليس مجرد قرار يُتخذ لأجل ضغوط معينة.

والذي نشير به عليك في هذا الوقت هو الآتي:

أولاً: أن لا تتعجلي برفض هذا الشاب وإلغاء الخطبة التي قد تمت بينكم.

ثانياً: أن تجعلي الشروط التي تبنين عليها الموافقة من عدمها هي هذه الثلاثة:

أن يكون الزوج صاحب دين.

وأن يكون صاحب خلق.

وأن يناسبك من حيث العموم، ومعنى هذا الشرط الأخير أن يكون الزوج مقبولاً لك من حيث الشكل، والمستوى المتوسط من المال، والوضع الاجتماعي.

ثالثاً: عدم المبالغة في الخوف من الزواج، والخوف من المستقبل معه، ولا ريب أن الزواج أمرٌ عظيم قدره، وعظيم خطره، غير أن المبالغة في الخطر منه قد تكون هي السبب في كثرة هذا القلق وكثرة هذا الاضطراب.

والصواب من ذلك أن يُعطى الخاطب حقه من النظر والتأمل والاستشارة، ثم بعد التمهل والتعقل يُقرر القرار بالموافقة أو عدمها، فتأملي هذا الكلام.

رابعاً: عليك بالدعاء، وكثرة الإلحاح على الله أن يشرح صدرك لما هو خير لك في الدنيا والآخرة، ثم بعد ذلك تعيدين صلاة الاستخارة، فلعل الله أن يشرح صدرك ويوضح لك الطريق.

وأخيراً، فإن الظاهر من حال هذا الشاب المتقدم، أنه مناسب على وجه العموم، فننصحك أن تحاولي التمهل الشديد قبل أن تقرري القرار بالنسبة له.

وأما عدم تصورك بأن تكوني زوجة له، فليس هذا بعذر مقبول للرفض، فإنك فتاة بكر لم تتزوجي بعد، وقد تصعب عليك فكرة أن فلاناً سيكون زوجاً لي يضمني وإياه في بيت واحد، وقد تصيبك الوحشة من ذلك فانتبهي، وكذلك القول الذي ذكرته من أنك لا تشعرين بالميل والحب له، فهذا أيضاً يحتاج إلى وقفة وتأمل؛ لأن الإنسان إنما يحب إذا خولط وتم القرب منه، وأما قبل ذلك فإنما هو كغيره من الناس لا يحب ولا يبغض، ومما نؤكد عليك به أن لا تبادري إلى سرعة إقامة عقد الزواج، بل تمهلي شيئاً ما؛ لكي يتضح لك أمر هذا الخاطب أكثر مما مضى، ولا بأس بتكرار الاستخارة، وعليك بالإكثار من هذا الدعاء: (اللهم اهدني وسددني، اللهم إني أسألك الهدى والسداد) وهو دعاء ثابتٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وبالله التوفيق.

Related Posts

1 of 39