حكم صبغ الشعر

صورة مقال حكم صبغ الشعر

حكم صبغ الشعر

أجاز العلماء صبغ الشَّعر؛ لأنَّ الأصل في الأُمور الإباحة ما لم يرد نهيٌ عن ذلك، وهذا الجواز تحكمه شروط كأن لا تكون المادَّة المستعملة تمنع وصول الماء إلى الشَّعر، وأن لا تكون الصبغة باللون الأسود؛ لورود النهي عن ذلك،[١][٢] وهناك العديد من الأحاديث النّبويَّة التي تدلُّ على جواز صبغ الشّعر منها ما يأتي:[١]

  • قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى لا يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ)،[٣] حيث إنَّ هذا الحديث لا يدلُّ على جواز الصَّبغ فحسب بل على استحبابه أيضاً.
  • ما ثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (قَدِمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وليسَ في أصْحابِهِ أشْمَطُ غيرَ أبِي بَكْرٍ، فَغَلَفَها بالحِنَّاءِ، والكَتَمِ).[٤]
  • ما ثبت عن عثمان بن عبد الله بن موهب -رضي الله عنه- قال: (دَخَلْتُ علَى أُمِّ سَلَمَةَ، فأخْرَجَتْ إلَيْنا شَعَرًا مِن شَعَرِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَخْضُوبًا).[٥]
  • ما ثبت عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: (أمَّا تَصفيري لحيَتي فإنِّي رأيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يصفِّرُ لحيتَهُ).[٦]


وتجدر الإشارة إلى توضيح عدّة أمور كما يأتي:

  • أوَّلها: يجوز صبغ الشَّعر على أن لا يكون ذلك سبباً في التَّدليس على الخُطَّاب وغشّهم وخداعهم بتزييف لون الشَّعر الحقيقي.[٧]
  • ثانيها: يجوز صبغ الشَّعر بحمرةٍ، أو صفرةٍ، أو كدرةٍ؛ وهو لون يكون بين السواد والحمرة أو بين السَّواد والصُّفرة، لكن لا يجوز صبغ الشَّعر باللون الأسود كما ذكر سابقاً لورود النهيِّ والوعيد فيه في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلَّم-: (كونُ قومٌ يخضِبونَ في آخرِ الزَّمانِ بالسَّوادِ كحواصلِ الحمامِ لا يَريحونَ رائحةَ الجنَّةِ).[٨][٩] وقال بعض العلماء إذا كان ذلك بغية التَّجمُّل للزَّوج فعندها يجوز لها.[١٠][١١]
  • ثالثها: يجوز صبغ الشَّعر في حال كانت المادة المستعملة في ذلك تُغيِّر من لونه فقط دون أن تَحول من وصول الماء إليه.[١٢]
  • رابعها: يجوز صبغ الحواجب كما الشَّعر، أمَّا تشقيرها بحيث تُصبَغ بنفس لون البشرة وبكيفية تُضاهي النَّمص بطريقةٍ ترسم الحواجب وتحدِّدها وترقِّقها فالأولى للمرأة ترك ذلك؛ لأنَّه قد يجعل مَن ينظر إليها يظنُّ أنَّها نامصة لحواجبها.[٢]


حكم صبغ الشعر بالسّواد

اتَّفق العلماء على حكم صبغ الشَّعر باللَّون الأسود في حالتين فقط، نوردهما فيما يأتي:

  • الحالة الأُولى: استحباب صبغ الشَّعر باللَّون الأسود للمجاهد في سبيل الله -تعالى-؛ لأنَّه يعطيه هيئة الشَّباب والقوَّة،[١٣][١٤] فيكون ذلك سبباً في إرهاب العدوِّ وتخويفه،[١٥] كما ويُعدُّ ذلك لوناً من ألوان الخديعة في الحرب التي أجازها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بقوله: (الحَرْبُ خَدْعَةٌ).[١٦][١٣]
  • الحالة الثَّانية: تحريم صبغ الشَّعر باللّون الأسود سواءً كان ذلك للرَّجل أو المرأة؛ إذا كان ذلك بغية التَّدليس والتَّغرير والتَّلبيس من أجل الزَّواج، وقد دلَّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ومَن غَشَّنا فليسَ مِنَّا).[١٧][١٣][١١]


وقد تعدَّدت آراء العلماء في حكم صبغ الشَّعر باللَّون الأسون لغير ما ذُكر آنفا، ونورد ذلك فيما يأتي:[١٨]

