هل تقبل صلاة السارق وهل يستجاب دعاؤه

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
الفقه وأصوله
.
١٧ مايو ٢٠٢١
قبل ٣ سنوات
قبول صلاة السارق مرده إلى الله تعالى، ولكن سرقته لا تمنع من قبول صلاته إذا أتى بها صحيحة مكتملة الأركان.

وقبول الصلاة له معنيان:

- قبولها: بمعنى سقوط المطالبة فيها بحيث لا يلزمه قضاؤها، وهذا لا تمنع منه السرقة بالإجماع، فلو أن السارق صلى قبل توبته فلا يقال له أعد الصلوات بعد توبتك ولا يطالب بالقضاء.

- قبولها: بمعنى كتابة أجرها عند الله ونيل ثوابها في الآخرة، فهذا أمره إلى الله، وإن كان يرجى له كتابة حسناتها أيضاً فليس من شرط قبول الحسنة والعمل الصالح التوبة من الكبائر، وإن كانت عدم توبته من الكبيرة دلالة أنه لم يأت بالعمل الصالح على أكمل وجه وإلا لكان نهاه عن المعصية.

مع أن الكبيرة تحبط ما يقابلها من الحسنات ولا تحبط جميع الحسنات كما هو مذهب أهل السنة والجماعة.

قال ابن تيمية رحمه الله (وأما الصحابة وأهل السنة والجماعة فعلى أن أهل الكبائر يخرجون من النار، ويشفع فيهم، وأن الكبيرة الواحدة لا تحبط جميع الحسنات؛ ولكن قد يحبط ما يقابلها عند أكثر أهل السنة، ولا يحبط جميع الحسنات إلا الكفر، كما لا يحبط جميع السيئات إلا التوبة، فصاحب الكبيرة إذا أتى بحسنات يبتغي بها رضا الله أثابه الله على ذلك وإن كان مستحقا للعقوبة على كبيرته..)

فعلى السارق أو أي صاحب معصية أن يلتزم بصلاته لعلها تنهاه عن معصيته، ولا يجمع بين الكبيرة وترك الصلاة فيكون قد جمع سوءًاً على سوء.

أما دعاؤه فما دام مقيماً على السرقة غير تائب منها فهو مظنة عدم قبول دعائه، لأن أكل المال الحرام مانع من موانع استجابة الدعاء.

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: "وذَكرَ الرَّجلَ يُطيلُ السَّفرَ أشعثَ أغبرَ يمدُّ يدَه إلى السَّماءِ يا ربِّ يا ربِّ ومطعمُه حرامٌ ومشربُه حرامٌ وملبسُه حرامٌ وغذِّيَ بالحرامِ فأنَّى يستجابُ لذلِك " (رواه مسلم).

فهذا السارق ما دام يأكل ويتغذى بالمال الحرام ولم يتب من سرقته ويحاول إصلاح ما أفسد فإنه مظنة لعدم قبول دعائه، كما روي في الحديث: (تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ نِصْفَ اللَّيْلِ فَيُنَادِي مُنَادٍ: هَلْ مِنْ دَاعٍ فَيُسْتَجَابَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَيُعْطَى؟ هَلْ مِنْ مَكْرُوبٍ فَيُفَرَّجَ عَنْهُ؟ فَلا يَبْقَى مُسْلِمٌ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ إِلا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ إِلا زَانِيَةٌ تَسْعَى بِفَرْجِهَا أَوْ عَشَّارٌ).

فهذه الزانية والعشار يعني الذي يأخذ الضريبة من الناس بغير وجه حق لا يقبل دعاؤهم فالسارق أولى وأولى.

فعليه إن أراد قبول دعائه أن يسارع إلى التوبة وإعادة الحقوق لأصحابها ما استطاع إلى ذلك سبيلا.

والله أعلم