ما هي الفتن في سورة الكهف

ما هي الفتن في سورة الكهف ؟ يعد هذا السؤال من أكثر الأسئلة انتشارا علي منصات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث العربية، خصوصا وأن سورة الكهف يقرأها كافة المسلمون في شتي بقاع الأرض في يوم الجمعة، وهذا نظرا لما تحمله هذه السورة المباركة من فضائل وفوائد لقارئها، ولهذا فتحرص كافة الأمة الإسلامية علي قراءتها في كل يوم جمعة.

ومن الجدير بالذكر هو أن سورة الكهف، لا تقتصر علي كون أنها تحمل في طياتها العديد من القصص التي تسردها فقط، حيث أنها تحمل طيات آياتها العديد من العبر والفتن، والتي يجب علي العبد المسلم تجنب الوقوع فيها، علاوة عن كون أن أبو الدرداء رضي الله عنه وأرضاه، قد روي عن حبيبنا المصطفي صلوات ربي وسلامه عليه بأنه قد قال ” مَن حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ “.

وبناءا علي كون أن التساؤلات حول سورة الكهف قد كثرت في الآونة الأخيرة، وخصوصا حول الفتن المتواجدة في طيات آيات السورة، فستحمل طيات السطور الأتية في مقالنا عبر موسوعة ، كافة الفتن التي نصت عليها السورة، علاوة عن توضيح سبب نزول السورة، وما هو فضل قراءتها، بجانب التعريف بالسورة بشكل عام.

ما هي الفتن في سورة الكهف

من الجدير بالذكر هو أن سورة الكهف واحدة من أعزم سور القرآن الكريم، فعلي الرغم من كون أن الله تبارك في علاه قد خص كل سورة في كتابه الكريم ببعض الفضائل التي تجعل العبد في حالة سعى مستمر لقراءة السور بغرض الحصول علي فضائلها، إلا أن لسورة الكهف الكثير من الفضائل التي تجعلها واحدة من أقرب السور إلى قلب العبد، خصوصا وأنها تحتوي علي العديد من القصص التي تجذب القُراء لمعرفة الفتن المتواجدة بها والتعلم منها وتجنبها، خصوصا وأن هذه الفتن ليست واحدة ولا اثنتين وإنما أربع فتن، وهذه الفتن تعد هي أساس حديثنا اليوم، وبناءا علي كون أن السؤال عنها في حالة تزايد مستمر، فسنعمل علي سرد كافة هذه الفتن فيما يلي من سطور.

فتنة الدين

• والتي تعد أولي الفتن التي قد ذكرت في سورة الكهف، وهي فتنة الدين والتي حامت حول مجموعة من الشباب المؤمنين بالله والمخلصين له، والذين كانوا يقومون بدعوة أهل قريتهم علي الرغم من كون أن حاكم هذه القرية كان حاكما ظالما.
• إلا أنهم لم يهابوا أو يكتموا إيمانهم، بل استمروا في دعوتهم لطريق الحق، حتي أعرض أهل القرية عنهم، ولكن لم يؤثر ذلك في قوة إيمانهم، فقد قال الله تعالي عنهم في كتابه الكريم بسورة الكهف في الآية رقم أربعة عشر ” وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا “.
• بل وحتي أنهم قد قاموا باضطهادهم محاربين إياهم، ومن ثم فقد أوحي الله لهم بأن يلجئوا إلى الكهف ليحتموا فيه، فيقول الله بسورة الكهف في الآية رقم ستة عشر ” وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا “.
• ومن ثم قد أختصهم الله بواحدة من أكبر المعجزات وهي أنهم قد ناموا في الكهف لمدة ثلاثمئة وتسع سنوات، فكان نجاتهم من الفتنة والاضطهاد هو أنهم قد تمسكوا بدينهم وحافظوا عليه، ومقابل ذلك فقد حفظهم الله، وذلك في قوله وأصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم، إلى أخر الآية.