  • قول الجمهور: قالوا بجواز صبغ الشَّعر باللّون الأسود مع الكراهة مستدلِّين على ذلك بأمرين:
    • أوَّلهما: أنَّ لفظ (غَيِّرُوا) الوارد في قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (غَيِّرُوا هذا بشيءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ)،[١٩] فِعل أمر يدلُّ على الوجوب، إلَّا أنَّه لم يقل أحدٌ من العلماء بوجوب تغيير الشَّيب بل كان محلَّ خلافهم في الأفضليَّة بين تغييره أو عدمه، لذا فإنَّ ذلك يعدُّ صارفاً للنهيِّ الذي قال به رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ) من التَّحريم إلى الكراهة.
    • ثانيهما: فعل بعض الصَّحابة -رضوان الله عليهم- وبعض التَّابعين ومن بعدهم بصبغ شعرهم باللّون الأسود، فمن الصَّحابة الحسن والحسين، وعثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاص، وعقبة بن عامر، ومن التابعين أبي سلمة بن عبد الرحمن، والزهري، ونافع بن جبير، والشعبي، والقاسم بن سلّام، وعلي بن عبد الله بن عباس، وعمرو بن عثمان -رضوان الله عليهم جميعاً-.[١٨][٢٠]
  • قول الشَّافعيَّة: قالوا بتحريم صبغ الشَّعر باللّون الأسود، وقد استدلوا على ذلك بعدَّة أُمور:[٢١]
    • قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يَكونُ قومٌ يخضِبونَ في آخرِ الزَّمانِ بالسَّوادِ كحواصلِ الحمامِ لا يريحونَ رائحةَ الجنَّةِ).[٢٢]
    • ما ثبت عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: (أُتِيَ بأَبِي قُحَافَةَ يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: غَيِّرُوا هذا بشيءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ).[١٩]


حكم صبغ الشَّيب

تعدَّدت آراء العلماء كذلك في حكم صبغ الشَّيب بغير اللَّون الأسود كما يأتي:

  • قول الجمهور: قالوا باستحباب صبغ الشَّيب بغير اللون الأسود كالصُفرة أو الحُمرة،[٢٣][٢٤] لا سيما للمرأة المتزوِّجة؛ لأنَّ ذلك يعدُّ من ألوان الزِّينة والتَّجمُّل للزَّوج، كما يُستحبُّ لها خضب كفَّيها وقدميها -أي تلوينهم بالحِنَّاء-.[٢٥]
  • المالكيَّة: قالوا بإباحة صبغ الشَّيب بغير اللَّون الأسود.[٢٣]


المراجع

  1. ^ أ ب ناصح أمين، الجالب للسواد في حكم الخضاب بالسواد دراسة فقهية مقارنة، صفحة 74-75. بتصرّف.
  2. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، مقالات موقع الدرر السنية، صفحة 330، جزء 3. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3462، صحيح.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3919، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عثمان بن عبد الله بن موهب، الصفحة أو الرقم: 5897، صحيح.
  6. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عبيد بن جريج، الصفحة أو الرقم: 2938، صحيح.
  7. مصطفى العدوي، سلسلة التفسير، صفحة 12، جزء 42. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 4212، صحيح.
  9. عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود، صفحة 7، جزء 255. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، السعودية: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، صفحة 82، جزء 74. بتصرّف.
  11. ^ أ ب محمد التويجري (1430هـ - 2009م)، موسوعة الفقه الاسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 90، جزء 4. بتصرّف.
  12. عبد المحسن العباد، شرح الأربعين النووية، صفحة 53، جزء 28. بتصرّف.
  13. ^ أ ب ت ناصح أمين، الجالب للسواد في حكم الخضاب بالسواد دراسة فقهية مقارنة، صفحة 76-77. بتصرّف.
  14. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 280، جزء 2.
  15. محمد الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 21، جزء 255. بتصرّف.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 3030، صحيح.
  17. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 101، صحيح.
  18. ^ أ ب ناصح أمين، الجالب للسواد في حكم الخضاب بالسواد دراسة فقهية مقارنة، صفحة 83-84. بتصرّف.
  19. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2102، صحيح.
  20. حمزة قاسم (1410هـ - 1990م)، منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري، دمشق: مكتبة دار البيان، صفحة 215، جزء 4. بتصرّف.
  21. ناصح أمين، الجالب للسواد في حكم الخضاب بالسواد دراسة فقهية مقارنة، صفحة 77-78. بتصرّف.
  22. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 4212، صحيح.
  23. ^ أ ب ديبان الديبان (1426هـ - 2005م)، موسوعة أحكام الطهارة (الطبعة الثانية)، الرياض: مكتبة الرشد، صفحة 399، جزء 3. بتصرّف.
  24. عبد الله الروقي، لب اللباب «مختصر شرح فصول الآداب»، الرياض: جامع ابن القيم، صفحة 59. بتصرّف.
  25. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 281، جزء 2. بتصرّف.
للأعلى للأسفل