فتيات في حيرة بين ترك العمل أو الزواج

تقع الفتاة أحيانا بين الاختيار بين العمل او الزواج - (أرشيفية)
تقع الفتاة أحيانا بين الاختيار بين العمل او الزواج - (أرشيفية)

تغريد السعايدة

عمان- رغم إقبال بعض الشباب على الزواج من فتاة موظفة، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة ورغبة في تحمل الشريكين مسؤوليات وأعباء الحياة، إلا أن ما حدث مع العشرينية أمل، كان العكس تماماً، إذ اشترط أحد المتقدمين لخطبتها أن تترك العمل. اضافة اعلان
تقول أمل “اشترط علي الشاب المتقدم للزواج مني أن أترك العمل كشرط لإتمام الارتباط”، متابعة “غير أنني رفضت العرض وتمسكت بالعمل كوني ناجحة فيه وهو بدوره رفض الارتباط مني”.
يشترط بعض الشباب على الفتيات عندما يتقدمون لخطبتهن ترك العمل كشرط لإكمال الزواج ما يصيب بعض الفتيات بالإحباط، وهو ما مرت به سناء (31 عاماً) التي مرت بهذه التجربة غير مرة، متسائلة بأسى “لماذا يتكرر هذا الأمر معي؟”.
تقول سناء “أعمل في مكان مختلط، وكوني من عائلة ملتزمة فغالبية من يتقدمون لي يشترطون أن أترك العمل كونه مختلطا، رغم أنه في النهاية عمل وفي مكان محترم”، متابعة  “أرفض ترك العمل كوني أحبه، ووضعي جيد فيه وأجد نفسي به وبالتالي يذهب عرض الزواج أدراج الرياح”.
خبيرة العلاقات الزوجية الدكتورة نجوى عارف ترى أن التوعية الحقيقية في هذا الجانب “يجب ان توجه للشباب أكثر من الفتيات”، فمن يلوم الفتاة لرفضها الزواج في سبيل المحافظة على عملها “يزيد عليها العبء المجتمعي، كون المجتمع يتهمها أحياناً بالاستغناء عن فرصة الزواج مقابل العمل، وهذه نظرة خاطئة جداً”.
وتبين عارف أن الشاب المقبل على الزواج لديه العديد من الفرص لاختيار زوجة تناسب نظرته للحياة الأسرية، سواء أراد فتاة عاملة أو غير ذلك، إلا أن هناك قاعدة يجب أن تكون سائدة في المجتمع وهي أن الفتاة يجب عليها أن تقرر ذلك بنفسها، دون إملاء القرارات المصيرية عليها.
تجربة عايشتها الشابة لينا محمود بعد أن تقدم لخطبتها أحد اقربائها وهو شخص “غني ومستواه المادي مناسب”، وفق قولها لذلك طلب منها ترك العمل بحجة أنه قادر على أن يوفر لها كل ما تحتاجه، دون حاجتها للعمل.
إلا ان لينا رفضت ذلك، وقالت إن العمل بالنسبة لها ليس بالضرورة أن يكون لسبب مادي فقط، وإن “كل فتاة تحب أن ترى نفسها قادرة على أن تعيل نفسها ومستقلة، حتى وإن كانت في بيت أهلها أو متزوجة”.
وتتابع “ظروف الحياة متغيرة ولا يؤمن جانبها والعمل كما التعليم حق للفتاة وسلاح لها لمواجهة الظروف الصعبة التي قد تعترضها”.
وفي هذا السياق يبين اختصاصي علم الاجتماع الدكتور سري ناصر أن أي تغيير يحدث في المجتمع مرتبط بالتغير النمطي للأفراد، واساس تلك المتغيرات يكمن في الأسرة، لذلك فإن أي توجه للأسرة ومعتقداتها ينعكس على الأبناء في حياتهم الاجتماعية والشخصية، وزواجهم فيما بعد، سواء أكان للشاب أم الفتاة.
ويبين ناصر أن تلك المتغيرات أصبحت تعتمد في إحداث تغيير على التجربة الشخصية للفرد، وبما يتناسب مع الحرية الشخصية التي يحددها هو لنفسه، لذلك، يعتبر عمل المرأة في مجالات متعددة “من حريتها الشخصية، ويجعلها قادرة على أن تكون مبدعة في عملها وقادرة على إثبات نفسها”، متابعا “أي محاولة لجعلها خارج إطار العمل قد تجعل منها شخصا محبطا وخارجا عن سرب المجتمع المتطور والمنفتح بكافة أشكاله”.
ورغم وجود من يشترطون على الفتاة ترك العمل عند الارتباط، يدافع شباب عن أنفسهم، حيث يفضلون الارتباط بفتاة عاملة بحسب الثلاثيني أمجد خليل.
ويقول خليل إنه شخصياً يُفضل الفتاة الموظفة، “كون الحياة الزوجية تتطلب الكثير من المستلزمات، ولا يمكن أن تستمر الحياة المادية للاسرة دون تكاتف الزوجين، وخاصة لدى فئة كبيرة من ابناء المجتمع الذين يعانون ظروفاً اقتصادية “صعبة”.
إلا أن خليل يتحدث عن أحد اقاربه الذي يعيش في مستوى مادي “متواضع”، إلا أنه رفض أن يرتبط بفتاة عاملة في أي مكان، بحجة أن خروج المرأة المتكرر من البيت “يجعلها تبتعد عن الحياة الأسرية، وتكون لها ارتباطات كثيرة مع زميلات العمل، ما يجعلها تقصر في واجباتها الزوجية والأسرية”.
وتؤكد عارف أن على الشاب الذي يطلب من الفتاة التي يريد الزواج منها أن تترك العمل، أن يفكر ملياً، فعمل المرأة “له إيجابيات عديدة سواء من الناحية المادية، أو الاجتماعية، فالزوجة يصبح لديها جانب معرفي وثقافي مختلف عن المرأة التي تلازم البيت”.
وتردف عارف قائلة إن إقصاء الفتاة عن دورها في الحياة، وخاصة إذا كانت فخورة أو سعيدة بعملها، يجعلها تشعر “بالنقص فيما بعد، لذلك، من الأفضل منحها فرصة للعمل ومن ثم جعلها هي تقرر بعد الزواج وزيادة المسؤوليات عليها، فيما إذا كانت ترغب بالبقاء في العمل أو لا، أو تنسيق وقتها ما بين العمل والمنزل”.
وتؤكد عارف أن الأصل في المشكلة يعود إلى “تفكير الشباب وتنشئتهم المجتمعية”، لذلك لا بد من توعية الشاب في هذا الموضوع أكثر مما هي الفتاة، لأن الفتاة يقع على عاتقها عبء التصدي للمجتمع وكلام الناس في حال رفضت الزواج وبقيت في عملها، أو تنازلت عن عملها واضطرتها ظروف الحياة للعمل مره أخرى دون وجود فرصة.
ويؤكد ناصر أن هناك الكثير من الفتيات اللواتي يتعلقن بعملهن بشكل كبير، ومنهن من تبتعد عن الزواج كلياً أو تؤجل الزواج لفترة معينة، حتى تتمكن من إثبات نفسها واعتمادها على نفسها كذلك، وكأنها غير مهتمة لفكرة الزواج والارتباط الذي قد يعيق عملها.