فتنة المال

• فتنة المال تعد واحدة من أهم الفتن التي يعاني منها العالم بشكل عام، والأمة الإسلامية مؤخرا بشكل خاص، فقد أورد الله لنا فتنة المال من خلال قصة صاحب الجنتين، فقد قال تعالي عنه في كتابه الكريم في الآية رقم 32 من سورة الكهف ” وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا “.
• وتشمل فتنة المال علي هدف أن الله قد وزع أرزاقه وفقا لحكمته، فيتواجد يسير الحال ومن هو متعسر، فدارت القصة فيما بين الفقير المؤمن بالله حق الإيمان العالم بأن ما الدنيا إلا متاع الغرور، والغني صاحب الجنتين الذي قد فتن بماله.
• فنجد بأن صاحب الجنتين حينما قد رزقه الله بالجنتين المليئتين بنعيم الله، كان من المفترض أن يتضرع لله شاكرا، وإنما غفلته وفتنته بالمال قد أنسته شكر ربه، بل وجعلته متكبرا، فقال للفقير في الآية رقم 34 من سورة الكهف ” وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا “.
• وفي الآية رقم 35 وحتي الـ 36 يحكي بأن بأن صحاب الجنتين حينما دخل جنته قد قال ” وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا، وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًاوَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا، وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا “.
• بينما كان رد العبد الفقر بأنه مؤمن بالله وأنه كان عليه شكر ربه كي يديم عليه نعمته، وأن الله قادر علي إعطائي بما هو أفضل من هاتين الجنتين، وأنه عليه أن يخاف من غضب الله، وبالفعل فقد أرسل الله عليهما صاعقة أهلكت الجنتين، نظرا لكفره وعناده.
• وكان النجاة من فتنة المال متعلق في أمرين، وهو معرفة أنه لا دائم إلا وجه الله عز وجل، ولهذا فيجب علي مسلم فهم حقيقة وحال الدنيا الفانية، بينما الأمر الأخر هو التعلق بالأخرة بشكل دائم لا بالدنيا، فالتذكرة بالأخرة تمنع العبد من الوقوع في الغفلة التي لا رجعة منها.

فتنة العلم

• بينما فتنة العلم هي الفتنة الثالثة في هذه السورة المباركة، وهي قائمة علي رحلة نبي الله موسي مع الخضر، وهو حينما فتن سيدنا موسي بكونه هو أعلم أهل الأرض خصوصا وأنه واحد من أولي العزم من الرسل، وذلك بشهادة قومه، إلا أن الله عز وجل قد أوحي لموسي بأنه يوجد من هو أعلم منه.
• وبناءا علي هذا فذهب موسي إلى الأرض المتواجدة عند مجمع البحرين، وكان قد سافر لمسافة كبيرة وحينها قد أمر فتاه بأن يعطيه الطعام فقد نالوا من هذا السفر العناء والتعب، ومن ثم قد قابل موسي أعلم أهل الأرض، والذي يفوقه علما.
• وقبل أن يصاحب سيدنا موسي الخضر، قد شرط عليه الخضر بألا يسأله عن شيء حتي يحدثه عنه الخضر، وبالفعل قد وافق موسي مخبرا إياه بأنه سيطيعه ولن يعصيه، وخلال رحلتهم قد صادف ثلاث مواقف يحمل ظاهرها السوء، بينما الباطن هو الألطف والأفضل.
  • فكان الموقف الأول هو السفينة التي خرقها الخضر ليكون سببا في أن تكون معابة، وكان بسبب تواجد الملك الظالم الذي يغتصب السفن.
  • بينما الموقف الثاني كان الغلام الذي قد قتله الخضر، وكان السبب في قتله بأنه يظلم أبويه المؤمنين بعقوقه لهما.
  • أما الثالث والأخير فكان الجدار الذي كان علي وشك السقوط وقد بناه الخضر دون أن يطالب بأي مقابل، وكان لأنه يتواجد تحته كنزا لغلامين يتيمين في المدينة لأب صالح.
• إلا أن الجدير بالذكر هو أن موسي لم يستطع الصبر علي الاختبارات الثلاثة، فأخبره الخضر بتأويل أفعاله وتركه، يعد عامل النجاة من هذه الفتنة، وهو عدم الاغترار بالعلم، وهذا نظرا لكون أنه فوق كل علم عليم، علاوة عن كون أن التواضع ليس بالذل، فقد تواضع موسي وكان واحد من أولي العزم من الرسل.

فتنة السلطة

• وهي الفتنة الأخيرة، وهي قصة ذو القرنين الذي قد أتاه الله الملك والجاه، وكان يعرف بأنه ملك عادل لا يظلم أحدا، حتي أن الله قد مكن له الأسباب التي تعينه علي التمكين، حتي أنه قد مالك الدنيا من مشرقها وحتي مغربها.
• وبينما كان يطوف الأرض وصل إلى قوم لا يكادون يفقهون قولا، وهم الذين كانوا يشتكون من قوم يأجوج ومأجوج، فعلي الرغم من كون أنه قد مُكن من كل الأسباب إلا أنه قد طلب مساعدة القوم، وذلك كي يقوم ببناء سد فاصل بينهم وبين قوم يأجوج ومأجوج، ,الجدير بالذكر هو أنه بسبب هذا السد المتواجد حتي الآن نحن لا نعرف مكان تواجد هؤلاء القوم.
• وكان نجاة ذو القرنين من فتنة الجاه والملك، هو أنه شاكر لله رادا كل نعمه إلى فضل الله وقدرته، خصوصا وأن في ختام سورة الكهف قد حذر الله الناس من الغرور والكبر.

في النهاية ومع وصولنا لنقطة الختام في مقالنا الذي أجاب عن سؤال ما هي الفتن في سورة الكهف فنكون قد أشارنا إلى كون أن سورة القوم تقوم علي أربع فتن، ألا وهم فتنة العلم والمال والسلطة والدين.