لماذا لا يعترف بعض الناس بخطئهم؟

الاستعلاء لا يدل على القوة

“لسنا بحاجة إلى شراء الحليب، يوجد ما يكفي للفطور”
“يوجد وقت كافٍ للوصول للمطار قبل موعد إقلاع الطائرة، لا تستعجلني”
“أعلم أن السماء كانت مظلمة وممطرة، لكني متأكد أنه الرجل الذي اقتحم المنزل المقابل”

جميعنا نخطئ، ونكرر الخطأ! بعض أخطائنا صغيرة مثل قولنا: “فلسنا بحاجة للذهاب إلى المتجر”، وبعضها أكبر، مثل: “نحن بحاجة إلى الوصول إلى الطائرة في موعدها”، وبعض الأخطاء كارثية كقولنا: “السماء كانت ممطرة، لكننا رأينا الرجل يقتحم المنزل في الظلام!”

لا أحد يستمتع بفكرة أنه على خطأ، فالخطأ تجربة شعورية مؤلمة للجميع، والسؤال هنا هو كيف نتصرف إزاء خطأنا؟ عندما لم نجد حليب كافٍ في الصباح للقهوة، أو عندما لم نصل للطائرة بسبب ازدحام السير، أو حين اكتشفنا أن الرجل الذي أمضى خمس سنوات في السجن بناءً على شهادتنا في الحقيقة لم يسطُ على المنزل!

“يا إلهى، أنت محق، كان علينا إحضار الحليب!”

هكذا سيتصرف بعضنا، يبدر من بعضنا شيءٌ من اللطف ويعترف بخطئه، لكن بطريقة غير مُشبعة للطرف الآخر!

“كنا سنصل للطائرة في الموعد، لولا ازدحام حركة السير غير العادية، لكن لا بأس، سنلحق بها المرة القادمة”.
“هذا سخيف! تم إخلاء سبيله بناءً على الحمض النووي و اعتراف شخص آخر، هو من فعلها، لقد رأيته”.

إعلان

والبعض يرفض الاعتراف بخطئه حتى أمام الأدلة القاطعة!

من المألوف استخدام الأعذار في المثالين الأول والثاني، حيث نقبل مسؤولية أفعالنا كليًا، أو جزئيًا، لكننا لا نجادل الحقائق الواقعة أمامنا، لم ندَّعِ وجود حليب كافٍ حين لم نجده، أو حين لم نصل للطائرة.

لكن ماذا عندما يقوم الشخص بتجاهل الوقائع والأدلة ولا يعترف بخطئه؟ لماذا لا يعترف بخطئه رغم وضوحه؟ لماذا يتكرر؟ لماذا لا يعترف أبدًا بخطئه؟

تكمن الإجابة في الأنا Ego وتقديرهم لذواتهم، فتقدير الذات عند البعض هشٌ مثل بنائهم النفسي، لذلك يشعرهم الاعتراف بالخطأ بالتهديد المباشر الذي لا يمكن التسامح معه، وسيصبح بذلك تقبل خطأهم والاعتراف به مدمر نفسيًا لهم فتتصدى ميكانزمات الدفاع له، ويشوه العقل إدراكه للواقع فيصبح أقل تهديدًا له، فتغير ميكانزمات الدفاع الحقائق الواقعة حولهم، ليصبحوا غير مخطئين وتُحمى ذواتهم الهشة.

لذلك يبررون لأنفسهم بعبارات مثل: “لقد تحققت في الصباح من وجود بعض الحليب، لا بد أن أحدهم شربه كله”، لكن حين يكون من الواضح عدم وجود أحد في المنزل صباحًا بعد مغادرة الجميع، يكرر “لابد أن أحدهم شربه، لقد تحققت ووجدت بعض الحليب”، كما لو أن شبحًا اقتحم المنزل، شرب الحليب، وغادر دون أدنى أثر.

في الأمثلة الأخرى، سيؤكدون على أن تعرفهم الخاطئ على السارق كان صحيحًا رغم دليل الحمض النووي واعتراف شخص آخر، في حال مواجهتهم بخطئهم سيستمر الإصرار ومهاجمة أي شخص يجادل، أو يذم في مصدر المعلومة الأخرى.

“تخطئ هذه المعامل كل الوقت، بالإضافة إلى أنك لا يمكنك تصديق اعتراف مجرم آخر، لماذا تقف دائمًا في صفهم؟”

إن الأشخاص الذين يُظهرون هذا التصرف دومًا بحكم طبيعتهم هم “ضعفاء نفسيًا”، لكن يصعب على الناس تقبل هذا التقييم، لأنه في نظر العالم يبدو هذا الشخص واثقًا ومتشبثًا برأيه لا يتراجع عنه، وهو ما نربطه دومًا بالقوة، لكن الاستعلاء النفسي ليس من علامات القوة، بل دليل ضعف، هؤلاء الأشخاص لم يختاروا الثبات على أقوالهم، بل مجبرون عليها لحماية أنفسهم الضعيفة، الاعتراف بالخطأ موجِع وغير سار، يحتاج لقوة عاطفية وشجاعة للتعامل مع الواقع والاعتراف بالخطأ، معظمنا يستاء حين يعترف بالخطأ، لكننا نتخطاه.

حين يصبح من عادة الشخص عدم الاعتراف بخطئه وعدم قبول فكرة الخطأ نفسه يكون بسبب ذاته الهشة وعدم قدرته على تخطي استيائه بسبب خطئه، فيحتاج إلى تخطي الواقع وتحدي الوقائع الواضحة للدفاع عن نفسه.

كيف نتعامل مع هذا الشخص؟ حسنًا، هذا يرجع إلينا، الخطأ الوحيد الذي يجب تفاديه هو اعتبار رفضهم المستمر لاعترافهم بخطئهم على أنه علامة قوة أو قناعة، لأنه على النقيض فإن ذلك يعتبر علامة ضعف وهشاشة.

مقال للكاتب Guy Winch Author

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
فريق الإعداد

إعداد: ريم حلبي

تدقيق لغوي: سلمى الحبشي

تحرير/تنسيق: نهال أسامة

اترك تعليقا